ظهر في الجزائر مركز لمساعدة مدمني "فيسبوك"، والذين يصل عددهم إلى 10 ملايين مستخدم، في العودة إلى الواقع
لم يتأخر الجزائريون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد استحداث وزارة تعنى بالتكنولوجيات الحديثة، عملت على تسريع عملية التغطية الشاملة للإنترنت، على الرغم مما يشوب الخدمات من نقص.
بحسب مواقع جزائرية، فإنّ عدد مستخدمي "فيسبوك" الجزائريين يبلغ 10 ملايين شخص، أي ربع إجمالي السكان، بعدما كان عددهم في عام 2010 نحو 200 ألف مستخدم. وهم بهذا يحتلون المرتبة الثالثة عربياً بعد المصريين والمغاربة. وتراوح أعمار المستخدمين بين 13 و45 عاماً، مع تفوق للإناث على الذكور، إذ يمثّلن الثلثين.
لم تنتبه السلطات إلى قدرة هذا الموقع الاجتماعي على تشكيل رأي عام مستقل وضاغط، إلا في السنتين الأخيرتين، بعد تسريب أسئلة شهادة الثانوية العامة وما تبعها من ضجيج مسّ بهيبة الدولة، ما اضطر الحكومة إلى إعادة جزئية للامتحانات ودفع بالمنظومة الأمنية إلى تطوير آليات تعاطيها مع الجرائم الإلكترونية.
في هذا الإطار، شرعت بعض المخابر المختصة في إجراء دراسات واستطلاع رأي، بغية رصد ما سماه الإعلامي نجم الدين سي عثمان "المزاج الفيسبوكي العام"، في اختلافاته وتقاطعاته مع الواقع. يقول: "لم تقصّر الحكومة كثيراً في تحرير سوق الإنترنت في البلاد، لكنها قصّرت في وضع الآليات الكفيلة بتجنيب الشارع ثماره السيئة، من خلال تفعيل المنظومات المعنية بذلك".
يقول سي عثمان لـ"العربي الجديد" إنّ هناك جهلاً بطبيعة من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، ليس من المنظور البوليسي الذي تجاوزه الزمن، بل من المنظور الاجتماعي. يتابع: "الفراغ الكبير الناجم عن غياب مشروع ثقافي واقتصادي واجتماعي في الجزائر، جعل نسبة كبيرة من الجزائريين تتخذ من فيسبوك مهرباً لها من واقعها المر، فتقع في إدمان سلبي أراه شكلاً من أشكال الانتحار". ويسأل: "أليست طاقة مهدرة أن يمضي المستخدم عشر ساعات يومياً على فيسبوك، بغض النظر عن مهنته وتخصصه وما هو قادر على أن ينفع به المجتمع؟ هل فكرنا في البنيات والسلوكيات الجديدة التي سيثمرها هذا الإدمان/ الهروب في نسيجنا الاجتماعي الهش أصلاً؟".
اقــرأ أيضاً
لم يتأخر الجزائريون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد استحداث وزارة تعنى بالتكنولوجيات الحديثة، عملت على تسريع عملية التغطية الشاملة للإنترنت، على الرغم مما يشوب الخدمات من نقص.
بحسب مواقع جزائرية، فإنّ عدد مستخدمي "فيسبوك" الجزائريين يبلغ 10 ملايين شخص، أي ربع إجمالي السكان، بعدما كان عددهم في عام 2010 نحو 200 ألف مستخدم. وهم بهذا يحتلون المرتبة الثالثة عربياً بعد المصريين والمغاربة. وتراوح أعمار المستخدمين بين 13 و45 عاماً، مع تفوق للإناث على الذكور، إذ يمثّلن الثلثين.
لم تنتبه السلطات إلى قدرة هذا الموقع الاجتماعي على تشكيل رأي عام مستقل وضاغط، إلا في السنتين الأخيرتين، بعد تسريب أسئلة شهادة الثانوية العامة وما تبعها من ضجيج مسّ بهيبة الدولة، ما اضطر الحكومة إلى إعادة جزئية للامتحانات ودفع بالمنظومة الأمنية إلى تطوير آليات تعاطيها مع الجرائم الإلكترونية.
في هذا الإطار، شرعت بعض المخابر المختصة في إجراء دراسات واستطلاع رأي، بغية رصد ما سماه الإعلامي نجم الدين سي عثمان "المزاج الفيسبوكي العام"، في اختلافاته وتقاطعاته مع الواقع. يقول: "لم تقصّر الحكومة كثيراً في تحرير سوق الإنترنت في البلاد، لكنها قصّرت في وضع الآليات الكفيلة بتجنيب الشارع ثماره السيئة، من خلال تفعيل المنظومات المعنية بذلك".
يقول سي عثمان لـ"العربي الجديد" إنّ هناك جهلاً بطبيعة من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، ليس من المنظور البوليسي الذي تجاوزه الزمن، بل من المنظور الاجتماعي. يتابع: "الفراغ الكبير الناجم عن غياب مشروع ثقافي واقتصادي واجتماعي في الجزائر، جعل نسبة كبيرة من الجزائريين تتخذ من فيسبوك مهرباً لها من واقعها المر، فتقع في إدمان سلبي أراه شكلاً من أشكال الانتحار". ويسأل: "أليست طاقة مهدرة أن يمضي المستخدم عشر ساعات يومياً على فيسبوك، بغض النظر عن مهنته وتخصصه وما هو قادر على أن ينفع به المجتمع؟ هل فكرنا في البنيات والسلوكيات الجديدة التي سيثمرها هذا الإدمان/ الهروب في نسيجنا الاجتماعي الهش أصلاً؟".
في ظل هذا الواقع، أنشأت "المؤسسة العمومية للصحة الجوارية" في شير منتوري، في مدينة قسنطينة شرقاً، قسماً لعلاج إدمان "فيسبوك" باعتباره أكثر المواقع الاجتماعية انتشاراً في الجزائر، ضمن "المركز الوسيط لعلاج المدمنين"، يضمّ طبيبتين نفسيتين وطبيبتين متخصصتين في الأعصاب وطبيبين عامين ومساعدتين اجتماعيتين.
القسم الذي شرع مجاناً في استقبال "مرضاه" في مايو/ أيار الماضي، يعدّ الثالث عالمياً بعد مركزين شبيهين في الصين وكوريا الجنوبية، والأول عربياً وأفريقياً. ويسعى، بحسب مديره رؤوف بوقفة، إلى مساعدة مدمني الإنترنت عموماً و"فيسبوك" خصوصاً على التوفيق بين واقعهم الذي أهملوه وحاجتهم إلى مواكبة الفضاء الافتراضي. يقول: "كثيرون لا يدركون خطورة أن يفقدوا التوفيق بين الواقعي والافتراضي، إلّا بعد خسائر فادحة في الواقع. قد يخسرون الأسرة أو الدراسة أو التجارة أو العلاقات الإنسانية الحية".
يقول بوقفة إنّ المركز يعتمد معايير تشخيص أعراض إدمان الإنترنت، من خلال النقاط العشرين التي حددتها الخبيرة النفسية الأميركية كيمبرلي يونغ ومنها: "استخدام الإنترنت أكثر من المتوقع، وإهمال الواجبات المنزلية، والميل إلى البقاء متصلاً بالشبكة أكثر من الميل إلى مجالسة الأهل والأصدقاء، وتكرار تذمر الأسرة من هذا السلوك، وتراجع العلامات الدراسية، وإعطاء الأولوية للاطلاع على الإنترنت على حساب واجبات أسرية ومهنية، والإحساس بالكآبة عند انقطاع الإنترنت".
ويتوقع بوقفة أن تزيد أعداد المستفيدين من المركز بعد انتشار خبر إنشائه. ويشير إلى أنّه حذرهم من أنّ الأضرار التي تترتب على استخدامهم السلبي لـ"فيسبوك"، لا تمسهم وحدهم فقط بل تشمل المجتمع والأسرة والأصدقاء أيضاً. "ما معنى أن نغرق في فيسبوك نصف ساعات الدوام الذي يقتضي منا الانتباه والمواكبة والوقوف على تفاصيل العمل؟ أو ندردش مع صديق افتراضي قد لا تسمح الظروف أن نلتقيه أصلاً، فيما الأم أو الزوجة أو البنت مهملة على بعد أمتار؟".
وعن هوية الذين قصدوا المركز حتى الآن، يكشف بوفقة أنه بالإضافة إلى الطلاب والشباب، فإنّ نخبة من الفنانين والرياضيين ورجال الأعمال فعلت ذلك. يضيف: "لا يرى كثيرون في الاعتراف بهذا النوع من الإدمان أيّ عيب أو إساءة، على العكس من إدمان الخمر والحشيش مثلاً. لذلك، نتوقع أن تقصدنا كلّ الشرائح مستقبلاً".
كذلك حصلت "العربي الجديد" على اعترافات بعض المدمنين. تقول محجوبة التي تملك ورشة خياطة إنّ مردودها في العمل تراجع في السنوات الثلاث الأخيرة لدرجة أنها راحت تفقد زبونات كثيرات، نتيجة مماطلتها في الوفاء بالطلبيات. تضيف: "كنت أنوي في البداية استغلال فيسبوك في توسيع دائرة الزبونات، فإذ به يتسبب في نفور من كنّ موجودات أصلاً".
اقــرأ أيضاً
القسم الذي شرع مجاناً في استقبال "مرضاه" في مايو/ أيار الماضي، يعدّ الثالث عالمياً بعد مركزين شبيهين في الصين وكوريا الجنوبية، والأول عربياً وأفريقياً. ويسعى، بحسب مديره رؤوف بوقفة، إلى مساعدة مدمني الإنترنت عموماً و"فيسبوك" خصوصاً على التوفيق بين واقعهم الذي أهملوه وحاجتهم إلى مواكبة الفضاء الافتراضي. يقول: "كثيرون لا يدركون خطورة أن يفقدوا التوفيق بين الواقعي والافتراضي، إلّا بعد خسائر فادحة في الواقع. قد يخسرون الأسرة أو الدراسة أو التجارة أو العلاقات الإنسانية الحية".
يقول بوقفة إنّ المركز يعتمد معايير تشخيص أعراض إدمان الإنترنت، من خلال النقاط العشرين التي حددتها الخبيرة النفسية الأميركية كيمبرلي يونغ ومنها: "استخدام الإنترنت أكثر من المتوقع، وإهمال الواجبات المنزلية، والميل إلى البقاء متصلاً بالشبكة أكثر من الميل إلى مجالسة الأهل والأصدقاء، وتكرار تذمر الأسرة من هذا السلوك، وتراجع العلامات الدراسية، وإعطاء الأولوية للاطلاع على الإنترنت على حساب واجبات أسرية ومهنية، والإحساس بالكآبة عند انقطاع الإنترنت".
ويتوقع بوقفة أن تزيد أعداد المستفيدين من المركز بعد انتشار خبر إنشائه. ويشير إلى أنّه حذرهم من أنّ الأضرار التي تترتب على استخدامهم السلبي لـ"فيسبوك"، لا تمسهم وحدهم فقط بل تشمل المجتمع والأسرة والأصدقاء أيضاً. "ما معنى أن نغرق في فيسبوك نصف ساعات الدوام الذي يقتضي منا الانتباه والمواكبة والوقوف على تفاصيل العمل؟ أو ندردش مع صديق افتراضي قد لا تسمح الظروف أن نلتقيه أصلاً، فيما الأم أو الزوجة أو البنت مهملة على بعد أمتار؟".
وعن هوية الذين قصدوا المركز حتى الآن، يكشف بوفقة أنه بالإضافة إلى الطلاب والشباب، فإنّ نخبة من الفنانين والرياضيين ورجال الأعمال فعلت ذلك. يضيف: "لا يرى كثيرون في الاعتراف بهذا النوع من الإدمان أيّ عيب أو إساءة، على العكس من إدمان الخمر والحشيش مثلاً. لذلك، نتوقع أن تقصدنا كلّ الشرائح مستقبلاً".
كذلك حصلت "العربي الجديد" على اعترافات بعض المدمنين. تقول محجوبة التي تملك ورشة خياطة إنّ مردودها في العمل تراجع في السنوات الثلاث الأخيرة لدرجة أنها راحت تفقد زبونات كثيرات، نتيجة مماطلتها في الوفاء بالطلبيات. تضيف: "كنت أنوي في البداية استغلال فيسبوك في توسيع دائرة الزبونات، فإذ به يتسبب في نفور من كنّ موجودات أصلاً".