مركز إسرائيلي يستبعد نجاح الحظر الاقتصادي الأميركي على طهران

25 نوفمبر 2018
أسواق طهران غنية بالبضائع رغم الحظر (Getty)
+ الخط -

استبعدت دراسة إسرائيلية أن تنجح العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران في إحداث تحوّل على سياسات طهران.

ونوهت الدراسة الصادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يهدف من فرض العقوبات إلى إجبار طهران على التفاوض من جديد وفتح الاتفاق النووي، بل يسعى إلى توظيف نظام العقوبات في بلورة بيئة داخلية تفضي إلى إسقاط نظام الحكم الإيراني.

وأوضحت الدراسة، التي أعدها الباحثان ساسون حداد وتومر فدلون، أن كل المؤشرات تدل على أن إدارة ترامب تستغل قضية اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في دفع نظام الحكم في الرياض إلى زيادة صادرات السعودية من النفط لتغطية النقص الناجم عن خفض أو توقّف إصدار النفط الإيراني لضمان عدم ارتفاع أسعار الطاقة.

وحسب معدّي الدراسة، التي نُشرت أمس الأحد على موقع المركز، فإن ما يدل على تأثير قضية خاشقجي على استعداد الرياض لزيادة صادراتها النفطية، إعلان وزير النفط السعودي، خالد الفالح، أن الرياض مستعدة لرفع قيمة إنتاجها إلى 12 مليون برميل يومياً.

وأوضح الباحثان أن ما يقدم عليه ولي العهد محمد بن سلمان يتعارض بشكل مطلق مع المصالح القومية للسعودية، على اعتبار أن السعوديين كانوا يشتكون قبل تفجّر قضية خاشقجي من انخفاض أسعار النفط، وأنهم بصدد تخفيض الإنتاج من أجل ضمان رفع الأسعار وتحسين إيرادات المملكة.



وأشار الباحثان إلى أن دور السعودية في إنجاح العقوبات على إيران يعد حاسماً، حيث لفتا إلى أن الرياض عمدت، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى زيادة صادراتها من النفط، حيث بلغ معدل صادراتها في هذا الشهر 10.7 ملايين برميل يومياً، وهو ما يمثل زيادة بنصف مليون برميل، مقارنة مع الكمية التي كانت تنتجها عند إعلان واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي.

وحسب "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، فإن إيران معروفة بقدرتها على تجاوز العقوبات وتقليص تأثيرها، وأن طهران تمكنت، في الماضي، من تجاوز الضغوط التي مورست عليها من دون أن تخضع لتأثير العقوبات وتتحول عن مركبات رئيسة في سياساتها.

وأشارت دراسة المركز إلى أن احتياطات إيران من النقد الأجنبي قفزت في أعقاب رفع العقوبات الدولية إثر التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2016 إلى 100 مليار دولار. منوهة إلى أن هذا الاحتياطي يمكّن طهران من الصمود حتى بعد انقضاء مدة عدم الالتزام بتنفيذ العقوبات التي منحتها الولايات المتحدة لثماني دول.

وحسب الدراسة، فإنه سيتم قياس فاعلية العقوبات الأميركية بحجم الإيرادات الإيرانية من تصدير النفط، مشيرة إلى أن العقوبات ستعد قصة نجاح في حال تمكّن الأميركيون من عدم تمكين الإيرانيين من تصدير أية كمية من نفطهم بدون إحداث تغيير على أسعار النفط في العالم.

واستدرك معدا الدراسة أنه حتى لو اتبعت الولايات المتحدة كل الوسائل التي ستمكّنها من تحقيق الهدف من العقوبات، فإن هذا الأمر سيتطلب مرور وقت كبير قبل أن تنجح في منع إيران من تصدير النفط بشكل نهائي.

وعلى الرغم من تجنيد السعودية لصالح إنجاح العقوبات الأميركية، فإن الدراسة تشكك في نجاحها، لأن اضطرار واشنطن إلى السماح لكل من الهند، تركيا، الصين، اليابان، تايوان، كوريا الجنوبية، إيطاليا، واليونان، بمواصلة استيراد النفط الإيراني لفترة محدودة، سيسمح لطهران بتصدير مليون برميل يومياً، مرجحة أن الإيرانيين يبدون مطمئنين إلى قدرتهم على مواصلة تصدير النفط، حتى بعد انتهاء المدة المسموح لهذه الدول باستيراد النفط الإيراني خلالها.



ورجحت الدراسة أن تلجأ إيران إلى تهريب النفط وبيعه عن طريق البحر، من دون أن تكون لأميركا قدرة على رصد ذلك، أو نقله عبر اليابسة إلى دول مجاورة، مثل: تركيا، باكستان، أفغانستان، روسيا، مدعية أن هناك شركات روسية ذات خبرة في مجال تهريب النفط.

ولاحظت الدراسة أنه سيتم تقليص تأثير العقوبات التي فرضتها أميركا على النظام المصرفي الإيراني بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عن نظام دفع لتجاوز العقوبات " SPV"، لتمكين الشركات الأوروبية من مواصلة الاتجار مع إيران؛ مستدركة أن هذا النظام لن يخدم الشركات الأوروبية الكبرى التي غادرت السوق الإيراني بالفعل. واعتبرت أن الخطوة الأوروبية تنحصر في الدلالات السياسية، على اعتبار أن الأوروبيين معنيون بالإيضاح لطهران بأنهم لا يتعاونون مع نظام العقوبات الأميركي.

وأوضحت الدراسة أن الرهان الأميركي على دور موجة العقوبات الأخيرة في إحداث تحوّل على سياسات طهران وإجبارها على إعادة فتح الاتفاق النووي، ينطلق من افتراض مفاده بأن تصدير النفط يمثل 70% من إيرادات الدولة الإيرانية في عام 2017، حيث بلغت في نفس العام 50 مليار دولار، مما يقلص هامش المناورة أمام صناع القرار في طهران.

ولفت معدا الدراسة الأنظار إلى أنه قد تم تصميم موجة العقوبات الأخيرة لتكون ذات تأثير متكامل، حيث أشارا إلى أن واشنطن حظرت على الشركات الأميركية والعالمية التعامل مع شركات النفط الإيرانية، إلى جانب منع البنوك الدولية من التعامل مع نظيرتها الإيرانية، وحرمان الإيرانيين من مزايا شركات المقاصة العالمية.

وحسب الدراسة، فقد وضعت موجة العقوبات الأخيرة 700 مؤسسة وشخصية إيرانية ضمن القائمة السوداء والتي ستتعرض لعقوبات خاصة، منوهة إلى أن "القائمة السوداء" التي شملتها العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عام 2015 ضمن 400 مؤسسة وشخصية إيرانية فقط.

وأشارت إلى أن فرض الموجة الأخيرة من العقوبات يتزامن مع حدوث زيادة كبيرة على انتاج النفط بسبب استخدام تقنيات متقدمة في استخراجه مما أدى تأثير صادرات النفط الإيرانية على سوق الطاقة العالمي، مشيرة إلى أن صادرات النفط الإيراني تمثل أقل من 5% من صادرات النفط في العالم.

المساهمون