ويزداد عدد مرضى السرطان المتكفل بهم في المغرب ليصل إلى 200 ألف مصاب بهذا الداء، كما أن عدد الإصابات بدوره يعرف تناميا مضطردا، حيث يتم تسجيل 40 ألف إصابة بالسرطان كل سنة في البلاد، وفق آخر إحصائيات كشفت عنها وزارة الصحة المغربية.
وبحسب الأرقام الرسمية، فإن النساء يتصدرن عدد المصابين بالسرطان في المغرب، حيث يأتي سرطان الثدي على رأس قائمة السرطانات بنسبة تصل إلى 36 في المائة، ويأتي سرطان عنق الرحم في المرتبة الثانية بنسبة 11.2 في المائة، في حين يحل سرطان الغدة الدرقية في المرتبة الثالثة بـ8.6 بالمائة، وسرطان القولون والمستقيم رابعاً بـ5.9 في المائة.
وتوضح الأرقام أن سرطان الرئة يأتي على رأس السرطانات التي تصيب الرجال في المغرب، بسبب كثرة التدخين الذي يعد أول الأسباب المفضية إليه، وذلك بنسبة تصل إلى 22 في المائة، ويحل سرطان البروستات ثانياً بمعدل يبلغ 12.6 في المائة، ويحل ثالثاً سرطان القولون والمستقيم بنسبة 7.9 في المائة، وفق آخر الإحصائيات الرسمية.
وتعزو الأسباب وراء تنامي حالات الإصابة بالسرطان إلى التدخين خصوصاً بالنسبة للرجال، وأيضاً الخمول البدني ما يؤدي إلى أمراض السمنة والكولسترول التي قد تتسبب في السرطان، وأيضاً إلى شرب الكحول، واتباع نظام غذائي غير سليم بالإكثار من اللحوم والمقليات، فيما تنصح وزارة الصحة بـ"الوقاية من المرض من خلال الكشف المبكر للسرطان، لأن ذلك قد ينقذ الأرواح، ويقلل من تكاليف العلاج".
وتبعا لذات الأرقام الرسمية، تكفلت المصالح الطبية المختصة في المغرب بزهاء 200 ألف حالة مصابين بالسرطان، كما استفاد أكثر من مليون و600 ألف امرأة من الكشف عن سرطان الثدي، بنسبة تغطية لمجموع النساء المستهدفات تصل إلى 32 في المائة.
ويتواجد بالمغرب تسعة مراكز لعلاج السرطان في مدن الرباط، والدار البيضاء، وأغادير، ووجدة، والحسيمة، وطنجة، ومراكش، وفاس، ومكناس، إضافة إلى مركزين متخصصين في علم الأورام النسائية، ومركزين آخرين لطب الأورام عند الأطفال بالرباط والدار البيضاء.
ورغم هذه المجهودات الملحوظة المبذولة من طرف الدولة، وإحراز تقدم لافت في التكفل بالمصابين بالسرطان خاصة بفضل مركز لالة سلمى للوقاية من السرطان، فإن هناك نقصا في التكفل بجميع حالات السرطان لعدم توفر مركز العلاج في عدد من المناطق، من قبيل منطقة الريف حيث يطالب السكان بتوفير مشفى متخصص في علاج هذا الداء.
ومن المفارقات أن منطقة الريف التي لا تتوفر على مستشفى خاص بعلاج ومتابعة المصابين بداء السرطان، هي التي تعرف أكبر عدد من مرضى السرطان، نتيجة عوامل تاريخية تتمثل في "الغازات السامة" التي استخدمها الجيش الإسباني للقضاء على المقاومة الريفية حينها، إذ تشير أرقام غير رسمية إلى أن 80 في المائة من إصابات السرطان تأتي من منطقة الشمال وتحديداً من الريف.
عائشة بنسالم، وهي إحدى قاطنات منطقة الريف، تعاني من مرض السرطان منذ أربع سنوات مضت، تقول حول تجربتها مع "المرض الخبيث" في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إنها صدمت بخبر إصابتها بهذا الداء، مثلما كانت والدتها أصيبت به من قبل وتوفيت قبل سنوات من جراء عدم تعافيها من المرض.
وتحكي عائشة أنها تعاني من مواكبة العلاج الكيميائي لسرطان الرحم الذي أصيبت به بسبب عدم وجود مستشفى خاص بعلاج الداء في مدينة الحسيمة، الأمر الذي اضطرها إلى السفر صوب الرباط لمتابعة العلاج في أحد مراكز علاج السرطان، لتبيت هناك عند أحد أقربائها.
وتوضح عائشة أنه بعد الصدمة النفسية التي منيت بها جراء معرفتها بإصابتها بالمرض الخبيث جاء الدور على الصدمة المالية لغلاء الأدوية وأيضا لتكاليف السفر إلى العاصمة كل مرة عند تلقي العلاج الكيميائي، مطالبة المسؤولين عن قطاع الصحة بتوفير مركز لعلاج السرطان في الحسيمة حتى لا يضطر عشرات المرضى إلى تكبد عناء السفر صوب مدن أخرى.
شاب آخر يدعى أمين الكتاني، وهو بطل مغربي في رياضة "كيك بوكسينغ"، رفع علم بلاده في عدة محافل عربية ودولية، قبل أن يفاجأ مؤخرا بأنه مريض بالسرطان، وهو ما شكل له صدمة نفسية وجسدية كبيرة ما زال يعاني من آثارها، حيث تحولت بنيته القوية إلى شبه شبح هزيل.
وأستبد مرض سرطان المعدة بجسد الشاب الرياضي قبل سنتين، فبدأ رحلة العلاج الشاقة من مدينة آسفي التي يقطن فيها رفقة أسرته إلى مشفى بمدينة مراكش، غير أن حالته الصحية لم تتحسن، فنصحه الأطباء بالتوجه إلى مصحة خاصة تتوفر بها المعدات الضرورية، غير أن حالته المادية لم تكن لتسمح بذلك، فاضطر إلى طلب مساعدة المحسنين، فتجند فنانون ورياضيون لإقامة حفلات وأنشطة سيذهب ريعها المادي لفائدة الشاب المريض.