مرسي .. عام في اللاحكم

25 سبتمبر 2014
+ الخط -

في ضوء الاعترافات المتوالية في مصر لقادة في الأجهزة الأمنية المختلفة والإعلام وغيرها من المواقع النافذة في الدولة، والتي تؤكد ما كنا نعلمه جميعًا من تواطؤ كل هذه الأجهزة، مجتمعة، على إفشال حكم الرئيس محمد مرسي، وباعترافات موثقة، وليس بمجرد ظنون يقبلها عقل، ويردها عقل آخر، يمكننا القول، الآن، وبضمير مطمئن، إن أكبر شهادة وجهت إلى نزاهة الرئيس مرسي وشرفه، هي الجملة الشهيرة التي كان يرددها أعداؤه وخصومه: "أن الجيش والشرطة والقضاء والإعلام كانوا ضده". أصبحت هذه الجملة، الآن، أعظم مدح يوجه لعهد الرئيس مرسي، وتحولت من ذم لعهده إلى عذر له!

عندما كان خصوم الرئيس مرسي يرددون هذه العبارة، كانوا يعنون أن سياساته هي التي جعلت الجيش والشرطة والقضاء والإعلام ضده، بينما تشهد الاعترافات المتوالية والأحوال الظاهرة لأقطاب هذه الأطراف أنه، منذ اليوم الأول لحكمه، وهذه الأجهزة ليست ضده فقط نفسياً، بل عملياً، وها هو وكيل جهاز المخابرات يعترف أنهم لم يعطوا مرسي "معلومة واحدة صحيحة" في فترة حكمه، وها وزير الداخلية يعترف أن وزارة الداخلية اعتبرت نفسها في إجازة في فترة حكمه!

وقد يقول أحدهم، سلمنا بأن الجيش والشرطة والقضاء والإعلام كانوا ضده، ومنذ اليوم الأول، فلماذا لم يحاول استقطابهم! أو استقطاب بعضهم، فلا يجمع جميع الجبهات عليه. في الواقع، وإن كان لهذا المنطق وجاهة، من الناحية النظرية والنفعية، إلا أنه، من الناحية العملية، وبغض النظر عن كل شيء، هو شهادة تامة بشرف هذا الرجل، وأنه من معدن نظيف كريم، بغض النظر عن النجاح والفشل الذي سيخضع كثيرًا لإعادة التقييم، مع استمرار تكشف الحقائق، كما خضع، بالفعل، لإعادة التقييم في عام واحد.

لا شك أن عهد الرئيس مرسي آل إلى الفشل، لكننا الآن، ومع توالي الاعترافات الموثقة وتتابع المعلومات، نعلم أن معظم هذا الفشل كان مصطنعاً ومصنعاً وسابق التجهيز، ومع سبق الإصرار والترصد، وأن نصيب الرئيس من هذا الفشل أقل بكثير مما كنا نظن.

عزيزي الرئيس الأسير، في القلب غضب منك، أصبح يقل يوماً بعد آخر، مع كل تكشف لما كان يحيط بك، حتى إنني، الآن، لا أستبعد أن يأتي يوم قريب، نعتبر فيه أنك صانع معجزة البقاء في تلك الأجواء المسمومة عاماً. ولكن، في كل الأحوال، ومع كل ما عرفناه، الآن وما زال يتكشف، نحسبك، من أهل النزاهة والشرف وعدم الانصياع للفساد، ورفض مجاراته.

avata
avata
يحيى حسن عمر (مصر)
يحيى حسن عمر (مصر)