مديونية الأردن تتخطى الناتج المحلي الإجمالي

07 اغسطس 2020
كورونا فاقم المشاكل الاقتصادية (خليل مزرواي/فرانس برس)
+ الخط -

لأول مرة في تاريخ الأردن تتخطى المديونية العامة الناتج المحلي الإجمالي وتبعد كثيرا عن المستويات المستهدفة في قانون إدارة الدين العام الذي أصدرته الحكومة عام 2001 بهدف السيطرة على مديونية البلاد، في إطار خطة كانت موجهة لتحسين الوضع الاقتصادي والحد من تدهوره في أعقاب عدة أزمات تعرّض لها.
وحسب أحدث بيانات حكومية، فقد ارتفعت مديونية الأردن إلى 44.3 مليار دولار، بزيادة مقدارها حوالي 1.84 مليار دولار خلال الثلث الأول من العام الحالي، مشكلا ما نسبته 101.7% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 96.7% مع نهاية عام 2019.
وتوقع البنك الدولي أن يبلغ الدين العام في الأردن مستوى يزيد على 107% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام الحالي، بسبب تأثيرات أزمة جائحة كورونا، وأن يستمر نمو الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وصولاً إلى 108.5% خلال العام المقبل.
ورجّح خبراء اقتصاد أن تواصل الحكومة عمليات الاقتراض من الداخل والخارج لتغطية عجز الموازنة، إضافة إلى مواجهة الأعباء الناتجة عن أزمة كورونا، خاصة مع تراجع الإيرادات المحلية وحاجة العديد من القطاعات الاقتصادية إلى المساعدة.
ويرى خبراء أن الارتفاع المضطرد للمديونية العامة يلقي بأعباء ثقيلة على الاقتصاد الأردني لسنوات طويلة، حيث سترتفع أعباء أقساط القروض وفوائدها، وتعذّر تنفيذ العديد من المشاريع والبرامج التنموية ذات الأولوية التي تحتاجها البلاد في هذه المرحلة.
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش، لـ"العربي الجديد"، إن الدين العام للأردن تخطى منذ أكثر من 10 سنوات النسبة المستهدفة في قانون إدارة الدين العام الذي أصدرته الحكومة لإلزام نفسها بعدم التوسع في الاقتراض من الداخل والخارج، لكنها تجاوزت القانون ولم تطبيقه نهائيا.

وأشار إلى أن القانون نص على عدم جواز تخطي المديونية ما نسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن اليوم نتحدث عن مستويات زادت عن الناتج المحلي وتجاوزت الناتج بكثير. وبإجماع الخبراء والمؤسسات المالية الدولية، فإن حجم الدين سيواصل ارتفاعه خلال السنوات القليلة المقبلة.
وقال إن الضغوطات المالية الناتجة عن المديونية ستضيف تحديات كثيرة إلى الموازنة العامة التي ستبقى تعاني من ارتفاع العجز، لا سيما مع ارتفاع أقساط وفوائد الدين العام، مشيرا إلى أن الانكماش الاقتصادي الناتج عن أزمة كورونا قد يحد من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها للجهات الدائنة، ما يدفعها إلى استبدال دين بدين.
واعتبرت الحكومة، في وقت سابق، تجاوز المديونية قانون إدارة الدين العام بالأمر المقبول ولا يعد ذلك مخالفة، حيث تم تجميد العمل بهذا التشريع ضمانا لعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على الإبقاء على النسب المستهدفة في القانون.
وقال المحلل الاقتصادي مازن مرجي، لـ"العربي الجديد"، إن ضعف الأداء الاقتصادي وفشل السياسات الاقتصادية على مدى أكثر من 15 عاما أدى إلى تفاقم مشكلة المديونية، لدرجة أنها أصبحت ولأول مرة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد أن أمام الحكومة العديد من الخيارات لتنشيط الوضع الاقتصادي وزيادة الإيرادات المحلية، من خلال الاهتمام أكثر ببيئة الاستثمار وتسريع مشروعات الطاقة الشمسية واستغلال الصخر الزيتي وكذلك تحسين البنى التحتية، خاصة في المناطق التنموية وذات الجاذبية الاستثمارية.
كما أشار إلى أهمية معالجة ملفات الفساد الكبرى، والتي لم يتم الانتهاء منها منذ عدة سنوات، خاصة المبالغ المترتبة على خصخصة شركات محلية في قطاعات التعدين والاتصالات وغيرها.

المساهمون