غرّدت 4 مهندسات فلسطينيات خارج الواقع الصعب في مشروع تخرجهن الجامعي، إذ لم يأبهن بالصورة المُحبطة للقطاع المُحاصر، وحققن الجزء النظري من حُلمهن في بناء "مدينة مائية" تدمج بين اليابسة والماء داخل مُتنفسهن الوحيد في مدينة غزة.
مروة المجايدة وعلا الشوا وأسيل الريس وألاء المزيني، أنهين دراستهن لتخصص الهندسة المعمارية من الجامعة الإسلامية في غزة، ووضعن مشروعهن المتعلق بالمدينة المائية، مِسك الختام لهن، قبيل مرحلة أخرى من البحث عن حبل نجاة من طابور البطالة في القطاع، أو إكمال الدراسات العُليا، ولمَ لا؟ "أعجوبة" قد تُحول مشروعهن واقعًا.
قبيل الفصل الأخير لهن بالجامعة، كان ارتياد الطالبات الأربعة إلى مكانهن المفضل في بحر غزة إلهامًا لهن للوصول لفكرة ذلك المشروع، حيث وصل بهن إلى تصميم مدينة مائية كاملة تخدم الجانب السياحي والثقافي، على الرغم من مُحيط الإحباط الملاصق لهن، والذي طالبهن بعدم "الذهاب في خيالهن إلى أكبر مما يستوعبه واقع القطاع".
وأوضحت المجايدة 23 عامًا، لـ"العربي الجديد"، أن المشروع هو "قرية سياحية ثقافية وتتكون من فندق ومجموعة من الشاليهات ومتحف للأحياء المائية، إضافة لعدد من المطاعم وحدائق ترفيهية وخدمات عامة، في إطار يخدم جميع الفئات التي تبحث عن الترفيه والنقاهة، كما تعزيز الثقافة على المستوى المحلي والعالمي".
وبينت المهندسة الغزّية أن الفكرة تتمثل في دمج اليابسة مع الماء بواسطة لسان صناعي يتمثل في شارع يستمر من القرية إلى داخل البحر، وينتهي بجزيرة صناعية، وخطوط المشروع الانسيابية مستوحاة من أمواج البحر، بالإضافة لدمج خطوط أوراق الشجر بالمشروع كونها ترمز إلى الطبيعة والاستدامة.
أمّا الشوا التي جلست بجانب زميلتها، فلفتت إلى أن المشروع يأخذ مساحة 60 دونمًا (الدونم 1000 متر مربع) في اليابسة ومثلها في البحر، مشيرة إلى أن تصميم المدينة المائية تم بناءً على دراسة مستوى الشارع الذي يصل لـ 10 أمتار، ويتدرج نحو الأرض بـ 5 أمتار ومنها إلى مستوى الشاطئ.
وأضافت المهندسة الفلسطينية، 22 عامًا، لـ"العربي الجديد"، أن المشروع أخذ من وقتهن فصلاً كاملاً من البحث عن الإحصائيات والدراسات المتعلقة به، كما كانت تدرس وزميلاتها حلولاً لتوفير الكهرباء في المدينة المائية، كونهن أردن الوصول لفكرة تُنشط السياحة الداخلية بغزة بشكل مبدئي، وأيضاً السياحة الخارجية في حال "زال الحصار الإسرائيلي".
وعلى الرغم من خيالهن المُبدع في ابتكار هكذا مشروع هو الأول من نوعه في غزة، إلا أنهن يتمسكن بالأمل في زوال الحصار الإسرائيلي المطبق منذ 11 عامًا على القطاع أولاً، ومن ثم البدء بمشاريع تنموية وسياحية تتصدرها "المدينة المائية، لتُحيا به نفوس نحو مليوني مواطن يقبعون تحت هذه الغمامة السوداء.
وفي ذلك، قالت ثالثتهن الريس 22 عامًا: "بالطبع المشروع مُكلف جدًا، لكن كل شيء مرتبط بالحصار وزواله، إذا حدث ذلك، ستظهر أهمية هكذا مشاريع في غزة لتنشيط السياحة الداخلية والخارجية، صممنا هذا المشروع للتخرج من الجامعة، لكن الأمل يراودنا كما الأحلام في تحقيقه بالمستقبل".
وأشارت الريس في حديثها لـ"العربي الجديد" إلى أن المشروع يستخدم تقنيات موفرة لما نسبته 30 في المائة من الطاقة المستهلكة، من خلال الاستفادة من الطاقة المتجددة، وتوظيف الطاقة الشمسية بخدمة المدينة من خلال الحصول على واجهة جنوبية للمشروع، كجزء من نظام المبنى في اعتماده على الطاقة البديلة.
إلى ذلك، لم تُخف زميلتهن الأخيرة، المزيني، قلقها من الواقع المُحبط في غزة لمثل هذه المشاريع، في ظل غياب دور المؤسسات والجامعات في التسويق لتلك المشاريع بالخارج، لعلّها تلقى الصدى في تحقيقها، مؤكدةً على أن مشاريع الطلبة التي تنال إعجاب المؤسسات الحاضنة في الخارج تُطبق على أرض الواقع بشكل طبيعي.
وأكدت المزيني لـ"العربي الجديد" على أن مثل هذا المشروع يعزز من فكرة أن الغزّيين قادرون على منافسة الأفكار الحديثة بالخارج، لكن في ظل الواقع المحيط بغزة والحصار الإسرائيلي فإنها ستنصدم بذلك الجدار المُحبط، لكنها وزميلاتها يطمحن في "حلم" قد يحقق لهن مُرادهن في رؤية تعبهن أمرًا واقعيًا يزين شاطئ مدينة غزة.