ما أن وصل الطفل زيد خالد إلى مدرسته الابتدائية في بغداد حتى فرّ مرعوبا نحو أهله، فلم يعتد زيد أن يرى جموعاً عسكرية تحمل السلاح داخل المدرسة. فاجأ الموقف زيداً ومئات التلاميذ غيره، الذين عطلت مدارسهم بعد تحولها غير المعلن إلى ثكنات انتخابية، مع بدء تطبيق الخطة الأمنية للانتخابات البرلمانية.
وانتشرت قوات عسكرية في العديد من مدارس العراق، ونصبت فيها نقاط حراسة، استعداداً لتحويلها إلى مراكز انتخابية من دون سابق إنذار لإداراتها وتلامذتها.
وتقول والدة التلميذ زيد، لـ"العربي الجديد"، "لم نكن نتوقع أن تحول المدرسة بين ليلة وضحاها إلى موقع انتخابي وتتعطل الدراسة فيها"، مبينة أنّ ابنها "أنهى دوامه يوم الخميس، ولديه اليوم الأحد امتحان حسب تبليغ إدارة المدرسة، لكن تسليمها لمفوضية الانتخابات تم من دون سابق إنذار".
وأضافت "أصيب زيد بالرعب حين دخل بوابة المدرسة ورأى العديد من الجنود مدججين بالسلاح منتشرين داخلها، فهرب راكضاً نحو البيت"، مشيرة إلى أنّ "هذا الإجراء تسبب بإرباك برنامج الطلاب الدراسي، إذ إنّ عددا من الامتحانات سيؤجل، وتتراكم عليهم الدروس".
وتؤكد القيادات الأمنية أنّ أوامر الانتشار في المدارس جاءت من قبل الجهات العليا، وأنّ أغلب المدارس ستكون مراكز انتخابية، ما يتطلب تطبيق خطط أمنية داخلها وفي محيطها.
وقال ضابط في قيادة عمليات بغداد، لـ"العربي الجديد"، "تسلمنا أمرا بتطبيق خطة الانتخابات، والانتشار في المواقع والمراكز الانتخابية والتي منها المدارس"، مبينا أنّ "الأمر تم من دون سابق إنذار، وهذا من ضمن مسؤولية القيادات الأمنية التي يجب أن تنسق مسبقا مع وزارة التربية وإدارات المدارس".
وتابع "نقلنا تجهيزاتنا العسكرية بالكامل إلى تلك المراكز والمدارس، وانتشر عناصر الأمن داخلها وفي محيطها، كما نصبنا نقاط حماية على الأسطح وعند المداخل"، مبينا أنّ "المدارس صارت أشبه بالثكنات العسكرية، فهي مراكز انتخابية مهمة".
وتشكو إدارات المدارس، من عدم التنسيق المسبق معها، لتحويلها إلى ثكنات انتخابية، مؤكدة أنّ الإجراء كان مفاجئاً وأثر سلباً على سير العملية التعليمية.
وقال مدير إحدى مدارس بغداد، لـ"العربي الجديد"، "فوجئت صباح اليوم عند وصولي إلى المدرسة، ووجدت قوات أمنية فيها، أخذوا المفاتيح من الحارس، وانتشروا في الصفوف والقاعات الدراسية ومكتب الإدارة أيضاً"، مضيفاً "تصورت أنّ ما يجري هو عملية تفتيش، لكنّ الضباط أبلغونا بأن نغادر المدرسة، كونهم تسلموها رسميا وينفذون خطة لحمايتها".
وأوضح أن "ما جرى أربك العملية التعليمية كثيراُ، خصوصا أننا لم نكن على علم مسبق بذلك، إضافة إلى أن ملفاتنا موجودة في مكاتب المدرسة، التي دخلها عناصر الأمن". وقال: "أبلغت مديرية التربية، لكنها لم تتخذ أي إجراء، وأبلغتنا بالالتزام وتعطيل الدوام حتى الانتهاء من إجراء الانتخابات".
وأكد مسؤول في وزارة التربية، لـ"العربي الجديد"، "كان لدينا علم مسبق بتحويل بعض المدارس إلى مراكز انتخابية، لكن لم تحدد القوات الأمنية أية مدارس ستستقر فيها تحضيراً للانتخابات، ولم تبلغنا رسميا بموعد إجراء الخطة الأمنية داخل المدارس، حتى نبلغ إداراتها بتعطيل الدوام الرسمي".
وأشار إلى أنّ "هذا الإجراء غير مقبول، ولا يمكن التعامل مع المدارس وإداراتها وطلابها بهذا الأسلوب، وسحب المدارس منهم بغتة"، داعيا القوات الأمنية إلى "الحفاظ على ممتلكات المدارس وعدم العبث بها، وعدم دخول مكاتب إدارة المدارس، كونها تضم ملفات مهمة لا يجوز العبث بها".
ودخلت القوات الأمنية العراقية، يوم أمس، حالة الإنذار القصوى وانتشرت قوات من الجيش والشرطة، داخل المدن مع بدء تطبيق الخطة الأمنية الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها في 12 من مايو/ أيار الجاري.