مدارس التعلم الذكي STEM

22 فبراير 2018
+ الخط -
نظام STEM هو أحد الأنظمة التعليمية العالمية المعاصرة والمتقدمة، وهذه الأربعة حروف اختصار لأربع كلمات هي Science - technology - engineering - math، وتعرف مدارس STEM في كثير من بلدان العالم باسم مدارس الفائقين، وهي مدارس تستهدف بالدرجة الأولى طلاب المرحلة الثانوية النابغين ممن أنهوا المرحلة الإعدادية ويتم عمل اختبارات قبول للطلاب بها؛ لانتقاء الأفضل منهم، وذلك تحقيقاً لمبدأ العدالة والشفافية في الاختيار.

لقد اتجهت العديد من دول العالم شرقاً وغرباً إلى هذا النظام من التعليم نظراً لما يتميز به من عمليات وإجراءات واستراتيجيات تجعل عمليتي التعليم والتعلم متمحورة حول الطالب؛ فالطلاب أنفسهم هم من يبحثون عن المعرفة وينتجونها، ولا يكونون بحال من الأحوال متلقين لها فحسب مثلما يحدث في أنظمة تعليمية أخرى، فدراسة الطلاب وعملية تعلمهم في هذه المدارس تعتمدان أساساً على البحث والتجريب وعمل المشروعات وإنتاج المعارف المختلفة، ولذلك نجد أن منظومة التقويم في هذا النظام التعليمي تختلف بصورة كبيرة جدا عن غيرها في الأنظمة التعليمية الأخرى؛ إذ يقوم نظام التقويم بشكل أساسي على قياس مقدار نواتج التعلم لدى الطلاب، التي تظهر غالباً في صورة عملية تطبيقية من خلال قيامهم بمشاريع تطبيقية وتجارب عملية بأسلوب علمي سليم.


ومن يتأمل في نظام STEM العالمي يجد أن الطالب يتعلم إلى جانب المواد العلمية والمعارف المختلفة العديد من مهارات العرض والتقديم، ومهارات التناظر والنقاش، ومهارات البحث العلمي، بالإضافة إلى مهارات التقويم والقدرة على اتخاذ المهمة، مثل: مهارات التفكير الإبداعي والتفكير الناقد والتفكير الابتكاري، ومهارات العمل الفريقي والعمل الجماعي، ومهارات القرارات، وعلاوة على ما سبق نجد الطلاب يحققون نواتج التعلم المختلفة من خلالها قيامهم بمشاريع تتكامل فيها المواد الدراسية المختلفة مع بعضها إلى جانب ربطها بالتكنولوجيا، وغالباً ما تستهدف تلك المشاريع بعض التحديات المجتمعية المحلية والإقليمية والعالمية، وتسعى لوضع حلول للتغلب عليها ومواجهتها بصورة علمية ومبتكرة.

ومن الملاحظ أنه في نظام التعليم الحالي في كثير من البلدان نجد مراحل الدراسة المتعاقبة من مرحلة الروضة وحتى نهاية المرحلة الثانوية يدرس الطلاب فيها الرياضيات والعلوم كمواد دراسية منفصلة وبمعزل عن مادة التكنولوجيا التي تعتبر من أهم المواد التي نستخدمها في حياتنا العملية واليومية ومن دون دراسة الهندسة التي لا غنى عنها، ولكن الحياة العملية تؤكد أن دراسة العلوم تعتمد على الرياضيات والحسابات مع الهندسة واستخدام التكنولوجيا المختلفة، وكذلك دراسة الهندسة نستخدم فيها الأساليب العلمية الحديثة والمتطورة التي نبحث عنها ونطبقها باستخدام التكنولوجيا من دون الاستغناء عن الرياضيات، إذاً فإن هذه المواد الدراسية المختلفة مترابطة وعند دمجها معًا ستقدم للطالب تطبيقات عملية لما يحدث في الحياة الحقيقية من حوله، وليس فقط معلومات وقوانين نظرية لا يستفيد منها خارج حدود الكتاب والمدرسة، ولذلك كما قلنا سابقاً ففي نظام STEM تقلّ المحاضرات النظرية، ويكاد ينتهي أسلوب الإلقاء لتحل محله العديد من الأساليب العملية والتطبيقية التي يقوم بها الطلاب أنفسهم بإشراف وتوجيه المعلم الذي تمركز دوره حول التيسير والتدريب والدعم والمساندة والتشجيع بمختلف أنواعه.

ونلاحظ في بعض الدول أنه عند دخول الطلاب إلى تلك المدارس (STEM) يتسلمون "جهازًا لوحيًا أو لابتوب" يعملون به أثناء دراستهم، إذ إن دراستهم تعتمد بشكل أساسي عليه، فلا توجد كتب ورقية أو ما يرتبط بها من كتيبات للأنشطة وغيرها، فقط نواتج تعلم يسعى الطلاب إلى أن يلموا بها، ودور المعلم هنا التيسير والإرشاد والتوجيه أكثر منه الإلقاء والمحاضرة والتنظير.
C4C65070-0BAB-43F9-ADFD-8F4E24BDF802
محمود إبراهيم سعد

معلم لغة عربية ومدرب ومستشار معتمد في التدريب والتطوير وجودة التعليم.