مخيم اليرموك: تمييع المسؤولية

14 يونيو 2019
تعرّض مخيم اليرموك لتدمير ممنهج (Getty)
+ الخط -
يبقى السؤال عن سبب منع عودة أهل مخيم اليرموك الشغل الشاغل لأغلبية مهجريه، مثلما تؤرق العودة ملايين النازحين واللاجئين السوريين. المخيم لطالما عرف بـ"عاصمة الشتات الفلسطيني"، كانعكاس للاجئي نكبة مدن فلسطين وأقضيتها، وتحول إلى حالة متميزة في اختلاط العمل السوري-الفلسطيني، والعربي الباحث عن متنفس، وأصبح ملاذاً لتيارات سياسية وفكرية هرباً من الاستبداد القريب والبعيد بالالتحاق بفصائل المنظمة الفلسطينية، الذين اعتبرهم أيضاً "النظام التقدمي" في دمشق "خطراً"، في سياق انفصام أدواره تاريخياً.

العودة إلى المخيم بحد ذاتها، وبرأي أبسط ناس اليرموك، ترعب نظام التهجير وأدواته المليشياوية، الأقرب إلى عصابات الارتزاق، لكشفها فداحة ما ارتكبه، وإعادة سرد الرواية كما هي، وليس تلك المزيفة.
فمنذ قصف نظام الأسد للمخيم في 2012، تسبب في تغريبة فلسطينية أخرى وحالة الانفصام تستمر بالتصاعد، مسنودة بتشبيح حتى على ورق الصحف. وانتقل هذا النظام من خطاب رد فيه أسباب "المؤامرة الكونية" لـ"تمسكه بقضية فلسطين"، إلى تبرير ممارسات الاعتقال والإخفاء القسري والإعدام، وصولا إلى التحريض على الفلسطينيين، ولو بالغمز من بوابة فصيل معين، وفي أحيان أخرى تحريض صريح وواضح إرضاءً لدوائر غربية وصهيونية، وهو ما أنتج تسليم جثث جنود الاحتلال أخيرا، ومن مقابر اليرموك نفسه.

ويتكرر سؤال الناس بسيطاً: ما المانع من العودة؟ أقله لدفن كريم لموتى ما زالوا تحت أنقاض ما دمره نظام "الممانعة"، بدل تركهم مهجرين في جوف العنصرية الاستعلائية، القريبة والبعيدة.
من يستمع لأحاديث فلسطينيي اليرموك، كبقية ملايين السوريين، سيكتشف مخاطر ما تنتجه سياسة تلعثم ما يفترض أنها حركة تحررهم الوطني، وفصائلها، يساراً ويميناً، وأذرعهم من كتاب وصحافيين. فتمييع المسؤولية، بعد عشرات الزيارات المكوكية من رام الله، وغيرها، نحو دمشق، وبعد الحج إلى طهران والضاحية الجنوبية وقواعد الاحتلال الروسي، لم يخلق فقط مزيداً من الإحباط، بل حالة ضيق ويأس من الحركة ومؤسساتها التقليدية المترهلة.
فرجة بعض فصائل "الحركة الوطنية" على مأساة الشتات، وحصر دورها ببيان مائع أو نصب "خيمة تضامن" عند مدخل اليرموك، ليست وحدها ما يثير غضب الناس. ربما حان الوقت للبحث عن أجوبة ذاتية على أسئلة أوسع وتشمل كل الشتات الفلسطيني، ولو كان اليرموك مدخلها.

المساهمون