مخرج فلسطيني يخوض مع اللاجئين تجربة الحياة والموت

05 أكتوبر 2015
ذهب بعيداً في مراقبته لجُرح الفلسطينيين والسوريين (الأناضول)
+ الخط -


يعكف الفنان والمخرج الفلسطيني، خالد جرار، في عمله الوثائقي الجديد، حالياً، في ألمانيا التي وصلها في رحلة تقصٍّ ومعايشة ومتابعة لمجموعة من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين من جزيرة "ميتيليني" اليونانية، بعد أن قدموا من إسطنبول التركية عبر البحر، لمدة قاربت الشهر، صوّر خلالها أكثر من 45 ساعة.

وفي رحلته التي خاض غمارها وحده، ومن دون دعم أية جهة فنية أو إعلامية، ذهب بعيداً في مراقبته لجُرح الفلسطينيين والسوريين الفارين من الحرب واللجوء، فبعد أن عاش اللاجئون تجربة "قوارب الموت" للوصول إلى اليونان، عايش تجربتهم في رحلة اللجوء، والطرد، والمعاملة التي وصفها بـ"الوحشية" منها إلى مقدونيا، وصربيا، وهنغاريا، وصولاً للنمسا فألمانيا التي أصبحت بلد اللجوء والهجرة.


في حديث لـ"الأناضول"، قال جرار من مكان تواجده في ألمانيا: "رغبت في توثيق رحلة اللجوء الثانية للفلسطينية، الحاجة نادرة الهواري، وعائلتها، كانت نكبتها الأولى عام 1948 حين هُجّرت من مدينة الناصرة. استغرق تخطيطي للرحلة والوصول للعائلة أكثر من 3 أسابيع، قرأت الكثير من التقارير والأخبار لمعرفة نقاط الخطر، والمناطق التي قد يفقد فيها الإنسان حياته في حال سلكها مثل التهريب عبر ثلاجات اللحوم... ومن ثم قررت المضي قدماً".

"وصلت بالطائرة إلى جزيرة ميتيليني اليونانية بتاريخ 2015/9/7، وهناك التقيت بعائلة نادرة الهواري، التي لجأت إلى إسطنبول، حيث عاشت عاماً كاملاً باحثة عن وسيلة لتهريبها إلى أوروبا، ونجحت في المرة الثانية بعد أن كادت تفقد أفرادها كافة في المرة الأولى، عندما انطلقت العائلة من إسطنبول في باص صغير، حيث قسمهم المُهَرِّب إلى مجموعات لتتم إعادة تجميعهم في نقطة مجهولة، ليُبحر بهم أحد اللاجئين الذي أُجبر على قيادة القارب المحمل بثلاثة أضعاف حمولته بعد أن تعلم القيادة في 10 دقائق فقط".

بعد تسع ساعات قضاها خالد في الجزيرة اليونانية منتظراً "على أحرّ من الجمر"، كما يصفها، تلقى اتصالاً من منى، ابنة الحاجة الهواري، أخبرته بوصولهم إلى الجزيرة التي كان عليهم قطع مسافة تزيد على 10 كيلومترات للوصول لأول منطقة مأهولة.

صعد جرار، مخرج الفيلم الوثائقي الطويل، "المتسللون"، برفقة المهاجرين في باخرة يونانية، بعد يومين من الانتظار في الشارع، وثّق حينها تعرض اللاجئين لـ"الضرب على يد رجال الشرطة اليونانية"، كما صور المظاهر "العنصرية" التي تعرضوا لها، مثل كتابة لافتة على أحد المطاعم القريبة من مكان نومهم كُتب عليها: "ممنوع دخول العرب".


قطار متهالك

"بعد ساعة انتظار جاءت حافلة حديثة أقلتنا لسبع ساعات إلى أن وصلنا إلى الحدود مع مقدونيا، وهناك كانت في استقبالنا شرطة الحدود اليونانية، التي كانت تنظم الباصات، ومن ثم سرنا  7 كيلومترات، نزولاً وصعوداً. نقلنا قطار متهالك لمسافة طويلة جداً، حتى وصلنا إلى الحدود المقدونية – الصربية".

ومن بعدها مشوا بلا توقف مسافة أربعة كيلومترات في طريق شاقةٍ ووعرة، وكانوا يتناوبون في دفع "الحاجة نادرة" على الكرسي المتحرك، إلى أن عبروا الحدود الصربية، حيث كانت الشرطة في انتظارهم.

ويُكمل جرار: "بعد أيام في مخيمات أشبه بالمعتقلات، تحركت القافلة مرة أخرى، وما إن وصلنا إلى بلغراد حتى تسابق علينا السائقون والمهرِّبون".




قصص مرعبة

يقول المخرج الفلسطيني: "لقد وثقتُ قصصاً مرعبة، سردها الناس، تخبر عن عمق المأساة الإنسانية التي تعرض لها اللاجئون، مثل حكاية أيمن، الذي هاجمته عصابة أفغانية مسلحة بالسكاكين في جزيرة ميتيليني باليونان، وسرقت كل ما يحمله".


استطاع جرار تصوير أكثر من 45 ساعة "في ظروف في غاية الصعوبة"، مؤكدا أن التعامل مع اللاجئين في هنغاريا، على سبيل المثال، كان يتصف بازدواجية، "فأمام عدسات المصورين ووسائل الإعلام كان التعامل إنسانياً، لكن بعد أن يركب اللاجئون حافلات الشرطة، يظهر الوجه القبيح لرجال الأمن هناك، حيث الاحتجاز في الحافلة لأكثر من 12ساعة، دون السماح لأحد بالخروج، وسط البرد القارس".




اقرأ أيضاً: "فتح الخير2" رحلة التراث البحري القطري إلى الهند

المساهمون