ويرى المختصون أن العنف في المدارس أخذ بعدا آخر بدأ يثير مخاوف الأسرة التربوية والشارع الجزائري، وأكد الأستاذ في علم النفس التربوي، علي نجاري، لـ"العربي الجديد"، أنّ محاربة العنف المدرسي تتطلب تضافر جهود مختلف الهيئات والمؤسسات المتصلة بالمدرسة، خصوصا على مستوى التفكير في إيجاد حلول لها، لافتا إلى أن ما يجري لا يمكن السكوت عنه في ظل تفاقم حالات الشجار القاتلة، إما بالقرب من محيط المدارس أو داخل الفصول أيضا، وهو ما يعني "دقّ ناقوس الخطر"، حسب تعبير المتحدث.
وفي سياق متصل، قالت الخبيرة في علوم التربية المدرسية، الأستاذة نورية عسول، لـ"العربي الجديد"، إنّ ظاهرة العنف انتقلت إلى المدارس لعدة أسباب، أهمها الاجتماعية عن علاقة التلميذ بأسرته، ثم انتشار تعاطي المخدرات، وغياب الرقابة الأسرية للتلاميذ، مضيفة أنه حان الوقت لمعالجة المشكلة من جذورها، معترفة بأن المقاربة التربوية البيداغوجية لا تكفي وحدها من دون مساعدة الأسر.
من جانبها، دعت وزيرة التربية، نورية بن غبريط، إلى ضرورة الحدّ من الظاهرة التي باتت تقلق الأسرة الجزائرية والقطاع في آن واحد. لافتة، خلال تصريحات صحافية، اليوم الثلاثاء، إلى أن الاستراتيجية التي وضعتها الوزارة تتعلق أساسا بتوفير الجو الملائم للتلاميذ خلال مزاولتهم الدروس، وإبعادهم عن مختلف أوضاع القلق والخوف الذي يعيق تحصيلهم الدراسي.
ومن خلال نتائج دراسة أشرفت عليها الوزارة استهدفت 40 ألف تلميذ في 400 ثانوية، فإن الوزارة سجلت 260 ألف حالة عنف شهدتها الأوساط المدرسية، خلال الفترة ما بين 2000 إلى غاية 2014، بينما وقعت هذه الحالات ما بين التلاميذ والأساتذة، لافتة إلى أن العنف في المدارس يحتاج إلى رؤية تشاركية لعدة قطاعات وزارية وتحت مسؤولية مشتركة.
من جانب آخر، وضعت السلطات الجزائرية مخططا بالتنسيق ما بين وزارة التربية ومديرية الأمن الجزائرية، إذ اقترحت الأخيرة مضاعفة رجال الشرطة في محيط المدارس والمؤسسات التربوية، وتكثيف دوريات معاينة المدارس، خصوصا في أوقات الذروة وأوقات بدء وإنهاء الدراسة، علاوة على تنظيم فعاليات وتظاهرات وأيام توعوية موجهة للأساتذة والتلاميذ وأسرهم، وإشراك مختلف الفاعلين التربويين والاجتماعيين في هذه النشاطات التي لا يمكنها إغفال مسألة تفشي تعاطي المخدرات كنقطة حساسة، دفعت نحو تفاقم العنف المدرسي، وهو ما يفسر المخاوف التي يواجهها قطاع التربية مستقبلاً.