مخاوف من الأوامر الحوثية في "جامعة صنعاء": معاداة العلم والنساء

29 اغسطس 2020
منع الحوثيون الاختلاط بين الجنسين في المقاهي والمطاعم (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

وجود أبقار ترعى في باحة كلّية الإعلام في "جامعة صنعاء" لا تعني جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) إطلاقاً، إذ لم تُشعرهم هذه المسألة بأي حرج أو تأنيب أو إعادة نقاش أو حتى محاولة فتح تحقيق والسؤال: كيف ترعى هذه الأبقار في أرفع كلّية مُفترضة في البلد؟ 

اهتمام الجماعة اليوم منصب على مسألة منع الاختلاط ومراقبة ملابس الطالبات، وقصّة فصل الجنسين في قاعات الدراسة ومشاريع التخرّج، ما بدا جلياً بعد حضور متخرجة لطلب شهادتها، لتجد أتباعاً من جماعة الحوثي يأمرونها بـ"السترة".

قالت المذيعة، خلود الوادعي، يوم الاثنين، إنها ذهبت إلى كلّيتها القديمة لطلب شهادتها، لتجد من يقول لها : "اتغطي، اتقي الله". وكاد أن يتطوّر الأمر إلى الاعتداء عليها. 

وخلود الوادعي هي ابنة شقيق الناشطة حنان الوادعي التي أطلقت وسم "#صنعاء_ليست_قندهار"، قبل واقعة الجامعة. لكن يبدو أن التوقف أصبح لازماً عند فكرة الوسم نفسه، لأن قندهار لم تعد نفسها تلك المنطقة المُغبرة، بل أنشئت فيها المدارس، وفيها حضور للنساء في البرلمان وفي السينما وعلى شاشات التلفزيون. لذا، فالمقاربة لا تبدو مُستقيمة بين قندهار التي تركت الماضي وراء ظهرها وبين جماعة الحوثي التي تريد عودة هذا الماضي.

التقطت حنان الوادعي، وهي الطالبة التي تخرّجت من قسم آداب لغة إنكليزية من "جامعة صنعاء"، وتعرّضت للاعتقال في زمن الرئيس المخلوع الراحل علي عبد الله صالح، مسألة القرارات التي أصدرتها جماعة "أنصار الله" بخصوص منع الاختلاط في الأماكن العامّة، من مطاعم ومقاهي وخلافه، وقامت بالكتابة على أساسها. وقارنت ما كانت عليه حال "جامعة صنعاء" والعاصمة قبل مجيء "جماعة الحوثي" وبعدها.

من جهتها، عقبت الباحثة اليمنية ميساء شجاع على المسألة بالقول إن "صنعاء الطالبانية هي ليست تكرار لنموذج كابول فقط بل أيضاً تكرار لنموذج صعدة منذ حكمها الحوثي وهو يفرض تفسيراته الدينية المتطرفة على المجتمع مثل منع الموسيقى أو منع فتيات بسن الثامنة او التاسعة من الخروج بدون حجاب، تأخرت صنعاء بعد ما استقر الحوثي واطمأن لبقائه بالسلطة".

ودوّنت الباحثة في كلية الآداب في "جامعة صنعاء"، إبتسام المتوكل، موقفها عبر "فيسبوك"، معتبرة أن "ما يحصل في جامعة صنعاء من توجه متطرف للفصل بين الطلاب والطالبات لا سند له من دين ولا صلة له بالعلم ولا يعزز الثقة في قداسة الحرم الجامعي بل يصرف المجتمع عن التوجه لطلب العلم خصوصا النساء. أعيدوا النظر في هذا التطرف المعادي للعلم وللنساء وللحياة".

تدوينة علّق عليها الباحث في الكلّية نفسها ناجي اللهبي، مشيراً إلى تناقض واضح في توجهات قيادة هذا الصرح الأكاديمي الأهم في اليمن، قائلاً: "القيادات الأكاديمية في جامعة صنعاء درست في الخارج، وفي جامعات مختلطة، فإذا كانت الجامعات المختلطة بؤر للرذيلة، فهل شاهد أحد منهم خلال دراسته موقفا يدل على الرذيلة"؟

وهنا يبقى السؤال الكبير: جامعة صنعاء كانت من الأمكنة المدنية الشاسعة عبر فروعها الكثيرة في العاصمة صنعاء التي نجحت في مقاومة المد المتطرف الذي حاول تفريغها من رسالتها المدنية، ونجحت في ذلك لوقت طويل منذ لحطة تأسيسها من منتصف سبعينيات القرن الماضي وحتى محاولة تسلق الجماعات الإسلامية المتطرفة على ظهرها والقادمة من السعودية على شكل "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر". وهي الجماعة التي قوضت في المملكة نفسها، فهل تحاول جماعة الحوثي إعادة إنتاجها في جامعة صنعاء؟

المساهمون