لطالما ظنّ عدد من الغزيّين أنهم سيحظون بميناء دولي كبير، ليستوردوا ويصدّروا البضائع من خلاله، ما قد يؤمن لهم فرص عمل كثيرة. استمر الحديث عن الميناء والمطار خلال المفاوضات بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، خلال العدوان الأخير على القطاع. لكن ما إن انتهت الحرب، حتى تبخر الحلم.
إلا أن الشاب الغزاوي محمود بطراوي (23 عاماً) رفض الاستسلام، وأصر على تحقيق الحلم. خلال هدنة الخمسة أيام (في الثالث عشر من شهر أغسطس/آب الماضي)، بدأ العمل على وضع تصميم لميناء في غزة بجميع تفاصيله (البواخر والمناطق التي تستقر فيها الشاحنات وطرق النقل وغيرها). وبعد انتهاء العدوان، صار يسعى إلى تنفيذ فكرته. كان بطراوي قد درس تكنولوجيا المعلومات في جامعة فلسطين.
يقول لـ "العربي الجديد": "جاءت الفكرة كنتيجة لمطالبة الغزيين ببناء ميناء مستقل ومطار في القطاع، علماً أنه ليس هناك أي مخطط تنفيذي للميناء. ويوجد في القطاع مرفأ للصيادين فقط".
حين عرض بطراوي مشروعه على مجموعة من المشرفين في كلية تكنولوجيا المعلومات في جامعته، قورن عمله (ميناء تجاري ـ مدني) بميناءي دبي الدولي وبورسعيد المصري. أيضاً، عرض شريط فيديو يشرح أماكن تواجد السياح والتجار والموظفين الحكوميين، وعملية نقل البضائع داخل الميناء، بالإضافة إلى عمل المراقبين الحكوميين. وعرض أيضاً النقاط المخصصة للسياح، والأماكن التي يمكنهم الاستراحة فيها، بالإضافة إلى الفندق.
استغرقت دراسة المشروع نحو سبعة أشهر. وبعد عرضه على مشرفي كليته، حصل على درجة امتياز مع مرتبة الشرف. صمم أيضاً موقعاً إلكترونياً يهدف إلى تسهيل العديد من عمليات الاستيراد والتصدير لدى السياح والمواطنين، ويمكن من خلاله شراء البضائع. أراد بطراوي تنفيذ مشروعه على أراضي المحررات في منطقة نيت ساريم وسط القطاع، والتي أقام عليها الاحتلال المستوطنات خلال احتلاله قطاع غزة عام 2001، قبل أن تتحرر عام 2005، ولم تستغل مساحاتها الكبيرة لغاية الآن، فاختار أن تكون مخصصة للشحن وتفريغ الشاحنات.
استخدم بطراوي تقنيات عدة لإنجاز عمله. يقول إنه في حال نفذ مشروعه، فسيكون هناك فرص عمل لآلاف الخريجين. كما أن بناء المشروع يحتاج إلى أيد عاملة. لكن السؤال هو متى يمكن أن يبدأ التنفيذ؟.
الميناء بحسب بطراوي، "يمكن أن يستوعب أربع بواخر ضخمة، باخرتين للتصدير والنقل وباخرتين للتفريغ والاستيراد. ويمكن لكل باخرة أن تستوعب نحو 20 ألف مخزن. وبسبب ضخامة الشاحنات، صمم شارعان خارج الميناء، واحد للنقل والتصدير، والثاني للتفريغ والنقل، علماً أن كل شارع يمكن أن يستوعب ما بين 15 و20 شاحنة، يمكن أن تدخل وتخرج في الوقت نفسه من دون أي مشاكل".
يقول بطراوي إنه خلال الأشهر الماضية، واجه صعوبات عدة، على رأسها مشكلة انقطاع الكهرباء، بالإضافة إلى عدم تشجيعه من قبل المحيطين به. يضيف أنه طرح الفكرة على بعض الأصدقاء، "إلا أنهم لم يصدقوا ما نويت فعله. حتى عائلتي لم تقف إلى جانبي. وفي الجامعة، شجعتني فقط مشرفة البحث نجوى بركة".
لدى بطراوي أحلام كثيرة لا تقتصر على تنفيذ مخطط الميناء الذي أعده. في الوقت الحالي، يعمل على تصميم مطار لغزة (مع شريط فيديو)، بالتعاون مع زميل له. وكما فعل بمخطط الميناء، لم ينس أي تفصيل يتعلق بخطوط السير وأماكن انتظار المسافرين وغيرها. وها هو يقترب من إنهاء تصميمه، من خلال وضع أبراج المراقبة والتأكد من جميع التفاصيل اللوجستية. أيضاً، يطمح إلى تحقيق حلمه الكبير، وهو تصميم محطة كهرباء كبيرة، إلا أن قلة الإمكانات قد تعرقل طموحه.
اقرأ أيضاً: طلاب غزة يلقون شهاداتهم في البحر بسبب الحصار