صدّر المفكر المصري محمود أمين العالم كتابه "فلسفة المصافة" بمقدّمة كتب فيها "وقفتُ عند كتاب... تشير مؤلّفته إلى حاجتنا إلى كانط جديد يحدّد طبيعة الفكر الميتافيزيائي بالنسبة إلى التصورات العلمية الجديدة.. وأحسست، في سذاجة وغرور لا حدّ لهما، أن هذه هي مهمتي التاريخية، ورحت أعدّ نفسي للرحلة الطويلة... والحق أنني لم أكن كانطياً بل كنت دونكيشوتياً".
ويضيف العالم (1922 - 2009) أنه كان منتسباً انتساباً كاملاً إلى تيارات فكرية غير علمية، في إشارة إلى نيتشه وبرغسون ومايرسون، وقد شكّل ذلك عقبة أمام مشروعه البحثي. استمر العالم يتخبط قبل بدء كتابه لثلاث سنوات، ثمّ قسّم بحثه إلى قسمين: "المصادفة الذاتية" و"المصادفة الموضوعية".
يضع العالم مقدّمة بلغة أدبية ممتعة، وهي من المقدمات القليلة التي يتناول فيها الكاتب عيوبه كباحث وكيف حاول كل مرة تجاوزها. ومن خلال المقدّمة نعيش معه رحلة بناء الكتاب فصلاً فصلاً، في حالة يعبّر عنها بكلمتين "العري" و"الدونكيشوتية".
في طبعة جديدة، صدر الكتاب مؤخراً عن سلسلة "ذاكرة الكتابة" التي تنشرها "الهيئة المصرية العامة للكتاب" (نشر أول مرة عام 1971 عن دار المعارف في القاهرة)، وهو بحث في الفلسفة، يدافع فيه عن مفهوم جانب معيّن من العلم هو الفيزياء، وعن مفهوم مسألة خاصة في الفيزياء هي المصادفة.
يتضمّن الكتاب فصلاً بعنوان "نظرية المصادفة الموضوعية ودلالاتها في فلسفة الفيزياء الحديثة"، وفي هذا القسم يتناول نظريات المصادفة، والمصادفة في العهد القديم، وثان بعنوان "حساب الاحتمالات"، وثالث بعنوان "المصادفة في الفيزياء".
كتب العالم في الفلسفة والعلوم والأدب والفنون والسياسة التي كان غارقاً فيها. ومن أبرز إصداراته "الثقافة والثورة"، و"تأملات في عالم نجيب محفوظ"، و"هربرث ماركيوز أو فلسفة الطريق المسدود"، و"الرحلة إلى الآخرين"، و"الوجه والقناع في المسرح العربي المعاصر"، و"البحث عن أوروبا".