محمد عبده أنعم: الاستقرار مفتاح القطاع الخاص

28 يناير 2015
رئيس اتحاد الغرف التجارية اليمنية محمد عبده أنعم
+ الخط -
يحذر رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية اليمنية محمد عبده سعيد أنعم، وهو رجل أعمال بارز وعضو في البرلمان اليمني، من انهيار ضخم في الأوضاع الاقتصادية في البلاد. ويؤكد أن لا إمكانية لكي يتسع عمل القطاع الخاص في ظل غياب الاستقرار.
*ما هو وضع قطاع الأعمال في ظل تنامي الصراعات الداخلية والعنف وتدهور الوضع الأمني؟
يمكن القول إن قطاع الأعمال متوقف ومشلول. نعاني من عدم الاستقرار، وكثير من الأموال الوطنية تهاجر للاستثمار خارج البلد كنتيجة طبيعية لعدم توفر الأمن والاستقرار السياسي، وعدم وجود بيئة ملائمة للاستثمار. وقد أفضت التطورات السياسية والأمنية الأخيرة إلى تدهور خطير في النشاط الصناعي والتجاري والزراعي والخدمي.

*ومتى يتحقق الاستقرار في بلد تتقاذفه الصراعات والأزمات؟
ليس اليوم ولا قبل عامين. منذ عام 1962 ونحن نتطلع إلى استقرار بلدنا الذي يعيش الاضطرابات، ولن يتحقق الاستقرار إلا في حالة واحدة، وهي أن يتم سحب السلاح من كل مواطن يمني أو لنقل منع حيازة وحمل السلاح. لا يمكن أن نشعر بالأمان أو الاستقرار والسلاح موجود في كل بيت. لن نشعر بالأمن ورجل الأمن لايستطيع أن يؤدي واجباته والأشخاص الذين يمرون أمامه مسلحون أكثر منه. وعندما يتم منع السلاح ويتحقق الأمن، سترون كيف أن القطاع الخاص سيستثمر بأمان وسيتوسع وينمو ويخلق فرص عمل.

* ما هو موقفكم من التطورات السياسية الأخيرة؟
أصدر الاتحاد في ضوء التطورات الجديدة بياناً عبر فيه عن قلق القطاع الخاص بكل شرائحه وشركاته وأفراده، بسبب التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة اليمنية، تلك الأحداث التي تنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي وتحبط محاولات استعادة الوطن عافيته، وعودة الأعمال إلى مرحلة النمو والإنتاج. ونحن في قيادة الاتحاد حريصون على المشاركة مع كافة شرائح المجتمع في ترسيخ الاستقرار السياسي والاقتصادي، وحذرنا من أن انهيار الأوضاع الاقتصادية في البلاد سيؤدي إلى كارثة كبيرة على كافة الصعد.

* الإعلام الرسمي شن أخيراً هجوماً على القطاع الخاص واتهمه بالجشع وبأنه غير وطني، ما تعليقكم؟
هذه النظرة هي نظرة الأنظمة الشمولية، ومن الطبيعي أن يسعى المستثمر إلى الربح، وهذا شيء بديهي ولا يعتبر جشعاً أو انتهازية. ينبع القطاع الخاص من المنظومة الاقتصادية ويعمل جاهداً على خلق فرص عمل في ظل البطالة الموجودة. ويقوم القطاع الخاص بدور اجتماعي وعلى السلطات أن تشجعه وتوجهه إلى عمله الاجتماعي، لا أن تنظر له بنظره عدائية. كما على الحكومات المتعاقبة أن تأخذ بيد القطاع الخاص في قيامه بواجبه الاجتماعي كبناء المدارس مثلاً. نأمل أن تتغير النظرة تجاه القطاع الخاص.

* خبراء الاقتصاد يقولون بأن القطاع الخاص اليمني صغير ومحدود، لماذا لا يتوسع؟
نعم، القطاع الخاص في اليمن لايزال قطاعاً محدوداً، ولايزال محصوراً نتيجة السياسات الحكومية المتعاقبة. إذا ساعدت الحكومة على نمو القطاع الخاص، فستأتي الثمار بالتأكيد، سواءً على مستوى مدخول الحكومة من الضرائب، أو على مستوى نشاط القطاع الاجتماعي. لا يقوم القطاع الخاص الآن بدوره الاجتماعي، لأنه لا يزال يشعر بأن مدخوله محدود، حتى أنه يخاف نتيجة لعدم شعوره بالأمان.

* نسمع في السنوات الأخيرة عن الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، أين وصلتم في هذا الجانب وهل أصبحت الشراكة مجرد شعار مع التطورات الأمنية الأخيرة؟
كانت الشراكة دائماً شعاراً في الماضي، ولازالت في الحاضر شعاراً. نتحدث جميعاً عن الشراكة من خلال اللقاءات والاجتماعات والصحافة، لكن للأسف الشديد لم تتحقق هذه الشراكة على أرض الواقع طوال الفترة الماضية، علماً أن هذه الشراكة أساسية للنهوض بالوطن، فلا يمكن أن يطير طير بجناح واحد، ولابد أن يطير بجناحين.
طبعاً هناك مشروع قانون الشراكة الذي لايزال تحت الدراسة، وهو قانون لايزال متعثراً نتيجة لبعض الأفكار الخاطئة التي طرحت من قبل بعض الأجهزة الحكومية، والتي لم تصل إلى درجة من الوعي والإحساس بأهمية القطاع الخاص، ولازالت تفكر بعقلية قديمة. نحن قدمنا رؤيتنا وتحفظاتنا وأفكارنا لهذا القانون، والمواد التي نرغب بأن يتضمنها، كي تكون هنالك بالفعل شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص والحكومي.

هل يدل هذا على تجاهل القطاع الخاص ودوره في الاقتصاد؟

ليس تجاهلاً وإنما عدم استيعاب لأهمية الشراكة، التي تنظم عملية مشاركة القطاع الخاص في البنى التحتية، كبناء الموانئ والمطارات وإنشاء محطات الكهرباء والطرقات. يعتمد العالم كله الآن على القطاع الخاص في بناء هذه المرافق، ومازال تفكيرنا للأسف قاصراً في هذا الشأن، حيث نعتقد بأن الدولة لابد أن تقوم بكل شيء ولذلك لم نصل إلى شيء. تعاني اليمن من مشاكل مالية كثيرة جداً، لذلك كان من الأفضل أن تكون الحكومات أكثر انفتاحاً في إشراك القطاع الخاص في تنفيذ مثل هذه المشاريع المهمة للوطن، أي إنجاز البنى التحتية التي تساعد على عملية التنمية. حيث لا يمكن أن توجد تنمية حقيقية بدون وجود بنى تحتية قوية. وأشك بأن الحكومات قادرة على القيام بمشاريع البنية التحتية لوحدها. أقوى الدول في العالم الآن وهي دول غنية جداً تسلم هذه المواضيع إلى القطاع الخاص، لأنه أكثر كفاءة في إدارة هذه المرافق ولديه الإمكانيات المادية لتنفيذها.
فلماذا نمتنع عن إشراك القطاع الخاص، وفي النهاية هذه المرافق يجب أن توجد داخل اليمن. عندما ننشئ طريقاً عاماً أو نبني مطاراً أو ميناء، فبالتأكيد لن نبنيها خارج اليمن، وبالتالي ستبقى في النهاية تحت نظر الحكومة والدولة والمواطنين بصفة عامة. إننا نأمل بالفعل أن نصل إلى درجة من الوعي تتيح الفرصة للقطاع الخاص، في أن يمد يده في عملية التنمية الحقيقية، كتنمية البنى التحتية، وهي من الأساسيات لإيجاد عملية التنمية الكاملة.

ما هو الدور الجديد المتوقع للقطاع الخاص في الفترة المقبلة؟
أملنا كبير بأن يتفعل القطاع الخاص طبعاً، إذا وصلنا إلى مرحلة الاستقرار والأمن الذي ينظر إليه القطاع الخاص بأهمية كبرى. أما في حال بقاء الوضع على حاله، فأعتقد بأن القطاع الخاص أيضاً سيكون دوره محدوداً جداً في المرحلة المقبلة، لأن أي قطاع استثماري أو تنموي أو قطاع تجاري أو أي نشاط اقتصادي يتطلب الأمن والاستقرار.
وكذا بالنسبة لعملية الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، فإن القطاع الخاص يعتقد أن هذا أمر مبكر، أسواقنا فتحت منذ زمن، والتعاريف الجمركية عندنا خفضت بشكل كبير، وبالتالي لا أشعر بأنه سيحصل أي تغيير كبير على القطاع الخاص بانضمامنا إلى منظمة التجارة العالمية. إضافة إلى الخوف في أن تغرق السوق اليمنية، أكثر مما هي غارقة الآن، بالمنتجات الخارجية، إذ يأتي هذا على حساب المنتجات المحلية التي لن تتاح لها الفرصة أن تنمو بالشكل الطبيعي.
المساهمون