أيّدت محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية، شمال مصر، اليوم الاثنين، قرار الجهة الإدارية بمدينة رشيد في محافظة البحيرة، القاضي بالامتناع عن إصدار ترخيص بهدم كنيسة تابعة لبطريركية الروم الأرثوذكس، بعد بيع العقار الموجودة به لأحد الأشخاص.
كما قضت المحكمة، ولأول مرة، بقبول تدخل كل من البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، باعتباره رمزا دينيا، إلى جانب آخرين، منهم رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف القبطية للأقباط الأرثوذوكسيين، والأنبا باخوميوس، مطران البحيرة.
كان أحد الأشخاص قد تقدم بدعوى إلى المحكمة طالب فيها بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار ترخيص بهدم كنيسة الروم الأرثوذكس في رشيد، مستندا إلى ملكيته لها بموجب العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها، إن "كلا من المسجد والكنيسة متى أقيمت فيهما الصلاة وتم تخصيصها للعبادة بالقول أو بالفعل، انتقلا من ملكية العباد إلى ملكية رب العباد، ولا يجوز أن يكونا محلا لأي تصرف كالبيع أو الإجارة أو الرهن. وأي تصرف من هذا النوع يعد تصرفا باطلا بطلانا مطلقا، لمخالفته النظام العام ومبادئ الشريعة الإسلامية، التي هي جزء أصيل من النظام العام، الأمر الذي يصبح معه تصرف البطريركية القائمة على شؤون الروم الأرثوذكس ببيع الكنيسة في رشيد، تصرفا باطلا لا ينقل الملكية، لوروده على دار عبادة، ولا يعتد به قانونا، حتى لو تم تسجيله".
وأشارت المحكمة إلى أن "المشرّع الدستوري نص على أن حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون، ومن ثم صار كل ما يتعلق بدور العبادة لأصحاب الأديان السماوية من الحقوق التي رفعها المشرع الدستوري إلى مصافّ الحقوق الدستورية، تقابلها حرية ممارسة الشعائر الدينية. وبهذا، فإن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كرمز ديني، يكون له ومن معه مصلحة في التدخل في الدعوى، للدفاع عن الكنيسة التي هي مكان العبادة للديانة المسيحية، بغض النظر عن اختلاف الطوائف والملل، فمصلحتهم قائمة في الإبقاء على الكنيسة كدار عبادة للمسيحيين، مما يتعين معه الحكم بقبول تدخلهم في الدعوى الماثلة".
وأوضحت المحكمة أن المحكمة الدستورية العليا ذهبت في حكمها الصادر في 7 مارس/آذار 2004، إلى أن قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946، حظر الرجوع أو التغيير في وقف المسجد، من دون إضافة الكنيسة إلى هذا الحكم، رغم تساويها مع المسجد في كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية، وانتهت المحكمة الدستورية العليا إلى أن هذه التفرقة مخالفة للدستور، الأمر الذي مؤداه أن الكنيسة تأخذ حكم المسجد كدار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية.
وناشدت المحكمة مجلس النواب أن يُسرع في إصدار قانون لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين شعائرهم الدينية، تنفيذا لرغبة المشرع الدستوري الذي ألزم مجلس النواب، في حكم خاص بالمادة 235 من الدستور، بأن يصدر هذا القانون في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور، والوارد في الفصل الثاني "الأحكام الانتقالية".
اقرأ أيضا:مصر.. تصاعد أزمة "الدير المنحوت" بين الرهبان والحكومة