محرقة الفلوجة... رهان العبادي على الانتصار قبل نهاية رمضان

عثمان المختار (العربي الجديد)
عثمان المختار
صحافي عراقي متخصص بصحافة البيانات وتدقيق المعلومات. مدير مكتب "العربي الجديد" في العراق.
16 يونيو 2016
EB71C84E-29C3-4E60-BB35-C76E1A4BE1C4
+ الخط -
تحوّلت عمليات تحرير الفلوجة (شمال غرب بغداد) إلى محرقة حقيقية لم تستثنِ أياً من أطراف المعادلة. أعداد الضحايا في صفوف المدنيين ترتفع، يومياً، بالتزامن مع ارتفاع قتلى القوات العراقية المهاجمة، وعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وسط رهان حكومي على استرداد المدينة قبل نهاية شهر رمضان.

ويسعى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى تحقيق هذا الانتصار الميداني لمنح نفسه قوة سياسية لمواجهة تظاهرة مليونية توعّد بها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر ضد الحكومة، في بغداد، بعد انتهاء شهر رمضان، احتجاجاً على ما وصفه "تلاشي وعود الإصلاح الحكومي التي أطلقها العبادي"، بحسب بيان الصدر.

وشهدت معارك، أمس الأربعاء، تغيّراً نوعياً كبيراً في مجمل محاور القتال، إذ بدا وضع "داعش" دفاعياً أكثر من أي وقت مضى، وإنْ تخلّلت ساعات المعارك هجمات بسيارات مفخخة. ووفقاً لخارطة المعركة الأخيرة، بحسب مصادر عسكرية عراقية وأخرى مستقلة داخل الفلوجة، فإن الاشتباكات مستمرة في المحور الجنوبي داخل الشوارع الأولى لحي الشهداء والجبيل جنوب شرقي الفلوجة، فيما تتقدم القوات النظامية والمليشيات المساندة لها في محور الجنوب الغربي، وتحديداً، منطقة حصي وسد الفلوجة من دون أن تتمكن من تحقيق تقدم كبير فيه.

غير أن المحور الغربي، وفقاً للمصادر ذاتها، شهد نجاح القوات العراقية في الاستيلاء على 6 كيلومترات من الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم، والتقدم باتجاه الفلوجة، فيما يبدو وضع التنظيم من المحور الشمالي والشمالي الشرقي جيداً مع وجود نقاط قوة جغرافية تصب لصالحه في تضاريس تلك المناطق، بحسب المصادر.

وساهم الطيران الأميركي في تحقيق تقدم للقوات المهاجمة خلال معارك، أمس الأربعاء، عبر تدمير حقول الألغام، وإيقاف المدافع والرشاشات الثقيلة للتنظيم. وترجح مصادر عسكرية عراقية أن ينتقل القتال، اليوم الخميس، إلى مناطق جديدة داخل الحدود الإدارية لمدينة الفلوجة، مضيفة أن الطيران الأميركي يشارك بعمليات الدعم الجوي، فضلاً عن مروحيات الجيش العراقي. فيما تؤكد مصادر عسكرية عراقية "مشاركة مليشيات الحشد الشعبي في معارك، أمس الأربعاء، مرتدين بزّة الجيش، ولواء المغاوير الثامن، والشرطة الاتحادية التي دخلت أطراف الفلوجة".

وتوضح المصادر أن المئات من أفراد المليشيات يرتدون الملابس الرسمية للقوات النظامية في محاولة لإيهام الرأي العام بأن المليشيات لم تدخل الفلوجة. وتكشف هذه المصادر عن أن "محاولات العبادي في إبعادهم عن سير المعارك باءت بالفشل"، مشيراً إلى أنّهم سيدخلون المدينة بزيّ جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية".

في هذا السياق، يقول نائب رئيس مجلس العشائر المناهضة للتنظيم، الشيخ سعد الدليمي لـ"العربي الجديد"، إن "دخول مليشيات الحشد الفلوجة بملابس الجيش والشرطة تم كشفه من قبل مقربين، وعلى رئيس الوزراء تحمل مسؤولية هذا التضليل والازدواجية في التعامل بين مصلحة العراق ومصلحة المليشيات والأجندة الإيرانية"، على حدّ تعبيره.

من جانبه، قال قائد عمليات تحرير الفلوجة، الفريق عبدالوهاب الساعدي إنّ "المعارك ستستمر حتى النهاية"، موضحاً في تصريح له، يبدو أنه رد على تقارير تحدثت عن ارتفاع تكلفة الحرب البشرية والخسائر الكبيرة في صفوف القوات العراقية والمليشيات، أنّ "الهدف تحرير الفلوجة بأسرع وقت، وأقل خسائر، وعدونا شرس".

فيما يوضح المتحدث باسم قيادة عمليات الأنبار، العقيد محمد الدليمي لـ"العربي الجديد" أن "الخطط المعدّة وضعت سقفاً زمنياً للوصول إلى قلب الفلوجة قبل نهاية رمضان". وأعلنت السلطات الصحية بمستشفى الفلوجة، أمس الأربعاء، مقتل وإصابة 25 مدنياً بقصف لمليشيات "الحشد" استهدف منازل سكنية بحي الجمهورية وسط الفلوجة.

على صعيد متصل، تتحدث مصادر عسكرية عن ارتفاع الخسائر في صفوف القوات العراقية والمليشيات إلى مستويات قياسية، وهو ما يفتح باب الجدل مجدداً حول مدى إمكانية تحرير الموصل من دون مساعدة أميركية، إذ تبلغ مساحة الموصل ضعف مساحة الفلوجة أربع مرات. ويؤكد قائد عمليات الجيش في الموصل، الفريق الركن نجم الدين الجبوري أن القوات العراقية تتقدم في مخمور من محورين، مشيراً إلى أن الأيام المقبلة ستشهد انتصارات كبرى ضد التنظيم.

وقال الجبوري، في مؤتمر صحافي، أمس الأربعاء، "استطعنا السيطرة على الجزء الجنوبي من قرية الحاج علي والوصول إلى نهر دجلة"، مضيفاً "من المحور الشمالي استطعنا تحرير قرية النصر ذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى". وأضاف "سترون خلال الأيام المقبلة عمليات عسكرية ستثلج صدور العراقيين من البصرة إلى نينوى. سنحرر كل شبر من الأراضي التي سيطر عليها داعش". وأوضح أن "وصولنا إلى نهر دجلة أمر في غاية الأهمية، وانهيار داعش بات قريباً"، مؤكداً أنّ "التنظيم فقد الكثير من قدراته وانتحارييه، ومعنوياته انهارت، وهو الآن ليس كما كان عليه قبل 3 أشهر".

وشدد الجبوري على أن "عناصر داعش يقومون بحرق النفط الأسود، مستبعداً حرق حقل القيارة النفطي لمنع التحالف الدولي من قصف مواقعه". وأكد أنه "تم إخلاء جميع العائلات التي يقدر عددها بالمئات، وقواتنا حافظت على حياة جميع المدنيين خلال معارك التحرير"، مبيناً أنّ "المسافة بين المعارك الجارية حالياً جنوب الموصل وبين مركز مدينة الموصل لا تبعد أكثر من 50 كيلومتراً، وغالبيتها مساحات زراعية".

ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.
المساهمون