محاولةٌ لا غير

30 يونيو 2017
من عمل فيديو آرت لـ إسماعيل بحري/ تونس
+ الخط -
حين نقل المستشرق الفرنسي جاك بيرك (1910 – 1995) نص القرآن الكريم إلى الفرنسية، عنوَن الإصدار بـ "القرآن.. محاولة ترجمة". انتقاءُ كلمة "محاولة" لا يحيل فقط إلى تواضع حيال النص القرآني، وربما حيال الترجمات الفرنسية التي سبقته، بل أيضاً إلى تصوّر حديث للترجمة، باعتبارها عملية تركيبية بين خيارات لا تنفي بقية المُمكنات الأخرى.

ما يقال عن الترجمة يسري على أية عملية تأويلية أخرى للمعاني التي يحملها النص القرآني، ومنها استخراج القيم ومواد الشريعة وغيرها.

يقابل هذا التواضع قراءات استبدادية كثيرة لنفس النص، لا تزال تحبّ أن تفرض سطوتها في كل فضاء يمكنها التمدّد فيه، ليس بأدوات الحجّة العقلية أو النقلية فحسب، بل أيضاً بأدوات السلطة السياسية والأعراف الاجتماعية لو توفّر لها ذلك. وفي المحصّلة، تصطدم هذه القراءة الاستبدادية بقراءات استبدادية تتنازع هي الأخرى نفس الفضاء، لتنتج مناخاً مشحوناً وغير قابل للتهدئة.

شيء من ذلك ظل يَحكم معظم قراءات القرآن، في الغرب أو في الشرق. كان يكفي أن ينظر كل طرف إلى ما يقدّمه كمحاولة قراءة ممكنة حتى يجري تفادي الكثير من التوتّر، ويجري تحويل نفس الجهد إلى تراكم حول نصٍّ مرجع.

المفارقة أننا قد نعتبر قراءاتنا وفهمنا مجرّد محاولات، وبذلك نعترف بالقراءات الأخرى. لكن ما العمل إذا لم تعتبر هذه الأخيرة نفسها محاولات؟ تلك إشكالية أخرى.

المساهمون