تنعقد، اليوم الإثنين، الجلسة الثانية من محاكمة الصحافية المغربية هاجر الريسوني، المعتقلة منذ عشرة أيام، بتهمة الإجهاض غير المشروع. إذ إنّ الجلسة الأولى التي عقدت ساعات قليلة بعد توجيه الاتهام للريسوني وخطيبها وطبيب ومساعديه، لم تشهد سوى تلاوة صك الاتهام وإحالة جميع المتهمين إلى السجن الاحتياطي.
واعتقلت الصحافية بجريدة "أخبار اليوم" يوم السبت 31 أغسطس/آب الماضي، ما تحول الى قضية رأي عام تحظى بمتابعة دولية واسعة، حيث اعتبرها البعض استهدافاً جديداً للصحافة، وتحديداً للصحيفة التي يقضي مديرها توفيق بوعشرين عقوبة سجنية مدتها 12 سنة بتهم استغلال جنسي، بينما اعتبرها البعض الآخر استهدافاً لعمّ الصحافية المعتقلة، وهو رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني. كما رفض ناشطون سجنها لاتهامات تعود إلى حريتها الشخصية بالتصرف بجسدها كامرأة.
وقد تناولت قناة "العربية" السعودية الموضوع من هذه الزاوية، محاولةً التحريض من جديد، إذ كتبت مساء الأحد 8 سبتمبر/أيلول أسفل الشاشة، خبرا يقول: "قريبة أحمد الريسوني "خليفة القرضاوي" أقرت بالإجهاض بإرادتها".
هذا الإقرار الذي حاولت "منابر التشهير" تسويقه على نطاق واسع على أنه حقيقة، نفاه بشكل تام دفاع الصحافية المعتقلة، مشدداً على أنّ أياً من محاضر الشرطة والنيابة العامة لا يتضمن هذا الاعتراف سواء من جانب هاجر الريسوني أو خطيبها أو الطبيب المتهم بإجراء الإجهاض. ونشرت تلك المنابر أيضاً تسريبات وصورا للتحقيق، ما تسبّب بغضب واسع أيضاً.
وقال المحامي سعد السهلي، من هيئة المحامين بالرباط، في شريط فيديو بثه موقع "اليوم 24"، إن كل الوثائق الموجودة في الملف تؤكد أنها لم تجر أي عملية إجهاض، مضيفاً أن الصحافية المعتقلة خضعت لخبرة طبية، بعد نصف ساعة من توقيفها، وذلك تحت إشراف فريق طبي، يضم 7 أطباء في المستشفى العام للولادة في الرباط.
وقبل ساعات من انطلاق المحاكمة، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بياناً قالت فيه إن "حبس ومقاضاة السلطات المغربية لصحافية بتهمتي الإجهاض والجنس خارج الزواج ينتهك بشكل صارخ حقوقها في الخصوصية والحرية والعديد من الحقوق الأخرى. على السلطات إسقاط التهم والإفراج عنها فوراً".
وقال مدير التواصل والمرافعة في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش أحمد بن شمسي: "هاجر الريسوني مُتّهَمة بسبب سلوكيات خاصة مزعومة، ولا ينبغي تجريمها أصلا. علاوة على ذلك، من خلال نشر مزاعم مفصلة عن حياتها الجنسية والإنجابية، انتهكت السلطات حقها بالخصوصية ويبدو أنها سعت إلى التشهير بها".
وأضافت المنظمة أن "أخبار اليوم" من الصحف النقدية النادرة المتبقية في المغرب، اتخذت السلطات تدابير صارمة ضدها عدة مرات منذ إنشائها في 2009. في 2018، حكمت محكمة في الدار البيضاء على توفيق بوعشرين، مؤسس الصحيفة وناشرها، بالسجن 12 عاما بتهمة الاعتداء الجنسي المشدد في محاكمة خلص "فريق العمل الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي" إلى أنه قد شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة.
والى جانب المتابعة الإعلامية والدولية، دعا ناشطون وهيئات مدافعة عن حقوق الإنسان لتظاهرة احتجاجية أمام المحكمة تزامناً مع مثول هاجر الريسوني أمام جلسة المحاكمة. ودعت فدرالية رابطة حقوق النساء، كافة المدافعين عن حقوق الإنسان، إلى الحضور في الساعة الواحد بعد الظهر بتوقيت المغرب، للمشاركة في وقفتها الاحتجاجية، الداعمة لهاجر الريسوني، أمام مقر المحكمة الابتدائية في العاصمة.