محاكمة بوعشرين... مسارات وسيناريوهات

25 أكتوبر 2018
جلسات المحاكمة سريّة (فاضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
تشارف قضية الصحافي المغربي، توفيق بوعشرين، على النهاية، بعد مرور أكثر من 245 يوماً على اعتقاله بتهم خطيرة، على رأسها الاتجار بالبشر والاغتصاب والتحرش الجنسي، وذلك بوصول مسار المحاكمة إلى مرافعات محامي الصحافي المعتقل، ومرافعة النيابة العامة، ثم الكلمة الأخيرة، فالنطق بالحكم. 

وبعد أن طالب دفاع المشتكيات بمبالغ مالية مرتفعة في سياق مرافعاته الأخيرة بدعوى الضرر النفسي والاجتماعي لهنّ، جاء الدور على مرافعات محامي مؤسس "أخبار اليوم" الذين يواصلون بسط ما لديهم من حجج لدحض الاتهامات الموجهة إلى موكلهم.

وأكمل محامو بوعشرين دفوعاتهم أمس، بعد أن تحدث بعضهم يوم الاثنين الماضي بشأن حيثيات الملف، وحاولوا إيجاد عدد من الخروقات القانونية في الملف، فضلاً عن التناقضات بين الخبرة التقنية على الفيديوهات الجنسية وبين وثائق تثبت وجود بوعشرين خارج مكتبه.
وطالب دفاع بوعشرين بأمرين مفصليين بملف موكله، الأول سحب نتائج الخبرة التقنية التي أنجزتها مصالح الدرك الملكي على الفيديوهات الجنسية، بالنظر إلى ما اعتبروه نواقص قانونية في النتيجة، والثاني إجراء خبرة طبية نفسية على بوعشرين، باعتبار أنه تعرض لاعتداءات لفظية من طرف محامي المشتكيات.

ورفض القاضي بوشعيب فرح مطالب محامي بوعشرين الذين حاولوا جاهدين في مرافعاتهم الطويلة أن يبيّنوا للمحكمة قصور الخبرة التقنية، وبأنها لم تحدد بالفعل اسم من يظهر في الفيديوهات، وبالتالي لا يمكن إثبات التهم على الصحافي المعني. كما أنه في عدد من المقاطع يتم تحديد تواريخ معنية كان خلالها بوعشرين يتواجد خارج المكتب أدلة قاطعة، مثل مخالفات سير أو تواجده في ذلك الوقت داخل مصحة.



وتفيد مصادر "العربي الجديد" بأنّ دفاع الصحافي المعتقل يعمل على مسارَين رئيسيين، الأول إثبات "الثغرات" في نتيجة الخبرة التقنية، منها مسألة توقيت مشاهد جنسيّة بينما بوعشرين يمتلك أدلّة أنه كان في تلك الأثناء خارج المكتب، وبالتالي لا يمكن أن يكون الرجل في مكانين مختلفين في نفس الدقيقة والثانية.

وإذا كان المسار الأول يهدف إلى أن "يُحرِج" الخبرة التقنية ويقلّل من أهميتها كوثيقة قانونية في ملف المحاكمة، فإن هناك مسارًا ثانياً يميل إليه بعض المحامين، خصوصاً منهم النقيب السابق عبد اللطيف بوعشرين الذي يتحدث عن "علاقات جنسية رضائية" بمعنى أن بعض المشاهد تظهر "كلام الغرام وحديث الوسادة" وفق تعبيره، وليس فيها إجبار أو إرغام للنساء على ممارسة الجنس، وبالتالي، يستحيل هنا، الحديث عن تهمة الاتجار بالبشر.

ولن تكتمل الصورة إلا بعد مرافعة دفاع بوعشرين لتدلي النيابة العامة بدورها بكلمتها في شأن مصيره. وهكذا يسير الملف، وفق مراقبين، باتّجاه ثلاثة سيناريوهات رئيسيّة: الأول هو أن ترجح المحكمة طروحات النيابة العامة التي من المتوقع أن تطالب بأقصى العقوبات في حق بوعشرين، بالنظر إلى التهمة الملتصقة به، وهي الاتجار بالبشر والاغتصاب.

والسيناريو الثاني هو أن يرجّح نظر القاضي مطلب عدد من محامي المشتكيات القائم على غرامات مالية باهظة في حق بوعشرين، بينما السيناريو الثالث قد يكون حكماً مخففاً على بوعشرين يتمثل في إطلاق سراحه بعد أن قضى شهوراً في سجن بالدار البيضاء.

وحظيت قضية الصحافي المغربي بكثير من المتابعة، خصوصاً في بدياتها، من لدن شرائح كبيرة في المجتمع، سيما بين المهتمين ورجال الإعلام والسياسة وناشطي حقوق الإنسان، بالرغم من كون الجلسات سريّة داخل قاعة المحكمة.
المساهمون