محاربة الاحتلال للأذان في القدس قد تطاول الأقصى

03 نوفمبر 2016
الحرب على الأذان قد تطاول الأقصى(عبدالحق سينا/فرانس برس)
+ الخط -
تكثّف سلطات الاحتلال الإسرائيلي مساعيها، أخيراً، لمنع رفع الأذان أو تخفيض أصوات المؤذنين في عدد من مساجد القدس المحتلة، ما يمهّد لإجراء مماثل في المسجد الأقصى، قبلة المسلمين الأولى.

وتأتي هذه المساعي رضوخاً لضغوط أوساط اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذين تظاهروا، أمس الأربعاء، أمام منزل رئيس بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس، نير بركات، اليميني المتطرف، مطالبين الأخير بالضغط على الشرطة لاتخاذ إجراءات عملية ضد المؤذنين والأذان في المساجد والذي يتسبب بإزعاجهم، ويسبب لهم "مكرهة بيئية"، بحسب زعمهم.

وسارع بركات إلى توجيه رسالة إلى قائد الشرطة الإسرائيلية في المدينة المقدسة، يطلب فيها العمل على الحد مما سماه "ضوضاء الأذان"، كما دعا فيها لاتخاذ ما يلزم من إجراءات.

وأضاف: "إن تنظيم رفع الأذان سيتم بالاشتراك بين البلدية والشرطة ووزارتي حماية البيئة والداخلية، وفقا للقانون الذي يمنح الشرطة الحق في استدعاء مؤذنين للتحقيق معهم، وبدء إجراءات جنائية بحقهم، قد تؤدي لفرض غرامات مالية عليهم".

واتهم بركات القائمين على العديد من المساجد في القدس باستخدام مكبرات الصوت دون رقابة، واصفاً ذلك بالخروج عن القانون والتسبب بإزعاج السكان.

في المقابل، حذّر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، في حديث لـ"العربي الجديد"، من تبعات ونتائج هذا القرار فيما لو طبّق.

وشدّد صبري على أن "من يزعجه نداء رب العالمين عبر مكبرات الصوت فليرحل عن هذه المدينة العربية الإسلامية التي تعاني من ظلم الاحتلال وبطشه، ولا يمكنها أن تتعايش مع احتلال كريه كهذا الاحتلال".

وأضاف أن "الهيئة الإسلامية ومعها إدارة الأوقاف لن تسمح بتمرير هذا الإجراء الذي تدرسه وزارات البيئة والشرطة وبلدية الاحتلال، وسيظل صوت الأذان مرفوعاً ومسموعاً من جميع مآذن القدس، حيث إن الأذان في الإسلام هو شعيرة من شعائره، ولا يمكن نقض هذه الشريعة أبداً".

واعتبر مسؤولون في الأوقاف الإسلامية، التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في الأردن، أن "القرار فيما لو طبق سينفذ بداية على مساجد عدد من الأحياء والضواحي المتاخمة للبلدة القديمة، مثل سلوان، والعيسوية، ومخيم شعفاط، وحي الشيخ جراح".

وكانت دعوات ومطالبات عدّة صدرت عن أوساط المستوطنين في مستوطنات مقامة على أراضي القدس وتتاخم أحياء المقدسيين، منها "بسغات زيف" و"نيفي يعقوب"، شمال القدس، وحتى في البلدة القديمة، مدعين أن صوت الأذان يدب الرعب في قلوبهم وقلوب أطفالهم، ومتهمين المؤذنين بتعمّد رفع الأذان لإزعاجهم وتخويفهم.

وفي حديثٍ لـ"العربي الجديد"، استبعد مسؤول في إدارة الأوقاف تطبيق هذا القرار على المسجد الأقصى في هذه المرحلة، مرجحاً في الوقت نفسه، إمكانية تطبيقه لاحقاً "بعد أن يتأكدوا من نجاعة تطبيقه في مساجد حول المدينة المقدسة، سواء بملاحقة المؤذنين، أو مصادرة سماعات الأذان، وفي أفضل الحالات إرغام القائمين على المساجد لتخفيض صوت الأذان إلى الحد الأدنى".

ومحاولات منع الأذان ليست وليدة هذه الفترة، كما قال مطلعون في القدس، منهم الشيخ صبري، إذ كانت تتم بتوجيهات من كبار الحاخامات، بل جرت محاولات من هذا القبيل قبل خمس سنوات، وتحديداً عام 2011، حين قام محام إسرائيلي بتكليف من مجلس الحاخاميين اليهود بتقديم طلب إلى مدير عام الشرطة الإسرائيلية آنذاك، يحثه فيه على منع الأذان، عملاً بقانون منع الضوضاء وتلوث البيئة.

ووصف المحامي المذكور في طلبه الأذان بأنه "مكرهة"، إذ ورد في نص الكتاب المرسل لقائد شرطة الاحتلال في القدس ما يلي: "بعد أن ثبت بأن الأذان للصلاة قد أخذ يشكل مكرهة وإزعاجاً للمواطنين بسبب تهاون المجالس المحلية بهذا الشأن، فإنه يطالب المدير العام للشرطة بتدخله الشخصي لمعالجة إنهاء هذا الإزعاج بفرض وتطبيق القانون".

من جهتهم، يرى المقدسيون أن "موقف بركات بهذا الشأن وتهديدات شرطة الاحتلال باتخاذ إجراءات صارمة ضد المؤذنين، في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن مشروعات قوانين قد تطرح بهذا الشأن في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لتقييد رفع الأذان، ينذر بإجراءات مماثلة كتلك التي طبقت ضد المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى".

ويعني ذلك توسيع دائرة استهداف المساجد في القدس والتي بدأت بحصار الأقصى ومحاولة تفريغه من المصلين، واستهداف حراسه بالإبعاد والاعتقال، لصالح المستوطنين الذين وسعوا من اقتحاماتهم للأقصى في غضون الأشهر الأخيرة، وفق ما يراه المواطنون المقدسيون.

المساهمون