في العشرين من أغسطس/آب الحالي، نقلت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية عن قائد قيادة الدفاع الجوي وقوات الدفاع الجوي الصاروخي، اللواء أندريه ديمين، قوله إن "أول مجموعة من منظومة الصواريخ الحديثة المضادة للطائرات "إس-500"، سوف تغطي سماء موسكو، ووسط روسيا". ونقل موقع "روسيا ما وراء العناوين" عن القائد العام لسلاح الجو الروسي، فيكتور بونداريف، أنه بمقدور هذه المنظومة إنجاز مهام لا تقتصر على تدمير الصواريخ متوسطة المدى، إنما تشمل تدمير أهداف في الفضاء الكوني القريب، أي تدمير الأقمار الاصطناعية والصواريخ الباليستية. وفي العشرين من مارس/آذار 2013، كان قد عقد في موسكو مؤتمر "مسائل تطوير المجمّع الصناعي العسكري الروسي الملحّة". أما وقد مضى على المؤتمر نحو عام ونصف العام، فإذ بنائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجنة الصناعة الحربية، ديمتري روغوزين، ينشر في العدد السادس من مجلة "الدفاع القومي" مقالاً بعنوان "عن المهمات الست"، يلفت فيه إلى ما يفيد روسيا هو اعتمادها على الصناعة الحربية أساساً لتطوير صناعتها إجمالاً، وتحقيق عودة منشودة إلى زمن القوة.
لا خيار إلا القوة
كشف روغوزين، في مقاله، أنه في الوقت الحاضر، تم الانتهاء من تطوير عدد من أنواع الأسلحة المشمولة ببرنامج التسليح للأعوام 2011-2020، وقد تجاوزت مرحلة الاختبار ووضعت على خطوط الانتاج الكمي. وأكد وجود نماذج أخرى تخضع الآن للتطوير على مستويات مختلفة، علماً بأن الطلب الحكومي على الصناعة الحربية لعام 2013 تمت تلبيته بنسبة 95 في المائة، وقد تضاعف 1.6 مرة، قياساً بعام 2012. وخلال العام الحالي تتم تلبية الطلب وفقا للجدول المقرر، ويتم تزويد الجيش بمحطات رادار جديدة من نمط "فورونيج"، ومنظومات دفاع جوي "إس-400"، ومنظومات "بانسر-إس"، التي لا نظير لها في العالم. أما القوات الجوية، فيتم تزويدها بطائرات "سو-34" و"سو-35"، وبالمروحيات المقاتلة من نمط "كا-52" و"مي-28 إن".
كما يتم تطوير طائرات قتالية متعددة المهام، والغواصة النووية "بوريه" ذات المهام الإستراتيجية، المسلحة بصواريخ جديدة، وكذلك الغواصة النووية "ياسِن" المتعددة المهام، انضمتا إلى الأسطول البحري الروسي منذ العام الماضي. كما يتم تزويد الوحدات البرية بمنظومات "إسكندر- إم" الصاروخية العالية الدقة، ويتم تطوير أسلحة نارية جديدة، وناقلات جند مدرعة ودبابات، على أن يكون 70 في المائة من عتاد الجيش من أحدث الأسلحة، بحلول عام 2020".
ولم يغفل نائب رئيس لجنة الصناعة الحربية الروسية ضرورة تطوير الاقتصاد والصناعة المدنيين، فأضاف "بلا اقتصاد مدني قوي، لا يمكن أن تصمد الصناعة الحربية طويلاً، فهما مثل جناحين تعتمد عليهما بلادنا في الاندفاع إلى الأمام". وقارن بين الوضع الحالي في روسيا، وحالها في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي، حين كان الاتحاد السوفييتي مضطراً للعمل على تصنيع متسارع للبلاد لتقوية قدراتها الدفاعية، في ظروف عزلة اقتصادية وسياسية، مؤكداً أنّ "مجمع الصناعة العسكرية يمكن أن يصبح قاطرة لتطور البلاد، كما كان على مدى السنوات السبعين الأخيرة".
الصناعة الحربية
تعود لجنة الصناعة الحربية إلى تقليد روسي يعود إلى زمن الحرب العالمية الأولى، يعتمد إدارة مركزية موحدة للصناعة الحربية، واقتصاد الحرب في زمن المخاطر. بعد التعبئة الشاملة لإمكانات البلاد الدفاعية خلال الحرب العالمية الأولى، ثم ثورة 1917، والحرب الأهلية، التي أعقبتها، جرى تخفيض النفقات العسكرية ولعديد القوات المسلحة ولإمكانات البلد الدفاعية بالعموم. وبالنتيجة، لم يملك الاتحاد السوفييتي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي إلا عدداً محدوداً من المؤسسات الإنتاجية العسكرية، حتى اندلعت الحرب العالمية الثانية، وبرز خطر الهجوم على الاتحاد السوفييتي في الأفق، فتم تبني سياسة الاستعداد للحرب، وبالتالي زيادة عديد القوات المسلحة وإنتاج السلاح، والتعبئة الاقتصادية والاجتماعية لخدمة هذا الهدف. وقد اقترح، حينها، قادة الجيش ومديرو المؤسسات الصناعية، وفقا لموقع "أرسينال-أوتيتشيستفا.رو"، إنشاء هيئة "تعبئة" موحدة، تتحمل مسؤولية إعداد الصناعة والاقتصاد عموما للحرب.
ومع الهجوم على الاتحاد السوفييتي، انتقلت جميع وظائف إدارة الصناعة الحربية إلى "لجنة الدفاع الحكومية". ثم جاءت سنوات بعد الحرب لتخلو من هيئة مركزية لإدارة الصناعة الحربية. إلى أن تم تشكيل لجنة الصناعة الحربية، سنة 1957. وينسب إلى هذه اللجنة، التي استمرت حتى انهيار الاتحاد السوفييتي (1991)، الفضل في تصنيع أسلحة نووية صاروخية رادعة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وبالتالي، ضمان السلام العالمي لستة عقود.
مع انهيار الاتحاد السوفييتي، ألغيت الإدارة المركزية الموحدة للصناعة، بما فيها الصناعة الحربية. إلى أن جاءت سنة 2006، ليعاد تشكيل لجنة الصناعة الحربية في روسيا الاتحادية، بالتوازي مع خطوات أخرى مركزية لضمان أمن البلاد عسكرياً، بينما يتم الحديث اليوم عن نهضة في الصناعة العسكرية وما يخدمها من صناعات ذات فوائد مدنية متعددة.
وعلى موقع الحكومة الروسية الرسمي، جاء أن لجنة الصناعة الحربية التابعة لحكومة روسيا الاتحادية، هي المسؤولة عن تنظيم أنشطة السلطات الفيدرالية التنفيذية وتنسيقها بما يخدم السياسة العسكرية التقنية في الاتحاد الروسي، وتطوير المفاهيم والبرامج والخطط في مجال الدعم العسكري التقني للدفاع الوطني، وتطبيق القانون وتحقيق أمن الدولة، وتطوير إنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية الخاصة، وتطوير المجمع الصناعي العسكري والعلوم والتكنولوجيا لخدمة الدفاع الوطني، وكذلك تعبئة الاقتصاد الوطني الروسي وتشكيل نظام الدفاع عن الدولة.