كشف رئيس "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر (رسمي)، محمد فايق، أن "المجلس يواجه تعنتاً وتسويفاً في تنفيذ طلباته الخاصة بزيارة بعض السجون، وهو ما يمثل انتهاكاً لا بد من معالجته سريعاً"، مشيراً إلى أن بعض السجون المصرية (لم يسمها) مغلقة أمام أعضاء المجلس، و"لا يُعرف ما يحدث فيها من انتهاكات (إن وُجدت)".
وقال فايق في حوار نشرته صحيفة "الشروق" الخاصة مؤخراً، إن "التسويف كان هو الرد الرسمي من وزارة الداخلية على طلبات أعضاء المجلس بزيارة السجون"، مستطرداً "مرة يُقال لنا بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وأخرى بعد انتهاء البطولة الأفريقية لكرة القدم، ونعلم أن ذلك يعني عدم السماح بتنظيم زيارات للسجون في الوقت الراهن".
وأضاف فايق أن "هناك حاجة إلى تعديل قانون الإجراءات الجنائية، في ما يتعلق بتنظيم إجراءات الحبس الاحتياطي المُطول"، مستدركاً أن "المراقبة داخل أقسام الشرطة لمدة 12 ساعة يومياً أفضل من البقاء داخل السجن، مع الاعتراف أنها تمثل تقييداً لحرية الشخص المُفرج عنه، لأنها أحد أشكال الاحتجاز باعتبارها جزءاً من الحكم القضائي".
كما أفاد بأن المجلس الحقوقي لا يعرف حجم الانتهاكات على وجه الدقة، نتيجة غلق السجون أمام أعضائه، معتبراً أنه "يجب النظر إلى حالة حقوق الإنسان في مصر نظرة شاملة، لأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تشهد تقدماً، وطفرة كبيرة، لا سيما مع تنفيذ برامج التنمية المستدامة التي تكفل الاهتمام بالمهمشين، على غرار برنامج "تكافل وكرامة".
غير أن فايق أقر بوجود مشكلات كثيرة تواجه الحقوق المدنية والسياسية في مصر، والتي شهدت في الوقت ذاته تطورات في تصحيح بعض التشريعات محل الخلاف، مثلما حدث مع قانون تنظيم العمل الأهلي، والمنظمات النقابية العمالية، منبهاً إلى أن منظمات حقوق الإنسان الأوروبية ترى أن هناك تأخراً في الملف الحقوقي المصري، خصوصاً مع ما يُصدر في الخارج بشأن الأعداد الكبيرة من أحكام الإعدامات.
وزعم فايق أن إجراءات "الإصلاح الاقتصادي" لم تؤثر على حقوق المواطن الاقتصادية والاجتماعية، بذريعة تزامنها مع إجراءات لحماية الطبقات الأضعف اجتماعياً، فضلاً عن مُضي الدولة قدماً في خطة تطوير العشوائيات، والمنظومة الجديدة للتأمين الصحي الشامل، باعتبار أن القضاء على الفقر "يمثل أحد التزامات مصر للتنمية المستدامة أمام الأمم المتحدة".
وحسب مصدر مطلع في "القومي لحقوق الإنسان"، فإن انتقادات فايق للوضع الحقوقي في بلاده "استهدفت إرضاء المنظمات الغربية التي ترى في المجلس وجهاً تجميلياً للحكومة المصرية"، مشيراً إلى أنها "استبقت كذلك محاولات مجلس النواب الرامية لتغيير أعضاء المجلس الحقوقي، والتي يقودها رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، ضابط الشرطة السابق علاء عابد".
وقال المصدر في حديث خاص لـ "العربي الجديد"، إن اتصالات تلقاها رئيس المجلس من أعضاء في منظمات دولية، تنتقد عدم السماح بزيارة السجون المصرية للمنظمات المحلية أو الأجنبية على حد سواء، إلى جانب رغبته في التبرؤ من الأوضاع الحقوقية المثيرة للانتقادات، ومحاولة الضغط على مصلحة السجون المصرية، للسماح ولو بزيارة واحدة لأحد سجون منطقة "طره".
وتواجه السلطات المصرية انتقادات محلية ودولية واسعة النطاق، منذ وفاة الرئيس السابق محمد مرسي أثناء إحدى جلسات محاكمته، نتيجة تردي أوضاع المعتقلين داخل السجون ومقار الاحتجاز، ما دفع المحتجزين في سجن طرة "شديد الحراسة" إلى تنظيم إضراب عن الطعام، إثر وفاة شابين اثنين خلال الأسبوع الماضي، بالرغم من عدم معاناتهما من أمراض ظاهرة.
بدورها، وجهت "منظمة العفو الدولية" انتقادات حادة للنظام المصري، مشيرة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أخيراً، إلى إن "السلطات الحاكمة تستخدم المراقبة الشرطية بشكل تعسفي خلال ساعات الليل، لترهيب الناشطين السياسيين، وإجبارهم على المبيت في زنازين مكتظة، وذلك بعد إطلاق سراحهم، وتنفيذ مدة عقوبتهم، بغرض إسكاتهم".
وفي 4 يوليو/تموز 2017، أقر مجلس النواب تشريعاً مقدماً من حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 94 لسنة 2003، الخاص بإنشاء "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، والذي نص على تولي أعضاء المجلس تسيير شؤونه إلى حين تشكيل مجلس جديد، ومنح البرلمان سلطة تشكيل مجلس جديد خلال 30 يوماً من العمل بالقانون، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.