انتقادات دولية واسعة لاحقت الحكومة المصرية بسبب أوضاع حقوق الإنسان، خلال انعقاد جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الثامنة والعشرين، وجهها عدد من مندوبي الدول المشاركة في الجلسة.
واعتمد المجلس تقرير مصر خلال جلسته المنعقدة اليوم الجمعة، بجنيف، مثولاً لآلية المراجعة الدورية الشاملة والتوصيات التي قدمتها الدول خلال مراجعة الملف في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ إذ تقوم فكرة المراجعة الدورية للأمم المتحدة على تكرار عرض الملف الحقوقي لكل دولة مرة كل أربع سنوات، لبيان مدى التزامها بما أقرّته من توصيات والتزامات، وتقييم جهودها في صيانة حقوق مواطنيها دورياً.
وأبرز الدول التي وجّهت انتقادات للسلطات المصرية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان وطالبتها بضرورة تحسينه وتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين، هي ألمانيا وأستراليا والدانمارك والسويد والنمسا وسويسرا وكوستاريكا.
وانتقد مندوب النمسا في كلمته ما اعتبره "الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة المصرية في فض الاعتصامات كما حدث في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة"، مطالباً بضرورة إطلاق سراح جميع الصحافيين الذين اعتقلوا أثناء أداء عملهم، مع ضرورة إسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، وباحترام حق التجمع وإلغاء القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخراً بشأن توسيع صلاحيات المحاكم العسكرية، وإصدار قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني بما يسمح لها بممارسة عملها دون أي تدخل حكومي.
اقرأ أيضاً:
"هيومن رايتس ووتش" تحمل تقرير "رابعة" إلى جنيف
من جهته طالب مندوب سويسرا في الجلسة نفسها، السلطات المصرية بتعليق عقوبة الإعدام، مطالباً مصر احترام التزاماتها الدولية الواردة في اتفاقية مناهضة التعذيب.
وأعربت مندوبة أستراليا عن قلقها من القيود التي تضعها السلطات المصرية على التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي والتفكير.
كما قال مندوب بلجيكا لدى المجلس، وهو أحد مندوبي الدول الـ16 التي أجرت مداخلات بشأن التقرير المصري، إن بلاده تدعو إلى مناهضة الإرهاب في ظل احترام حقوق الإنسان، مطالباً برفع القيود على مؤسسات المجتمع المدني وتعليق العمل بعقوبة الإعدام، والعمل على ترسيخ سياسة عدم الإفلات من العقاب، والتحقيق في جرائم عنف الشرطة، وصولاً إلى قدر كبير من الشفافية بإعلان السلطات المصرية نتائج تقارير تقصي الحقائق في تلك الأحداث.
وأعرب مندوب ألمانيا عن ترحيبه بقبول مصر التوصيات، في الوقت الذي أعرب عن أسف بلاده لعدم الاستجابة إلى توصية بتعليق تطبيق عقوبة الإعدام، مشدداً على أهمية العمل على توفير الضمانات القضائية العادلة في المحاكمات، والعمل على ترسيخ مبادئ حرية الرأي والتعبير ورفع القيود في هذا الشأن.
وفي السياق، أصدرت منظمات حقوقية دولية من أبرزها العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، بياناً مشتركاً اتهمت فيه الدول الغربية المؤيدة للنظام المصري بمحاولة التغاضي عن مواصلة الحكومة المصرية الحالية عدداً من أشكال القمع والعصف بالحريات خلال السنوات الثلاث الماضية.
أما رئيس وفد مصر بالأمم المتحدة، السفير عمرو رمضان، فقال في كلمته خلال جلسة اعتماد تقرير المراجعة الدورية الشاملة لمصر، إن بلاده قبلت 243 توصية من التوصيات التي قدمت إليها (220 بشكل كامل و23 بشكل جزئي) أي أن نسبة القبول بلغت 81 في المئة من إجمالي التوصيات.
وأقر رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، محمد فائق، في كلمته بضرورة مطالبة الحكومة المصرية باتخاذ خطوات محددة لتعزيز حقوق الإنسان، ومنها تعديل قانون التظاهر السلمي بما يتفق مع ما أبداه المجلس من تحفظات، وإصدار قانون جديد للجمعيات الأهلية يؤكد حق تكوين الجمعيات بمجرد الإخطار وإعادة النظر في مدة الحبس الاحتياطي، وتطوير منظومة العدالة من أجل رفع كفاءتها وإنشاء مفوضية تكافؤ الفرص ومنع التمييز والاستمرار في مكافحة الإرهاب، باعتباره انتهاكاً للحق في الحياة مع الالتزام الكامل بحقوق الإنسان، وإلغاء العقوبات السالبة للحريات في جرائم الرأي.
ودعا فائق الحكومة إلى إنشاء آلية إضافية مستقلة لزيارة ومراقبة السجون يمكن للمجلس القومي أن يضطلع بها.
وتستعد منظمات حقوقية دولية، لكشف أوضاع حقوق الإنسان في مصر وفضح انتهاكات تتم بحق المصريين منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، خلال الجلسات النقاشية على هامش المؤتمر.
وبالتزامن مع جلسات انعقاد المؤتمر، يتم تنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية سواء المؤيدة للنظام المصري التي ترفع لافتات تتعلق بمحاربة الإرهاب، أو المعارضة للنظام التي تفضح جرائمه بالصور التي ترفعها في وقفاتها والتي تطالب بتحقيق دولي عاجل في المذابح التي ارتكبها النظام المصري الحالي منذ توليه مقاليد السلطة.