أظهرت مجزرة مسجد الروضة التي راح ضحيتها 309 مواطنين، مدى التقصير الحكومي في مجال الصحة بمحافظة شمال سيناء (شمال شرق مصر)، إذ عجزت مستشفياتها عن توفير أدنى متطلبات الرعاية الأولية للمصابين، ما أدى إلى وفاة عدد منهم، وفق ما تؤكده مصادر طبية لـ"العربي الجديد".
بالرغم من أنّ الرئاسة وأجهزة الدولة المصرية تتحدث دائماً عن التنمية في سيناء بما فيها القطاع الصحي، إلّا أنّ ذلك بقي حبراً على ورق، مع تجاهل واضح للوعود التي أطلقتها وزارة الصحة على مدار الأعوام الماضية بإنشاء مستشفيات جديدة تتناسب مع الأوضاع التي تعيشها المنطقة، وتكون عوضاً عن المستشفيات المهترئة في مبانيها وتجهيزاتها، والضعيفة على مستوى عدد الطواقم الطبية العاملة فيها.
تقول مصادر طبية في مستشفى بئر العبد، الذي استقبل مئات الجثث للضحايا والمصابين في ساعة واحدة، إنّ "المستلزمات الطبية في المستشفى لم تكن تكفي لاستقبال ربع العدد الذي وصل إلينا يوم الجمعة الماضي بعد المجزرة". وتوضح المصادر نفسها أنّ القضية ليست في طبيعة الحادثة نفسها، ففي حال وقع حادث سير بين حافلتين، ستكون المشكلة نفسها مع نقص الأسرّة والمستلزمات الطبية اللازمة لتقديم الرعاية الأولية للمصابين قبل نقلهم إلى مستشفيات الإسماعيلية أو السويس.
تكشف المصادر أنّ عدداً من المصابين لا يقل عن عشرين توفوا نتيجة عدم توافر وحدات الدم التي نفدت بسبب كثرة المصابين من جهة، ومن جهة أخرى بسبب عدم وجود الأكياس الطبية اللازمة لسحب الوحدات من المتبرعين الذين كانوا بالعشرات على بوابة المستشفى وفي أروقته.
وفقاً للصور التي خرجت من المستشفى بعد وقوع المجزرة، فإنّ عدداً من المصابين كانوا مرميين على أرض المستشفى لعدم وجود أسرّة كافية، وكانت الفرق الطبية والمتطوعون يقدمون الرعاية الأولية للمصابين في ممرات المستشفى التي غصت بالضحايا والجرحى على مدار يوم الجمعة قبل نقل عدد من المصابين إلى مستشفيات خارج المحافظة.
يشار إلى أنّ مدينة بئر العبد، وما يحيط بها من قرى، يقطنها ما لا يقل عن 90 ألف نسمة، بينما يعتبر المستشفى الحالي وحدة صحية لا تكفي لقرية واحدة، بالنظر إلى التجهيزات المتواضعة، وعدد العاملين فيه، وغرف العمليات.
وفقاً لشهود عيان شاركوا في عمليات نقل المصابين من مسجد الروضة إلى المستشفى، فإنّ بعض الأطباء طالبوا بضرورة نقل المصابين إلى مستشفى بئر العبد المركزي الذي جرى إنشاؤه حديثاً، وتأخر افتتاحه أكثر من مرة، إلّا أنّ طلباتهم رفضت من قبل وزارة الصحة، بحجة عدم جهوزية شبكة الأوكسجين فيه. يوضح هؤلاء أنّ بعض الشباب من أهالي المصابين اضطروا إلى دخول المستشفى الجديد الذي يقع على مقربة من المستشفى القديم، وجلب بعض الأسرّة لوضع المصابين عليها إثر انشغال جميع أسرّة المستشفى الجديد.
اقــرأ أيضاً
يقول مصدر في مكتب وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء، إنّ الوزارة بصدد محاسبة المواطنين الذين دخلوا إلى المستشفى الجديد ونقلوا بعض المستلزمات الطبية إلى المستشفى القديم خلال فترة استقبال المصابين بعد ظهر الجمعة الماضي. يضيف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ الوزارة بالقاهرة سارعت إلى نقل عدد من المصابين إلى مستشفيات الإسماعيلية والسويس والعريش، لضمان عدم الإدلاء بأحاديث إعلامية عن ضعف القطاع الصحي بشمال سيناء ورفض تشغيل المستشفى الجديد بسبب الظرف الطارئ. يتابع المصدر أنّ طلبات مستشفى بئر العبد بنقل بعض المصابين بالإسعاف الطائر إلى مستشفيات القاهرة قوبلت بالرفض، بالرغم من أنّ عشرات الحالات كانت خطيرة للغاية، وفي حاجة إلى عناية طبية فائقة، وهي غير متوفرة في مستشفيات شمال سيناء أو الإسماعيلية التي جرى نقل بعض المصابين إليها.
كذلك، ظهر في مجزرة الروضة نقص حاد في عدد سيارات الإسعاف المتوافرة لدى نقاط الإسعاف المنتشرة في شمال سيناء، بالرغم من الوضع الأمني الصعب، وتكرار الحوادث الإرهابية سواء في حق الأمن أو المدنيين على مدار الأعوام الأربعة الماضية.
واضطر المواطنون إلى نقل المصابين وجثث الضحايا بسياراتهم الخاصة، و"التوك توك"، بعد تأخر سيارات الإسعاف في الوصول، عدا عن قلتها، وانتظار وصول سيارات إسعاف من نقاط خارج مركز بئر العبد، فيما نقل عدد من المصابين إلى مستشفيات خارج محافظة شمال سيناء بسيارات خاصة تعود لمواطنين.
يعلق أحد مشايخ مدينة بئر العبد قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنّ أقل ما تقدمه الدولة إلى المدينة والقرى بعد المجزرة البشعة أن تُحسّن الوضع الصحي في المدينة، بالإسراع في تشغيل المستشفى الجديد، ونقل المصابين من المستشفى القديم إليه، وزيادة عدد سيارات الإسعاف في المدينة، وكذلك إضافة كوادر طبية جديدة إلى المستشفى. يضيف أنّ المواطن في سيناء لا يطلب شيئاً خيالياً بقدر ما هو حق له عند الدولة، فالمواطن هنا يحتمل الأوضاع الأمنية الصعبة، وعلى الدولة أن تراعي ظروفه بأن يجد دواءً حينما يمرض أو يصاب، وأن يجد مكاناً يتلقى العلاج فيه.
في نهاية المطاف، يضاف القطاع الصحي إلى جملة الملفات التي تقصر فيها الدولة المصرية في تعاملها مع سيناء على مدار العقود الماضية، وهذا ما يشعر به المواطن السيناوي يومياً، في شتى القطاعات الحكومية.
اقــرأ أيضاً
بالرغم من أنّ الرئاسة وأجهزة الدولة المصرية تتحدث دائماً عن التنمية في سيناء بما فيها القطاع الصحي، إلّا أنّ ذلك بقي حبراً على ورق، مع تجاهل واضح للوعود التي أطلقتها وزارة الصحة على مدار الأعوام الماضية بإنشاء مستشفيات جديدة تتناسب مع الأوضاع التي تعيشها المنطقة، وتكون عوضاً عن المستشفيات المهترئة في مبانيها وتجهيزاتها، والضعيفة على مستوى عدد الطواقم الطبية العاملة فيها.
تقول مصادر طبية في مستشفى بئر العبد، الذي استقبل مئات الجثث للضحايا والمصابين في ساعة واحدة، إنّ "المستلزمات الطبية في المستشفى لم تكن تكفي لاستقبال ربع العدد الذي وصل إلينا يوم الجمعة الماضي بعد المجزرة". وتوضح المصادر نفسها أنّ القضية ليست في طبيعة الحادثة نفسها، ففي حال وقع حادث سير بين حافلتين، ستكون المشكلة نفسها مع نقص الأسرّة والمستلزمات الطبية اللازمة لتقديم الرعاية الأولية للمصابين قبل نقلهم إلى مستشفيات الإسماعيلية أو السويس.
تكشف المصادر أنّ عدداً من المصابين لا يقل عن عشرين توفوا نتيجة عدم توافر وحدات الدم التي نفدت بسبب كثرة المصابين من جهة، ومن جهة أخرى بسبب عدم وجود الأكياس الطبية اللازمة لسحب الوحدات من المتبرعين الذين كانوا بالعشرات على بوابة المستشفى وفي أروقته.
وفقاً للصور التي خرجت من المستشفى بعد وقوع المجزرة، فإنّ عدداً من المصابين كانوا مرميين على أرض المستشفى لعدم وجود أسرّة كافية، وكانت الفرق الطبية والمتطوعون يقدمون الرعاية الأولية للمصابين في ممرات المستشفى التي غصت بالضحايا والجرحى على مدار يوم الجمعة قبل نقل عدد من المصابين إلى مستشفيات خارج المحافظة.
يشار إلى أنّ مدينة بئر العبد، وما يحيط بها من قرى، يقطنها ما لا يقل عن 90 ألف نسمة، بينما يعتبر المستشفى الحالي وحدة صحية لا تكفي لقرية واحدة، بالنظر إلى التجهيزات المتواضعة، وعدد العاملين فيه، وغرف العمليات.
وفقاً لشهود عيان شاركوا في عمليات نقل المصابين من مسجد الروضة إلى المستشفى، فإنّ بعض الأطباء طالبوا بضرورة نقل المصابين إلى مستشفى بئر العبد المركزي الذي جرى إنشاؤه حديثاً، وتأخر افتتاحه أكثر من مرة، إلّا أنّ طلباتهم رفضت من قبل وزارة الصحة، بحجة عدم جهوزية شبكة الأوكسجين فيه. يوضح هؤلاء أنّ بعض الشباب من أهالي المصابين اضطروا إلى دخول المستشفى الجديد الذي يقع على مقربة من المستشفى القديم، وجلب بعض الأسرّة لوضع المصابين عليها إثر انشغال جميع أسرّة المستشفى الجديد.
يقول مصدر في مكتب وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء، إنّ الوزارة بصدد محاسبة المواطنين الذين دخلوا إلى المستشفى الجديد ونقلوا بعض المستلزمات الطبية إلى المستشفى القديم خلال فترة استقبال المصابين بعد ظهر الجمعة الماضي. يضيف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنّ الوزارة بالقاهرة سارعت إلى نقل عدد من المصابين إلى مستشفيات الإسماعيلية والسويس والعريش، لضمان عدم الإدلاء بأحاديث إعلامية عن ضعف القطاع الصحي بشمال سيناء ورفض تشغيل المستشفى الجديد بسبب الظرف الطارئ. يتابع المصدر أنّ طلبات مستشفى بئر العبد بنقل بعض المصابين بالإسعاف الطائر إلى مستشفيات القاهرة قوبلت بالرفض، بالرغم من أنّ عشرات الحالات كانت خطيرة للغاية، وفي حاجة إلى عناية طبية فائقة، وهي غير متوفرة في مستشفيات شمال سيناء أو الإسماعيلية التي جرى نقل بعض المصابين إليها.
كذلك، ظهر في مجزرة الروضة نقص حاد في عدد سيارات الإسعاف المتوافرة لدى نقاط الإسعاف المنتشرة في شمال سيناء، بالرغم من الوضع الأمني الصعب، وتكرار الحوادث الإرهابية سواء في حق الأمن أو المدنيين على مدار الأعوام الأربعة الماضية.
واضطر المواطنون إلى نقل المصابين وجثث الضحايا بسياراتهم الخاصة، و"التوك توك"، بعد تأخر سيارات الإسعاف في الوصول، عدا عن قلتها، وانتظار وصول سيارات إسعاف من نقاط خارج مركز بئر العبد، فيما نقل عدد من المصابين إلى مستشفيات خارج محافظة شمال سيناء بسيارات خاصة تعود لمواطنين.
يعلق أحد مشايخ مدينة بئر العبد قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنّ أقل ما تقدمه الدولة إلى المدينة والقرى بعد المجزرة البشعة أن تُحسّن الوضع الصحي في المدينة، بالإسراع في تشغيل المستشفى الجديد، ونقل المصابين من المستشفى القديم إليه، وزيادة عدد سيارات الإسعاف في المدينة، وكذلك إضافة كوادر طبية جديدة إلى المستشفى. يضيف أنّ المواطن في سيناء لا يطلب شيئاً خيالياً بقدر ما هو حق له عند الدولة، فالمواطن هنا يحتمل الأوضاع الأمنية الصعبة، وعلى الدولة أن تراعي ظروفه بأن يجد دواءً حينما يمرض أو يصاب، وأن يجد مكاناً يتلقى العلاج فيه.
في نهاية المطاف، يضاف القطاع الصحي إلى جملة الملفات التي تقصر فيها الدولة المصرية في تعاملها مع سيناء على مدار العقود الماضية، وهذا ما يشعر به المواطن السيناوي يومياً، في شتى القطاعات الحكومية.