مجازر جديدة للنظام السوري وروسيا... بلا نتائج عسكرية

23 يونيو 2016
مقتل 25 مدنياً بينهم ستة أطفال في الرقة(بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -
صعّدت طائرات النظام السوري والطائرات الروسية غاراتها الجوية على مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وتحديداً في حلب وريفها، وإدلب، والرقة وريفها التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وتترك هذه الغارات الجوية المستمرة مزيداً من المآسي بين سكان هذه المناطق من دون أي تأثير على أطراف الصراع. ويطرح تصاعد هذا الاستهداف العشوائي لمناطق المعارضة تساؤلات حول ماهية الهدف الحقيقي منه.

ويلفت تقرير مصوّر لمركز حلب الإعلامي من حي طريق الباب في حلب إلى أن طائرة حربية يُعتقد أنها تابعة للنظام السوري استهدفت مباني سكنية في حي طريق الباب، أمس الأربعاء، بصاروخين موجّهين، ما أدى لمقتل طفلين اثنين وإصابة آخرين، تم إسعافهم من قبل فرق الدفاع المدني إلى النقاط الطبية والمستشفيات القريبة. ويوضح شهود عيان من سكان الحي، خلال التقرير، أن الشارع المستهدف خالٍ من أي نقاط أو مقرات عسكرية للمعارضة.

وبثّ نشطاء محليون من بلدة حيان في ريف حلب الشمالي تسجيلات مصوّرة تُظهر قصف طائرات روسية، أمس الأربعاء، بلدة حيان شمال حلب بقنابل فوسفورية، خلّفت حرائق كبيرة في المباني السكنية. لكن هذا القصف لم يخلف قتلى مدنيين بسبب خلو البلدة من سكانها بشكل شبه كامل نتيجة نزوحهم، في وقت سابق، إثر استهدافها بالقصف الجوي بشكل متكرر.

ويقول الناشط حسن الحلبي لـ"العربي الجديد" إن طائرات روسية استهدفت بلدة كفرحمرة بريف حلب الشمالي بعشر غارات جوية على الأقل، عصر أمس الأربعاء، وشملت الغارات قصفاً بالقنابل العنقودية والصواريخ الفراغية، ما خلف دماراً كبيراً في المباني السكنية في البلدة. ويلفت الحلبي إلى أن الطيران الحربي الروسي استهدف مدينة حريتان، وبلدتَي بيانون وعندان، وأطراف قرية الطامورة، ومحيط طريق الكاستلو شمال حلب، بالقنابل الفوسفورية، بشكل متكرر، فجر أمس الأربعاء. وجاء هذا القصف استكمالاً لقصف مشابه شنّته طائرات روسية بالقنابل الفوسفورية، خلال يومَي الثلاثاء والإثنين الماضيين.

وأكدت قناة "روسيا اليوم" استخدام القوات الروسية القنابل العنقودية في سورية، من خلال لقطة في أحد تقاريرها. وأعدت القناة تقريراً، السبت الماضي، عن لقاء وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، رئيس النظام السوري بشار الأسد، وزيارته إلى القاعدة الروسية في مطار حميميم العسكري، قرب مدينة اللاذقية على الساحل السوري. وفي التقرير، تظهر لقطة مدتها أربع ثوانٍ، وفيها قنابل عنقودية مرمّزة بـ"RBK-500 ZAB 2.5SM" على طائرة من طراز Su-34، كما حددها "فريق الاستخبارات في الصراع" (Conflict Intelligence Team).

في إدلب، يقول الناشط الإعلامي بلال عمران لـ"العربي الجديد"، إن "طيران النظام الحربي استهدف، أمس الأربعاء، أطراف بلدة تلمنس في ريف إدلب الجنوبي، وذلك بعد ساعات من قصف ليلي مماثل، أدى لسقوط أربعة قتلى مدنيين في بلدة البارة وثلاثة آخرين في كفرنبل.
في حمص، يؤكد المتحدث باسم مركز حمص الإعلامي، محمد السباعي، لـ"العربي الجديد"، مقتل مدنيين اثنين بقصف مدفعي لقوات النظام استهدف، فجر أمس الأربعاء، بلدة الغنطو، بريف حمص الشمالي.






أمّا في وسط سورية، تحدث "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أمس الأربعاء، عن اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وتنظيم "داعش" في محيط صوامع الحبوب، شرقي مدينة تدمر، إثر هجوم شنّه التنظيم على المنطقة، ترافق مع سماع دوي انفجارين عنيفين ناجمين عن تفجير التنظيم لعربتين مفخختين في المنطقة، وسط أنباء عن قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام.

في ريف حماة، تقول مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن تنظيم "داعش" تمكن من السيطرة على حاجز الأبراج قرب بلدة إثريا في ريف حماة الشرقي، أمس الأربعاء، بعدما طرد قوات النظام السوري بالكامل من المناطق التي سيطرت عليها، خلال الأيام الأخيرة، في ريف الرقة الجنوبي الغربي، في محاولة لقوات النظام والمليشيات الداعمة لها للتمدد نحو مدينة الطبقة ومطارها العسكري الواقعين تحت سيطرة التنظيم.

وفي سياق رده على تراجع النظام الميداني الكبير أمام "داعش" في ريف الرقة وريف حماة الشرقي، شّنت طائرات النظام السوري غارات جوية على مدينة الرقة أكبر المدن التي يسيطر عليها التنظيم في سورية، ما أدى لمقتل 25 مدنياً، بينهم ستة أطفال. وأُصيب نحو اثني عشر شخصاً في قصف جوي نفّذته طائرات حربية، أول من أمس الثلاثاء، على أحياء مدينة الرقة، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأعلنت حملة "الرقة تُذبح بصمت" المهتمة بتوثيق الانتهاكات في المحافظة، أول من أمس الثلاثاء، على صفحتها الرسمية عبر موقع "فايسبوك"، أنّ "ثمانية مدنيين قُتلوا وأُصيب آخرون، في أول حصيلة معلنة، إثر قصف جوي روسي على أحياء المحطة، والمشلب، والفردوس، وشارع المنصور، ومنطقة الثكنة بمدينة الرقة".

وتأتي هذه الغارات بعد خسارة قوات النظام عدداً من المواقع في هجوم لعناصر "داعش" في مثلّث الرصافة، وقرية خربة، وزيدان، وبئر سوسة، من محاور الشيخ هلال، والرصافة، وصفيان، غرب مدينة الطبقة، إذ سقط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين. ويمكن إدراج الغارات التي تشنها طائرات النظام السوري وروسيا على المناطق السكنية الواقعة تحت سيطرة قوات المعارضة، والتي خلّفت مجازر جديدة، تحت بند الأعمال الانتقامية التي تمارسها قوات النظام وموسكو للانتقام من السكان في مناطق سيطرة المعارضة، بهدف تأليبهم على المعارضة.

إلا أن استراتيجية القصف العشوائي الانتقامي التي اتبعها النظام السوري، خلال السنوات الماضية، وباتت الطائرات الروسية تتبناها، أخيراً، من خلال استخدام القنابل الفوسفورية والعنقودية، شمال حلب، لم تكن مجدية في تحقيق هدفها، إذ دفعت عددا كبيرا من السكان إلى الانضمام للقتال في صفوف المعارضة السورية.