مثقف فريد

04 أكتوبر 2016
تمارا نهار/ سورية
+ الخط -

درجت في سورية أفكار نمطية اشتغلت عليها طويلاً ماكينات إعلامية وثقافية ومخابراتية. من هذه الأفكار- التي تحيل إلى الخلفية الطائفية فوراً- ديباجة معتادة، فإن كان المثقف من "الأقليات" فعليه التغني بمفردات تنتمي إلى بيئة اشتُغل على تكريسها على أنها "بيئة الأقليات" المنفتحة. وأما إذا كان من بيئة هامشية على الأطراف فما عليه سوى لعن منبته وتقديم أهل تلك البيئات على أنهم رعاع، وأنه هو استثناءٌ لا يمكن لتلك البيئة أن تنتج عبقرياً مثله مرة أخرى.

طبعاً، أدبيات الاستعمار الاستشراقية ليست براء من ذلك، فوصف "الأقليات" في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كـ "حضاريين يعيشون وسط رعاع" غزير جداً، وللأسف هذا هو الخطاب الذي تستثمره بعض اللوبيات الأقلوية (قومية، دينية) في المحافل الدولية للدفاع عن "قضاياها" في هذا الغرب، الذي يحتفي بأمثال بوعلام صنصال وأضرابه.

مثل المثقف المستشرق ذاتياً، يصوّر "عبقري الهامش" السوري نفسه على أنه الاستثناء الخارق، القادم من بيئة "متخلفة"، تعشقه المثقفات قبل راعيات الأغنام، كما لو أنه ذلك المثقف البائس الذي لم يجد من طريقة لكي يثأر من مستعمره سوى قضيبه، بحسب تعبير طرابيشي. وبالطبع ليس مفاجئاً أن يكون موقفه ضد مطالب أو ثورة هؤلاء القادمين من بيئته، التي تنكّر لها طويلاً.


المساهمون