متلازمة داون... تنمية قدرات المصابين تبدأ بقبول اختلافهم

21 مارس 2018
القضاء على التمييز ضدهم هو التحدي الأكبر(آلان غوروفيك/Getty)
+ الخط -
لا يختلف اثنان في أن المصابين بمتلازمة داون يملكون المواهب والذكاء والقدرات والأحلام والإمكانيات. وبات الجميع يعلم أن الرعاية الصحية والنفسية والوعي الأسري والمجتمعي يحمي هؤلاء المختلفين بأن يعيشوا بأفضل الأحوال والشروط رغم اختلافهم.

يُحيي العالم اليوم، 21 مارس/آذار، اليوم العالمي لمتلازمة داون، تحت شعار "ما أقدمه لمجتمعي"، وأخذت احتفالات هذا العام كالأعوام السابقة الجانب التوعوي عن معنى متلازمة داون وأسبابها وتأثير الإصابة بها على صحة المصابين بها الجسدية والعقلية والنفسية أيضاً.

وتُجمع المواقع الصحية والنفسية المتخصصة على أن اكتشاف قدرات ومواهب أطفال متلازمة داون يجعل حياتهم غنية ومرضية لهم ولعائلاتهم ومحيطهم الأوسع، في المدرسة والحيّ والمجتمع الأكبر، في كثير من الأحيان. وتدعو الأسر التي تستقبل مولوداً جديداً مصاباً بالمتلازمة، إلى أن يتأكدوا من أن طفلهم المختلف لديه مجموعة كاملة من المشاعر والعواطف والكبرياء، يشعر تماماً مثل غيره بالسعادة وكذلك بالخوف وخيبة الأمل، ولديه نقاط قوة مقابل نقاط الضعف، لذلك تتغير حياته وتنقلب رأساً على عقب بمجرد أن يدرك الوالدان أولاً كيف يتقبلان وجوده بينهما، ويحسنان معاملته ويغدقان عليه الحب الوفير.

وتؤكد تلك المواقع أن التمييز ضد المصابين بمتلازمة داون، كباراً وصغاراً، يزيد المعوقات أمامهم، مع العلم أن تقبّلهم بدل رفضهم، والعناية بهم بدل إبعادهم وتجنبهم، ونشر ثقافة الاحتضان والقبول والدعم إلى أقصى مدى، يجعلهم أشخاصاً قادرين على الاعتماد على أنفسهم والعمل في بعض الحالات. لذلك يتطور الفرد منهم وينمو أفضل عند حصوله على الرعاية الصحية الملائمة، وبرامج التدخل المبكر والتعليم الشامل.



أطفال متلازمة داون يمكنهم تعلّم القراءة والكتابة بتفاوت، حسب الإمكانيات الفردية ودرجة الإصابة، ومنهم من يستطيع تعلّم الرياضيات، ومنهم من يصل إلى الجامعات أو المعاهد الفنية والمهنية أيضاً ومنهم من يحب الموسيقى والرقص والفنون والرياضة، مثل الأطفال الطبيعيين.

والجدير ذكره، أن المصابين بتلك المتلازمة لديهم منافسات رياضية في كثير من دول العالم، كما برع عدد من الأشخاص في التمثيل وأدوا أدواراً تحكي قصصهم، وكذلك خاضوا مجالات العمل المنتج في مجالات عدة، ذكوراً وإناثاً. كما نذكر فوز الأميركية ميكايلا هولمغرين (22 سنة)، المصابة بمتلازمة داون، بلقب "روح أميركا"، في مسابقة ملكة جمال ولاية مينسوتا، باعتبارها أول فتاة في التاريخ تخوض هذا النوع من المسابقات، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
 

 



التعبير عن الاختلاف

شكل تعبيري عن اختلاف أطفال متلازمة داون تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم عبر هاشتاغ #WhatIBringToMyCommunity، و#RockYourSocks عبر الاتفاق على أن يرتدي المصابون بالمتلازمة والمشاركون معهم في هذا اليوم فردتي جوارب مختلفتين، والمغزى أن اختلاف الشكل لا يلغي أن التناسق والتشابه يكمنان في الوظيفة والهدف ومعنى الوجود.






ما هي متلازمة داون؟
متلازمة داون أو التثالث الصبغي 21، تنتج عن تغير في الكروموسومات؛ ويرث الطفل 46 جيناً وراثياً في كل خلية، 23 جيناً من الأم، ومثلها من الأب. تحدث متلازمة داون مع مباشرة الخلايا في الانقسام بعد إخصاب البويضة في الرحم مباشرة. ويحدث خلل في انقسام الكروموسوم رقم 21 عند بعض الأجنّة، وهذا ما يتسبّب في حدوث متلازمة داون بأحد أنواعها. ويصاحب المتلازمة غالباً ضعف في القدرات الذهنية والنمو البدني، وبمظاهر وجهية مميزة.

وسمّيت متلازمة داون، نسبة إلى الطبيب البريطاني جون لانغدون داون، الذي كان أول من وصف هذه المتلازمة في عام 1862، وسميت متلازمة داون من بعده. ولكن عرف السبب الحقيقي للمرض في عام 1959.

في ديسمبر/كانون الأول 2011، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 21 مارس/آذار من كل عام، يوماً عالمياً لمتلازمة داون، وبدأ الاحتفال به عام 2012، والهدف منه إحياء المناسبات والفعاليات التي تطور الوعي العام بشأن متلازمة داون.


كشف الإصابة بمتلازمة داون أثناء الحمل

يمكن الكشف عن المتلازمة أثناء الحمل عن طريق بزل السلى، أي أخذ عينة من السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين، وإخضاعها للفحص الذي يكشف سلامة أو إصابة المولود المنتظر، إضافة إلى جنسه. ويمكن الكشف عن الإصابة بفحص الكروموسومات الجنينية في دم الأم.

كذلك تساعد الأشعة الصوتية (السونار) للجنين في شهور الحمل بين 11 و14 أسبوعا وبين 18 و22 أسبوعاً، في تقدير احتمال الإصابة بمتلازمة داون، ومن علاماتها مقارنةً بمواصفات التكوين الطبيعي، صغر الذقن، كبر حجم اللسان، استدارة الوجه، اتساع المسافة الفاصلة بين إبهام القدم والأصبع الذي يليه، إضافة إلى سماكة جلد الرقبة.

تزيد احتمالية إصابة أطفال متلازمة داون بعدة أمراض كأمراض الغدة الدرقية، وارتجاع المريء، والتهاب الأذن. يوصى بالتدخل المبكر منذ الطفولة، والعلاج الطبي، وتوفير جو عائلي متعاون ومدرّب على مساعدة طفلهم. وبالرغم من أن بعض المشاكل الجينية التي تحدّ من قدرات طفل متلازمة داون لن تتغير إلا أن التعليم والرعاية المناسبين قد يحسّنان من جودة الحياة.

 

صفات وأعراض متلازمة داون

الصفات الوراثية التي يجملها أطفال متلازمة داون تتشابه لدى غالبيتهم، ومنها بقع ذات لون أبيض في قزحية العين (بقع برشفليد)، صغر منطقة الذقن، تسطّح في جسر الأنف، طيّة واحدة في راحة الكفّ، بروز الأسنان نتيجة تضخّمهم وصغر تجويف الفم، صغر حجم الرأس، قصر العنق، ارتخاء المفاصل، ضعف حاسّة السمع، قصر القامة، كبر المساقة بين إبهام القدم والإصبع الذي يليه.

ومن أعراضها عيوب خلقية في عضلة القلب، اختلال في الغدّة الدرقية، الإصابة ببعض المشاكل الصحّية، مثل: الزهايمر، اللوكيميا، سرطان الخصية، عدم توازن الهرمونات والإنزيمات والمعادن، ضعف المناعة. وتتفاوت من مصاب إلى آخر مستويات الاستجابة وبطئها، ومن علامات المتلازمة أيضاً تأخّر النطق، التخلّف العقليّ، وهو على درجات متباينة تبعاً لحالة المريض، وتتراوح بين التام، والشديد، والمتوسّط، والمعتدل.


معدل الإصابة هو واحد من كل 800 إلى 1000 مولود. وكلما زاد عمر الأم تزيد احتمالات الإصابة. وتشير التقديرات العالمية إلى حصول إصابة مقابل كل 2000 مولود من أم بعمر 20 عاماً، ويرتفع الاحتمال إلى مصاب مقابل كل 100 مولود عند حمل الأم بعمر 40 عاماً، وتزيد الاحتمالات كلما زاد عمر المرأة.