متطوعون يخففون عن نازحي ليبيا

15 يوليو 2020
دمار كبير تسببت فيه الحرب بطرابلس (حازم تركية/ الأناضول)
+ الخط -

 

حجم النزوح في ليبيا كبير جداً بالرغم من غياب الإحصاءات الرسمية، ومع عدم قدرة النازحين على العودة إلى منازلهم لا سيما في طرابلس بسبب الألغام، تسعى مبادرات مجتمعية عدة إلى تقديم الدعم لهم بطرق عدة.

لا تكفي الجهود الرسمية لسلطات حكومة الوفاق، في ليبيا، لدعم النازحين وتقديم الخدمات لهم، إذ ما زال كثر منهم يواجهون مآسي النزوح وعدم قدرتهم على العودة إلى منازلهم، بالرغم من انتهاء المعارك في مناطق جنوب طرابلس، ما بين قوات حكومة الوفاق الشرعية، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وهو ما دفع جمعيات خيرية ومبادرات تطوعية إلى تقديم المساعدات للنازحين.

ما زالت وزارة الداخلية في طرابلس، تطالب المواطنين بعدم العودة إلى منازلهم إلا بعد تأمينها، وسط عمل حثيث لفرق نزع الألغام والمفخخات داخل الأحياء السكنية والمنازل، وهي مخلفات الحرب طوال أكثر من عام. وتقول الحكومة إنّ الألغام المزروعة داخل الأحياء السكنية خلفت حتى السابع من يوليو/ تموز الجاري، 144 ضحية في 74 واقعة، مشيرة إلى أنّ الوفيات من بينها خمسون، فيما الإصابات أربع وتسعون، وأنّ حيّ عين زاره، جنوب طرابلس، هو الأكثر تضرراً إذ وقع فيه 64 تفجيراً.

هذه الظروف أجبرت عبد الرؤوف المعمري، النازح من حي الزطارنة بطرابلس، على البقاء نازحاً، فيما يطلب المساعدة من جمعية خيرية كي تسدد عنه إيجار منزله الذي يقيم فيه منذ ثمانية أشهر بعد تركه لمنزله في حي عين زاره. يوضح المعمري لـ"العربي الجديد" أنّ الجهات المسؤولة عن النازحين لم تقدم شيئاً لمن هم خارج مراكز الإيواء الرسمية التي عجزت عن استيعاب جميع النازحين، ويقول: "اضطررت بسبب نقص مراكز الإيواء إلى استئجار منزل، لكنّني اليوم عاجز عن السداد بسبب نقص مواردي المالية وطول فترة إقامتي فيه".

 

 

لا تقديرات رسمية حتى الآن لأعداد النازحين الذين لم يتمكنوا من الرجوع لمنازلهم، لكنّ مختار أبو راوي، عضو جمعية "أمان بلدي" الأهلية، يؤكد أنّ عددهم كبير بالرغم من مجازفة كثيرين بالعودة، ومواجهة خطر مخلفات الحرب. يتحدث أبو راوي لـ"العربي الجديد" عن جهود جمعيته في توفير الإيواء لـ53 أسرة، بالإضافة إلى توفير الاحتياجات الضرورية كالأغطية والمؤن الغذائية، مشيراً إلى أنّ احتضان جمعيته هذه الأسر مستمر بالرغم من انتهاء الحرب.

ولا تتوقف الجهود الأهلية لتعويض الغياب الرسمي لمعالجة أوضاع النازحين عند جهود الجمعيات، بل أطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صفحات لمساعدة النازحين لتفسح أمامهم المجال لتوضيح طلباتهم ووضع عناوين الاتصال الخاصة بهم. وتعتبر حملة "التبرع لصيانة منازل النازحين" أشهر تلك الحملات التطوعية الأهلية التي لفتت أنظار عدد من الشركات الخاصة لتقدم لها الدعم. وتشير الصفحة الرسمية للحملة إلى أنّها تبنت تنظيم محاضرات وندوات لتدريب فريقها، الذي انضم إليه 40 مهندساً متطوعاً. وهو تدريب على ترميم الخرسانات والمباني المتضررة وتقديم الاستشارات المجانية لأهالي المنازل المتضررة في أحياء جنوب العاصمة، بحسب الصفحة الرسمية للحملة.

وقبلها، أطلقت الحملة جهداً أهلياً شبابياً لتنظيف الأحياء السكنية من الركام وأجزاء المساكن المدمرة لتسهل على سكانها عمليات ترميمها. ويقول وسام ، أحد أعضاء الحملة، إنّ العمل تطوعي وتكاملي، لافتاً إلى أنّه تبرع بساعات من نهاره يومياً لنقل المتطوعين في حافلته الخاصة. ويتحدث وسام عن أشكال عدة من النشاطات التطوعية التي تشرف عليها الحملة، منها جمع تبرعات لبناء بيت لأسرة نازحة كانت تسكن في بيت من صفيح وفقدت منزلها بالكامل بعدما دمرته الحرب. يضيف أنّ "الصفحة الرسمية بتوفيرها لمساحات للنازحين لتحديد مطالبهم جذبت أنظار أصحاب الشركات الخاصة والمتبرعين الذين يبدو أنّ أعمال الحملة الواقعية بثت فيهم نوعاً من الثقة في أعضائها". ويؤكد أنّ شركات خاصة في البناء وأخرى تنتج الطلاء وغيرها من الخدمات وعدت بتوفير الدعم والتبرع بخدماتها للحملة، لكنّه يلفت إلى أهمية انتهاء السلطات الرسمية من تنظيف الأحياء من مخلفات الحرب حتى يتمكن المتطوعون من مساعدة الأهالي.

 

الأرشيف
التحديثات الحية

 

من جانبه، يشير أبو راوي إلى أنّ الجهود الرسمية لتأمين مناطق جنوب طرابلس ونزع الألغام فيها تعجز عن الالتفات لتقديم خدمات أخرى، لافتاً إلى أنّ جمعيته سعت لدى كبار التجار والشركات الخاصة لتوفير فرص عمل لبعض النازحين الذين فقدوا مصادر دخلهم. يتابع: "التركيز على نازحي طرابلس وحدهم لا يوفي بقية النازحين حقهم. فهناك أعداد كبيرة من النازحين في الجنوب، تحديداً من نزحوا من مدينة مزرق التي شهدت مواجهات مسلحة عنيفة هجّر بسببها أغلب سكان المدينة، بالإضافة إلى نازحي طرابلس خارجها، ممن لم يتمكنوا من العودة بسبب الظروف الأمنية". ويشير أبو راوي إلى أنّ توفر ظروف التطوع في مدن كبرى قد يقلل من معاناة النازحين فيها، ولذلك تركز جمعيته ضمن ائتلاف يضم ثلاث جهات تطوعية أخرى على ذلك، لتخفيف معاناة النازحين خارج طرابلس.

المساهمون