مبادرات بريطانية لاستثمار مخلفات الطعام

26 نوفمبر 2017
تزايدت مبادرات إعادة تدوير الغذاء (بين ستانسال/فرانس برس)
+ الخط -


"وفر النقود وأنقذ كوكب الأرض"، شعار لموقع "تو غود تو غوو" الإلكتروني للحد من التبذير الغذائي، يسمح لعملائه بشراء وجبات شهية ومن أرقى وأغلى المطاعم والمقاهي البريطانية، لا يتعدى سعرها جنيهين إسترلينيين في أغلب الأحيان.

بدأت فكرة هذا الموقع، والذي أطلقه الشابان البريطانيان كريس ويلسون وصديقه جيمي كرومي، العام الماضي ضمن مخطط "صفر تبذير" الذي أعده البرلمان الاسكتلندي للحد من الهدر في الغذاء. جاء ذلك بعد أن أعلنت الإحصائيات الرسمية الأخيرة لشركة غروبن التجارية أن أكثر من 10 ملايين طن من الأطعمة تذهب هدراً في كل سنة في البلاد، وتحتل العاصمة لندن المرتبة الأولى بـ 600 ألف طن، يتم رميها في مكب النفايات. وتقدر كلفة هذا الهدر بـ 13 مليار جنيه إسترليني.

يأتي ذلك في وقت يسافر فيه بعض البريطانيين من ذوي الدخل المحدود لأميال للحصول على غذاء مجاني ليوم أو ليومين عن طريق "بنك الأكل"، وهو غذاء عادة ما يتكون من الأساسيات فقط، أو عبر الطرد الغذائي للطوارئ والذي بلغ عدد المقبلين عليه 1.1 مليون بريطاني العام الماضي.

في حديث لصحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية قال كريس ويلسون، أحد مؤسسي الموقع، إن الغاية منه هي إعادة القيمة المفقودة مرة أخرى إلى المأكولات وعدم تبذير ما لا يحتاج المرء له. وكذا رفع الوعي للحد من النفايات الغذائية عن طريق جعل فائض الغذاء متاحاً للجميع دون استثناء.

وأضاف: "نحن نساعد في إنقاذ الطعام الجيد من الهدر، باستخدام خدماتنا عبر برنامج يتم إنزاله على جهازك المحمول ويتم بواسطته العثور على أقرب المطاعم إليك والتقاط فائض الغذاء في صناديق الوجبات الجاهزة الصديقة للبيئة بسعر منخفض للغاية". ويشير إلى أن الجزء الأفضل "ليس فقط التمتع بوجبة كبيرة وبسعر منخفض حقاً، لكنك أيضاً تساعد في الحفاظ على البيئة".

شعار (Too Good To Go) أصبح متداولاً بين أصحاب المقاهي والمطاعم اللندنية. يقول درويش حسين، صاحب مقهى "كوفي ستايش"، لـ "العربي الجديد": "إنه سعيد بتسجيله في هذا الموقع لأنه يساعد المحتاج في توفير وجبة طازجة ونظيفة ولا يهم المردود المالي لأنه كثيراً ما يقدمها مجانا، كما أنه يساعده في توفير كمية النفايات التي أصبحت تشكل خطرا على البلد وعلى البيئة، بالإضافة إلى سعادته بالحفاظ على طعام جيد وشهي أعده بكل حب ولم يتم تبذيره أو رميه في القمامة"، مضيفا أن "مجرد التفكير في تأثير هذه الأطعمة التي تنتهي في القمامة والرائحة التي تنبعث منها وتأثيرها على البيئة فهو أمر مخيف".




بدوره، يؤكد توماس باركر، منتج برامج إعلانات، لـ"العربي الجديد" إنه سعيد بهذا التطبيق، إذ يمكنه الحصول على وجبة طازجة وبسعر خيالي. ويقول "ماذا أريد أكثر، ليس علي العودة إلى المنزل بعد يوم عمل شاق وتحضير الأكل، فهذا يعطيني بعض الحرية في عمل شيء آخر".

وتشهد بريطانيا شرارة ثورة جديدة غير اعتيادية تقوم على تنظيم مبادرات لمكافحة الهدر الغذائي بدافع من جمعيات وشركات من خلال استخدام مخلفات الأطعمة، وخصوصا الفاكهة في تحضير أطباق ومنتجات مبتكرة.

وبدأت هذه الحملات مع تزايد حالة عدم اليقين حول المستقبل الذي ينتظر البريطانيين بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، إذ تزايدت مبادرات مكافحة الهدر الغذائي في المملكة المتحدة بشكل أكثر تنظيماً. ويقدم متطوعون وجمعيات خيرية وجبات مصنوعة من بقايا طعام ومنتجات تقترب من تاريخ انتهاء صلاحيتها. وقد شهدت العاصمة لندن مؤخراً افتتاح العديد من المحال والمطاعم والمقاهي التي تقدم وجبات تم إعدادها من منتجات كان سيتم إتلافها.



ويرى الناشطون في مكافحة الهدر الغذائي أن سنة 2016 كانت حاسمة في أوروبا. فبينما شهدت بلدان مثل فرنسا وإيطاليا إقرار قوانين لتعزيز الإجراءات في هذا المجال، تستهدف خصوصا تسهيل التبرعات للجمعيات الخيرية، لم تقدم بريطانيا تشريعات في هذا الإطار تاركة للجمعيات والشركات مهمة سد هذه الثغرة.

لكن وعلى الرغم من النقص في الدفع السياسي، يسجَّل تطور كبير في الوعي العام حول هذه المسألة. ففي وسط لندن، تخصص متاجر معروفة مساحة متزايدة للمنتجات المصنعة من الفواكه المسترجعة من المتاجر. كما تقدم جمعيات، من بينها "فود ريسايكل"، في مدن عدة في البلاد حياة ثانية للمنتجات غير المباعة.

كذلك انتشر في الأشهر الأخيرة استخدام تطبيقات الجوال والشبكات الاجتماعية لإعادة توزيع فائض منتجات المحال التجارية، حيث يبحث تجار التجزئة عن طرق للتعامل بشكل أكثر فعالية مع نفاياتهم. وفي مارس/آذار الماضي، بدأت محلات "تيسكو" للمواد الغذائية طرح "مخطط التواصل الغذائي" على الصعيد الوطني، عبر استخدام تطبيق وضعته مؤسسة "فود كلاود" يسمح لمديري المخازن بتنبيه الجمعيات الخيرية المحلية ومجموعات المجتمع المحلي حول فائض الغذاء لديهم في نهاية كل يوم.

وذكرت "تيسكو" أن الخطة وفرت 22 طناً من الأغذية وقدمت ما يقارب 50 ألف وجبة للجمعيات الخيرية خلال فترة التجربة التي استمرت ستة أشهر في 14 متجراً العام الماضي.



دلالات
المساهمون