مبادرات الحوار المصري: لا حبر ولا ورق

27 ديسمبر 2014
أحد أصحاب مشاريع المبادرات كان حسن نافعة (العربي الجديد)
+ الخط -

فتح الحديث عن تغير في العلاقات المصرية القطرية، والحديث عن المصالحة، الباب من جديد عن إمكانية إعادة الحديث مرة أخرى عن حوار وطني مصري داخلي بين أطراف النزاع السياسي في مصر. حديث عن مبادرات ليس جديداً منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، إذ لم يخلُ المشهد السياسي في مصر من مبادرات سياسية كانت تهدف من وقت لآخر إلى الوصول إلى حل سياسي يضع حدا لنزيف الدم المصري في الشوارع. لكن سرعان ما كانت هذه المبادرات تنكسر سريعا على صخرة ما يرى كثيرون أنه "فيتو عسكري" كجزء من حرب القضاء على جماعة الإخوان المسلمين تحديداً، وكان في مقدمة هذا الفريق رئيس المخابرات المصري المحال للتقاعد أخيراً محمد فريد التهامي.

انطلقت تلك المبادرات قبل فض اعتصام رابعة، وكشف جزءاً من تفاصيلها نائب الرئيس حينها لشؤون العلاقات الخارجية، محمد البرادعي، مشيرا إلى أنه كان قد تم التوصل لاتفاق لحل الأزمة السياسية مبكراً قبل فض اعتصام رابعة، ووافق عليه "الإخوان"، إلا أنه فوجئ وقتها بأطراف في السلطة لم يسمِّها "قامت بالقفز فوق الاتفاق وتصر على الفض بشكل وحشي". ما قاله البرادعي اتفق مع ما رددته قيادات من جماعة الإخوان المسلمين ممن كانوا في إدارة اعتصام رابعة العدوية، كان من بينهم أحد المتحدثين باسم حزب الحرية والعدالة أحمد رامي، الذي أكد أن الجماعة عرض عليها خلال المناقشات التي دارت وقت الاعتصام أن تظل في المشهد السياسي، ويكون لها نصيب من الحقائب الوزارية، يصل إلى أربع حقائب، قبل أن ينتهي الأمر بالمذبحة.

في أكتوبر/تشرين الأول 2013 تقدم المفكر الإسلامي ووزير الإرشاد القومي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أحمد كمال أبو المجد، بمبادرة طرحها في لقاء له بكل من محمد علي بشر وزير التنمية المحلية الأسبق وعمرو دراج وزير التعاون الدولي الأسبق، تقضي بوقف جماعة الإخوان و"تحالف دعم الشرعية" تظاهراتهم في الشوارع كبادرة حسن نية منهم، على أن يقوم هو بعد هذه الخطوة برفع مطالبهم إلى السلطة وقتها، وهو ما تم رفضه من جانب "التحالف"، الذي أكد أنه يجب أن يكون هناك خطوات متبادلة بوقف التحريض الإعلامي على الجماعة في الإعلام المصري، والإفراج عن المعتقلين، والكشف عن مكان احتجاز مرسي الذي لم يكن معلوما وقتها، وهو ما قوبل بالرفض في إصرار على أن تقوم الجماعة أولا بخطوة وقف التظاهرات، وتنتهي معها محاولة أبو المجد.

هيكل يتدخل لصالح النظام

في سبتمبر/أيلول 2013، حاول الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، الذي يحظى بمكانة كبيرة لدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، التدخل بشكل علني على خط الأزمة، بعدما التقى بشر ودراج، وعرض عليهما تصوره لحل الأزمة، مطالبا إياهما بحسب بيان لبشر وقتها، بضرورة تخلي الإخوان عن الحديث عن "عودة الشرعية" بدعوى أنها "لم تعد مناسبة للواقع"، وكذا طلبه بضرورة وقف التظاهرات اليومية في الشوارع لبدء حوار مع السلطة. انتهى اللقاء بحسب بيان بشر وقتها، بتأكيدهم أن "الواقع يؤكد أن هناك مصريين يرفضون الانقلاب ويتمسكون بالشرعية". أما على صعيد التظاهرات فأكد بشر ودراج أنه لن يتم وقفها قبل التوصل لاتفاقات واضحة.

نافعة والمبادرة العسكرية

مطلع فبراير/شباط 2014 كشف أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة عن مبادرة، قال إنه كان قد طرحها على عضو المجلس العسكري ومساعد وزير الدفاع الحالي اللواء محمد العصار، قبل أن يقوم بطرحها على "تحالف دعم الشرعية". وتضمنت المبادرة التي طرحها نافعة، تشكيل لجنة حكماء محدودة العضوية تضم بعض كبار المفكرين وبعضا من صنّاع القرار، للاتفاق على مبادئ وقواعد عامة يتعين على جميع الأطراف الالتزام بها، لتكون بمثابة بوصلة موجهة للسلوك ودليل عمل للمستقبل. كما تتضمن المبادرة تعيين وسيط محايد يحظى بقبول طرفي الصراع، وقد يكون شخصًا واحدًا، ولا يتعين أن يزيد العدد على ثلاثة أشخاص، تكون مهمته إجراء المفاوضات والاتصالات اللازمة لترجمة القواعد والمبادئ العامة التي تم الاتفاق عليها إلى آليات وبرامج زمنية، لتفكيك وحل الأزمة تكون قابلة للتطبيق على الأرض. وحددت مبادرة نافعة عددا من الشخصيات العامة في مقدمتهم الكاتب فهمي هويدي، والكاتب الصحافي حسنين هيكل، والمستشار طارق البشري، مستشار رئيس الجمهورية وقتها مصطفى حجازي، إضافة إلى سليم العوا المرشح الرئاسي السابق، والمفكر جلال أمين. كما طرح نافعة عددا من نقاط الاتفاق الأولية لتكون قاعدة للنقاش، في مقدمتها تشكيل لجنة تقصي حقائق، ومرحلة هدنة تشمل وقف كافة أشكال التظاهر والتحريض الإعلامي من الجانبين، إلا أن المبادرات انتهت بالفشل.

مبادرة الاستقلال

في منتصف عام 2014 تقدم حزب الاستقلال بقيادة رئيسه مجدي أحمد حسين، خلال مؤتمر صحافي، بمبادرة تضمنت تأسيس مجلس مكون من ست شخصيات بينهم مرسي، وممثل للمؤسسة العسكرية، وإلغاء الانتخابات الرئاسية التي أسفرت عن فوز الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وحل المحكمة الدستورية العليا، وهي المبادرة التي لاحقها العديد من ردود الأفعال الساخرة. ثم حاول عضو البرلمان العربي والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين النائب علي فتح الباب، إلقاء حجر في المياه الراكدة، عندما طرح منذ شهر، دعوة للحوار بين الجماعة والنظام الحالي، على أن يقوم الإعلام بتهيئة المناخ للتوصل إلى حل، إلا أن دعوة فتح الباب انتهت بهجوم حاد عليه من كافة الأطراف وفي مقدمتهم قيادات من الجماعة. ومع فشل المبادرات السياسية الواحدة تلو الأخرى، عادت الأجهزة الأمنية لتقوم بدورها وسابق عهدها بتوليها هي مسؤولية التواصل مع الكيانات والأحزاب السياسية، حيث قاد مسؤولون في أجهزة سيادية وأمنية مصرية، حوارات غير معلنة مع قيادات من الجماعة في السجون ومقربين منهم في الخارج، وكان من أبرزها مناقشات قادها أمنيون مع رئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني المسجون في سجن المزرعة بمنطقة طره جنوبي القاهرة، وكذلك ما كشفت عنه "العربي الجديد" عن مساعٍ يقودها مسؤولون أمنيون لفتح حوار جديد مع وزير التنمية المحلية الأسبق محمد علي بشر في محبسه.

المساهمون