مبابي في الريال.. أكثر من مستفيد ونجم واحد في مهب الريح

30 يوليو 2017
موناكو يريد 200 مليون يورو للتخلي عن مبابي (Getty)
+ الخط -


يواصل سوق الانتقالات جنونه غير المعتاد، بعد عرض الريال الفلكي لموناكو من أجل ضم النجم الشاب كيليان مبابي، برقم يصل إلى 180 مليون يورو. ورغم ضخامة المبلغ المقدم من طرف النادي الإسباني، إلا أن فريق الإمارة الفرنسية رفضه بدون سابق إنذار، لكن حديث الصحف الأوروبية في الأيام الأخيرة يشير إلى إمكانية إحياء الصفقة من جديد، خصوصاً مع رغبة زيدان الملحة لضمه، وإعجاب الصغير بالنادي حامل لقب ذات الأذنين في الموسمين الأخيرين.

الطفل المعجزة
خطف مبابي الأضواء من الجميع هذا الموسم، بعد إثبات نجاعته التهديفية في المباريات الكبيرة، ليظهر وكأنه يلعب مع الفريق الأول لموناكو منذ سنوات، رغم أن الموسم الماضي هو الأول له في الدوري الفرنسي. وعرف جمهور الكرة كيليان خلال بدايات البطولة المحلية، بعد مشاركته كبديل في الدقائق الأخيرة بأمر من المدرب ليوناردو جارديم. ومع زيادة دقائق اللعب وتضاعف الثقة في قدراته، حصل الجناح الشاب على الخانة الأساسية في فترة الحسم، لكن ليس على الخط الجانبي من الملعب، بل في العمق مباشرة تجاه المرمى، أمام صناع اللعب وبالقرب من المهاجم الرئيسي فالكاو.

لاعب المنتخب الفرنسي مميز للغاية في تحركاته، يعرف أين وكيف ومتى يطلب الكرة، لذلك يحصل عليها في مناطق خطيرة بالثلث الأخير، وبالتالي يسجل أهدافاً غزيرة سواء في الليغ1 أو الشامبيونزليغ. كيليان لا يراوغ باستمرار، صحيح أنه يملك المهارة والقدرة على هزيمة المدافعين، لكنه يركز أكثر على الهروب منهم داخل منطقة الجزاء، ليأتي من بعيد ويضرب الخصم بتسديداته وتمركزه المثالي. وخلال انتصارات موناكو السابقة، لعب مبابي جنباً لجنب مع فالكاو في الأمام، ليستفيد من مزاحمة الكولومبي للمدافعين، ويأتي من بعيد للتهديف مباشرة.

انتشرت في السنوات الماضية صيحة تحول الجناح إلى العمق لشغل مركز صانع اللعب رقم 10، كدافيد سيلفا ومسعود أوزيل وخوان ماتا وغيرهم. يتحرك لاعب الجناح في الملعب باتجاهات أقل من لاعب الوسط المركزي، لأنه يتحرك في الأمام والخلف وعلى طرف واحد، فهو محاصر بالخط الجانبي، عكس لاعب المنتصف الصريح الذي يتحرك في كل اتجاهات الملعب، لذلك يمتاز هذا اللاعب بمهارات كبيرة وقدرة واضحة على التعامل مع الكرة في أضيق المساحات، لذلك حينما تسنح له الفرصة ويلعب بالعمق يجد أريحية أكبر في الحركة والتمرير وصناعة الفرص.

أخيراً انقلبت الآية بعض الشيء، بتحول لاعبي الأجنحة إلى عمق الملعب كمهاجمين لا صناع لعب، وكانت البداية الحقيقية مع رونالدو في حقبة أنشيلوتي خلال بعض المباريات، ثم مع زيدان طوال الموسم الماضي تقريباً، بسبب كبر سنه وقلة حركته مقارنة بالسابق، ليصبح مهاجما آخر بجوار بنزيمة، مع تغذية الأطراف بالظهيرين المتقدمين للهجوم، وهذا ما فعله أيضا جارديم مع مبابي، ليس لعامل السن وأحكامه بل للاستفادة من حاسته التهديفية العالية وحسمه الواضح أمام الشباك، إنها القاعدة التكتيكية التي جعلت زيزو ينبهر بقدرات اللاعب الذي وصل مع فريق الإمارة إلى نصف نهائي دوري الأبطال.

امتداد رونالدو
يستطيع مبابي التألق في أي دوري ومع أي فريق كبير، لأنه دخل أجواء المنافسة سريعا هذا الموسم، ويتمتع بقيمة تسجيل الأهداف دون خوف، وبالتالي نجح سريعا في تحمل الضغط وإثبات نفسه أمام الجميع، أي أنه لن يحصل على وقت طويل للتأقلم في الملاعب الإسبانية إذا انتقل إلى سانتياغو برنابيو هذا الصيف. ومع التأكيد على السعر الفلكي الذي يريده موناكو، فإن سن اللاعب الصغير ومعدل تطوره المذهل، كلها أمور ستجعل بيريز لا يفكر كثيراً في الأمر، خصوصاً بعد بيع موراتا برقم رائع، وإعارة خاميس رودريغز إلى بايرن ميونخ مع بند أحقية الشراء، ليقل عدد المهاجمين داخل الفريق سواء في الخانة الأساسية أو على الدكة.

هو أفضل لاعب في العالم تحت 20 سنة، والخيار الأوحد في السوق القادر على تعويض غياب رونالدو، البرتغالي الهداف الذي يسجل ويستفيد من تحركات كريم بنزيمة، لذلك يعتبر تعاقد مبابي بمثابة النموذج المستقبلي للميرنغي في مرحلة ما بعد كريستيانو. وبعد مطالبات حامل البالون دور بالرحيل بداية الصيف ونجاح الإدارة في إقناعه بالبقاء، ربما يتكرر هذا الأمر مرة أخرى مستقبلاً، مع تفكيره في خوض تحديات جديدة، وفي هذه الحالة لن يتغير الوضع في مدريد، نتيجة تواجد كيليان عند الطلب والحاجة.

وصل موناكو والريال إلى نتائج مبهرة بسبب الخطة المشتركة للفريقين، 4-4-2 التي تعتمد على صعود الظهيرين، وتحول لاعبي الأجنحة إلى العمق لمساندة لاعبي الوسط والقيام بصناعة الفرص، مع تحرك الثنائي الهجومي بشكل قُطري وعمودي أثناء التحولات. فعلها غارديم باستخدام ميندي وسيديبيه يساراً ويميناً، واستغلال مهارة سيلفا وتمركز ليمار، في إيصال كل من مبابي وفالكاو إلى المرمى محلياً وقارياً.

بينما في ريال مدريد لم يتغير الوضع كثيراً، ليلعب رونالدو على مقربة من بنزيمة، ويترك الطرف الأيسر لإيسكو، الإسباني البارع في الجمع بين الطرف والعمق، بجوار ثلاثي الوسط الآخر مودريتش، كروس، وكاسيميرو، كل هذه التحركات في سبيل صعود مارسيلو وكارفخال إلى منتصف ملعب الخصوم، ليسجل الفريق الإسباني عن طريق العرضيات، ويحسم مباريات عديدة بالكرات الرأسية وألعاب الهواء، سواء من وضع الثبات أو الحركة، كما حدث في كلاسيكو الذهاب بكامب نو ومباراة نابولي في أوروبا.

غاريث بيل
لعبت إصابة الويلزي بيل دوراً محورياً في تحويل وجهة الريال إلى لقبي الليغا والشامبيونزليغ، لأن الفريق من دونه أفضل على مستوى اللعب بالكرة وبدونها. وخلال الكلاسيكو الأخير بين برشلونة وريال مدريد، لعب الريال بطريقة قريبة من 4-3-3 حتى بعد خروج بيل، لتزيد الفراغات بين الأجنحة والظهيرين، ويفشل ثلاثي الوسط في ملء الفراغات الشاسعة بين الخطوط، لدرجة أن سيرجي روبرتو قطع مسافة طويلة بالكرة في الدقيقة الاخيرة، مستغلاً عدم لعب منافسه بشكل متحد عندما يفقد الكرة ويخسر الحيازة والسيطرة.

سواء استمر رونالدو في الريال حتى اعتزاله أو رحل إلى فريق آخر، فإن غاريث بيل لم يعد الخليفة المنتظر لعرش النجم البرتغالي، بسبب كثرة إصابات اللاعب البريطاني وعدم تأقلمه بصورة مثالية في الليغا مقارنة بالبريميرليغ. وفشل اللاعب في استعادة مستواه المميز الذي أنهى به موسم 2015-2016، ليقدم موسما باهتا على المدى الطويل، لتزيد الشكوك حول استمراره في إسبانيا لفترة أخرى، مع وجود مفاوضات من جانب أندية الدوري الإنكليزي، وقدرة الريال على تسويقه برقم معقول يتناسب مع جنون الأسعار في الميركاتو.

ولا تمثل خطوة قدوم مبابي خطراً حقيقياً على بيل داخل الملعب في الوقت الحالي، لأن الوافد الجديد سيلعب أقرب للمرمى بجوار رونالدو أو بنزيما، أو حتى يُشرك زيدان الثلاثي معاً مع ميل الفرنسي إلى الرواق الجانبي، لكن في المستقبل القريب سيكون كيليان هو البديل الرسمي للبرتغالي، عوضاً عن الويلزي الذي لم يجعل زملاءه يفقدونه في المباريات الكبيرة، عند غيابه لداعي الإصابة أو الإيقاف.

يلعب الريال بشكل أفضل مع إيسكو، لأن طريقة توظيف اللاعبين تُعطي نتائج أفضل وفق رسم 4-1-2-1-2، لتمركز الإسباني في الخطوط وبينها، وشغل مودريتش وكروس مناطق أنصاف المسافات أمام كاسيميرو، لإعطاء الحرية الكاملة للثنائي الهجومي داخل وخارج صندوق العمليات. ونتيجة لهذه المعطيات التي أثبتت نجاحاً سابقاً، فإن بيل يأتي بعد إيسكو في الخانة الأساسية، وفي حالة إتمام التعاقد الرسمي مع مبابي، سيبتعد لاعب توتنهام السابق خطوة أخرى للخلف.

يمكن للريال النجاح من غير مبابي، لكن الأمور ستتجه نحو الأفضل معه، لأن زيدان بعدها في طريقه لامتلاك ثنائي هجومي حاسم خلف بنزيمة. وإن فكر المدرب في وضع مواطنه على الدكة، فإنه لن يجد متاعب حقيقية داخل الملعب، لقدرة كريستيانو وكيليان على الحسم، مع ضمان الصناعة والابتكار بواسطة إيسكو ومودريتش وبقية مهندسي خط الوسط.

المساهمون