على الرغم من أن إمكاناته المادية ومخزون قواه البشرية ومجالات اختصاصه المهنية أكثر تواضعاً بكثير من تلك الخاصة بشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" وتتفوّق بشكل طفيف على تلك الخاصة بجهاز الاستخبارات الداخلية "الشاباك"، إلا أن تحوّلاً كبيراً في العقد الأخير قد طرأ على مكانة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي للمهام الخاصة "الموساد".
ولعل أبرز ما يدلل على التأثير الكبير الذي بات يمارسه "الموساد" على دائرة صنع القرار في تل أبيب ويشي بحجم الدور الذي يضطلع به في تصميم سياسات إسرائيل الإقليمية هو تمكّنه من إملاء الموقف من الوجود الإيراني في سورية. فقد كانت إفادة قدمها رئيس الموساد يوسي كوهين، أمام أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن قبل عام، هي التي قادت إلى إحداث تحوّل آخر على الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سورية. فرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي حرص على ترداد العبارات التي وردت على لسان كوهين في الاجتماع، اتخذ بعيد الاجتماع قراراً بالعمل على حشد شرعية دولية لاستهداف الوجود العسكري الإيراني داخل سورية.
وبعد أن كانت إسرائيل تعمل على ضرب ما تدّعي أنها قوافل سلاح تتجه إلى مخازن حزب الله في لبنان أو مخازن سلاح تابعة للحزب داخل سورية، بات ضرب الأهداف الإيرانية بشكل مباشر على رأس الأولويات الإسرائيلية، وهي الأهداف التي تشمل: قواعد ومنظومات تسليح والقوى البشرية المدربة.
وهناك أسباب موضوعية عدة كانت وراء تعاظم مكانة "الموساد"، الذي يخضع هو وجهاز "الشاباك" لإشراف رئيس الحكومة المباشر، على رأسها ما يوصف في تل أبيب بـ "النجاحات" التي حققها الجهاز في مواجهة البرنامج النووي الإيراني. فإلى جانب اضطلاعه بتنفيذ العمليات السرية التي استهدفت البرنامج النووي لطهران، التي شملت تعطيل الآلاف من أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم عام 2009 من خلال استخدام فيروس "ستاكسني"، اضطلع الموساد باغتيال عدد من علماء الذرة، وتنفيذ عمليات تفجير استهدفت بعض المنشآت العسكرية الإيرانية. كذلك كان له دور كبير في جلب كثير من المعلومات الاستخبارية التي استندت إليها الولايات المتحدة والدول العظمى الأخرى في المفاوضات مع طهران، والتي أسفرت عن الاتفاق النووي عام 2015. وكانت حكومة إيهود أولمرت قد اتخذت عام 2006 قراراً بتكليف الموساد باحتكار مهمة التصدّي للمشروع النووي الإيراني.
إلى جانب ذلك، فقد أدى الموساد دوراً أساسياً في الدبلوماسية السرية التي أسهمت في إحداث تحول في العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول الخليجية. فقد ذكرت وسائل إعلام غربية أن رؤساء الموساد السابقين: مئير دغان، وتامير باردو والحالي يوسي كوهين قد زاروا دولاً خليجية بهدف التنسيق معها بشأن سبل مواجهة المشروع النووي الإيراني وبهدف التعاون في مواجهة تحديات إقليمية أخرى، لا سيما تلك التي نجمت عن تفجر ثورات الربيع العربي.
اقــرأ أيضاً
وبسبب علاقته الخاصة بملك الأردن عبد الله الثاني، فقد تمكّن رئيس الموساد الحالي من طي صفحة التوتر في العلاقات بين النظام في عمّان وتل أبيب، في أعقاب إقدام أحد حراس السفارة الإسرائيلية في عمّان على قتل مواطنين أردنيين في يوليو/ تموز الماضي.
ويعود إلى الموساد الفضل بشكل خاص في إحداث تحوّل جذري على العلاقة بين إسرائيل ودول أوروبا الشرقية، إذ أدى رئيس الجهاز الأسبق دغان دوراً رئيسياً في تحقيق هذه النتيجة، من خلال جعل تعزيز العلاقات الأمنية والاستخبارية رافعة لتحسين العلاقات السياسية، وهو ما انعكس على تحول في أنماط تصويت هذه الدول على القرارات التي تطرح في المحافل الدولية وتتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن "الشاباك" احتكر مهمة مواجهة المقاومة الفلسطينية، فإن "الموساد" أدى دوراً مهماً في القيام بالعديد من العمليات الهادفة للمس بهذه المقاومة، مثل تنفيذ عمليات الاغتيال التي طاولت عدداً من قيادة الجهاز العسكري لحركة حماس، مثل اغتيال محمود المبحوح في دبي عام 2010 ومحمد الزواري في تونس أواخر 2016 وفادي البطش في ماليزيا في إبريل/ نيسان الماضي.
إلى جانب ذلك، فإن هناك رضى كبيراً داخل تل أبيب عن "الإنجازات" التي يحققها في مجال تنفيذ مهمته الأساسية المتمثلة في جمع المعلومات. ويمكن الوقوف على مظاهر هذا الرضى من خلال الكلمات التي يلقيها نتنياهو ورئيس الدولة رؤوفين ريفلين في الاحتفالات السنوية التي تنظّم في ديوان الرئيس لتكريم "المتميزات والمتميزين" من عناصر الموساد.
في الوقت ذاته، فإن الموساد يحتكر مهمة محاربة ما تسميه تل أبيب "تمويل التنظيمات الإرهابية". فمنذ عام 2009، دشّن الموساد دائرة خاصة تعنى بتركيز الجهود الهادفة إلى محاربة طرق التمويل، الذي تدّعي تل أبيب أن كلّاً من حركة حماس وحزب الله يتبعها في تعزيز قوتهما العسكرية.
إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من أن مهمة بلورة التقديرات الاستراتيجية الشاملة تتولاها "أمان"، وتحديداً "لواء الأبحاث" التابع لها، فإن الكثير من هذه التقديرات تعتمد على المعلومات الاستخبارية التي يوفرها "الموساد". ولا خلاف على أن التقارب الأيديولوجي بين نتنياهو ورئيس الموساد الحالي الذي ينتمي إلى التيار الديني الصهيوني يؤدّي دوراً في تحسين مكانة الجهاز. فبخلاف قادة الجيش والأجهزة الاستخبارية الآخرين، فقد عارض كوهين الاتفاق النووي مع إيران وتحمّس للعمل على إبطاله. إلى جانب ذلك، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تشير إلى أن كوهين يؤيد، مثل نتنياهو، ضرب المنشآت النووية في حال لم تنجح العقوبات الاقتصادية في احتواء هذا المشروع. ويذكر أن قادة الجيش والموساد السابقين عارضوا فكرة توجيه ضربة عسكرية لإيران بسبب تداعياتها المحتملة.
ويذكر أنه منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحالي تراجعت مكانة الموساد بسبب تراجع حدة التهديدات الأمنية، التي تواجه إسرائيل، بسبب توقيع مصر والأردن ومنظمة التحرير معاهدات سلام واتفاقات تسوية مع إسرائيل، إلى جانب انهيار العراق كدولة قوية. كذلك شهدت هذه الفترة إخفاقات عديدة للجهاز تمثلت في تمكّن أجهزة الأمن الأوروبية من اعتقال عدد من مجموعات الجهاز أثناء قيامها بتنفيذ عمليات ميدانية في عدد من الدول الأوروبية.
ولعل أبرز ما يدلل على التأثير الكبير الذي بات يمارسه "الموساد" على دائرة صنع القرار في تل أبيب ويشي بحجم الدور الذي يضطلع به في تصميم سياسات إسرائيل الإقليمية هو تمكّنه من إملاء الموقف من الوجود الإيراني في سورية. فقد كانت إفادة قدمها رئيس الموساد يوسي كوهين، أمام أعضاء المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن قبل عام، هي التي قادت إلى إحداث تحوّل آخر على الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه سورية. فرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي حرص على ترداد العبارات التي وردت على لسان كوهين في الاجتماع، اتخذ بعيد الاجتماع قراراً بالعمل على حشد شرعية دولية لاستهداف الوجود العسكري الإيراني داخل سورية.
وبعد أن كانت إسرائيل تعمل على ضرب ما تدّعي أنها قوافل سلاح تتجه إلى مخازن حزب الله في لبنان أو مخازن سلاح تابعة للحزب داخل سورية، بات ضرب الأهداف الإيرانية بشكل مباشر على رأس الأولويات الإسرائيلية، وهي الأهداف التي تشمل: قواعد ومنظومات تسليح والقوى البشرية المدربة.
إلى جانب ذلك، فقد أدى الموساد دوراً أساسياً في الدبلوماسية السرية التي أسهمت في إحداث تحول في العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول الخليجية. فقد ذكرت وسائل إعلام غربية أن رؤساء الموساد السابقين: مئير دغان، وتامير باردو والحالي يوسي كوهين قد زاروا دولاً خليجية بهدف التنسيق معها بشأن سبل مواجهة المشروع النووي الإيراني وبهدف التعاون في مواجهة تحديات إقليمية أخرى، لا سيما تلك التي نجمت عن تفجر ثورات الربيع العربي.
وبسبب علاقته الخاصة بملك الأردن عبد الله الثاني، فقد تمكّن رئيس الموساد الحالي من طي صفحة التوتر في العلاقات بين النظام في عمّان وتل أبيب، في أعقاب إقدام أحد حراس السفارة الإسرائيلية في عمّان على قتل مواطنين أردنيين في يوليو/ تموز الماضي.
وعلى الرغم من أن "الشاباك" احتكر مهمة مواجهة المقاومة الفلسطينية، فإن "الموساد" أدى دوراً مهماً في القيام بالعديد من العمليات الهادفة للمس بهذه المقاومة، مثل تنفيذ عمليات الاغتيال التي طاولت عدداً من قيادة الجهاز العسكري لحركة حماس، مثل اغتيال محمود المبحوح في دبي عام 2010 ومحمد الزواري في تونس أواخر 2016 وفادي البطش في ماليزيا في إبريل/ نيسان الماضي.
إلى جانب ذلك، فإن هناك رضى كبيراً داخل تل أبيب عن "الإنجازات" التي يحققها في مجال تنفيذ مهمته الأساسية المتمثلة في جمع المعلومات. ويمكن الوقوف على مظاهر هذا الرضى من خلال الكلمات التي يلقيها نتنياهو ورئيس الدولة رؤوفين ريفلين في الاحتفالات السنوية التي تنظّم في ديوان الرئيس لتكريم "المتميزات والمتميزين" من عناصر الموساد.
إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من أن مهمة بلورة التقديرات الاستراتيجية الشاملة تتولاها "أمان"، وتحديداً "لواء الأبحاث" التابع لها، فإن الكثير من هذه التقديرات تعتمد على المعلومات الاستخبارية التي يوفرها "الموساد". ولا خلاف على أن التقارب الأيديولوجي بين نتنياهو ورئيس الموساد الحالي الذي ينتمي إلى التيار الديني الصهيوني يؤدّي دوراً في تحسين مكانة الجهاز. فبخلاف قادة الجيش والأجهزة الاستخبارية الآخرين، فقد عارض كوهين الاتفاق النووي مع إيران وتحمّس للعمل على إبطاله. إلى جانب ذلك، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تشير إلى أن كوهين يؤيد، مثل نتنياهو، ضرب المنشآت النووية في حال لم تنجح العقوبات الاقتصادية في احتواء هذا المشروع. ويذكر أن قادة الجيش والموساد السابقين عارضوا فكرة توجيه ضربة عسكرية لإيران بسبب تداعياتها المحتملة.
ويذكر أنه منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحالي تراجعت مكانة الموساد بسبب تراجع حدة التهديدات الأمنية، التي تواجه إسرائيل، بسبب توقيع مصر والأردن ومنظمة التحرير معاهدات سلام واتفاقات تسوية مع إسرائيل، إلى جانب انهيار العراق كدولة قوية. كذلك شهدت هذه الفترة إخفاقات عديدة للجهاز تمثلت في تمكّن أجهزة الأمن الأوروبية من اعتقال عدد من مجموعات الجهاز أثناء قيامها بتنفيذ عمليات ميدانية في عدد من الدول الأوروبية.