ما هو قانون تجريم التعامل مع إسرائيل الذي ألغته الإمارات؟

29 اغسطس 2020
يشكل إلغاء القانون محاولة لتهيئة الأرضية للوصول إلى التطبيع الكامل (فرانس برس)
+ الخط -

أكملت دولة الإمارات خطواتها القانونية الداخلية في ملف التطبيع مع إسرائيل، بعد قرار رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان إصدار مرسوم بإلغاء القانون الاتحادي الذي يحمل رقم 15 والصادر عام 1972، والذي ينص على منع عقد أي اتفاقٍ مع أي جهة تنتمي إلى إسرائيل أو أي تبادلٍ تجاري معها، وتجريم ذلك.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية إنّ هذا المرسوم "يأتي ضمن جهود دولة الإمارات لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري مع إسرائيل، ومن خلال وضع خريطة طريق نحو تدشين التعاون المشترك، وصولاً إلى علاقات ثنائية من خلال تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الابتكار التكنولوجي".

ما هو قانون رقم 15 لسنة 1972؟

بعد استقلال الإمارات بعام واحد فقط، واستجابة لتوصيات جامعة الدول العربية آنذاك؛ أصدر رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد آل نهيان مرسوماً رئاسياً، في شهر سبتمبر/ أيلول عام 1972، يقضي بتجريم التعامل مع إسرائيل، ومنع التبادل التجاري معها، ومعاقبة كل من يقوم بذلك بالسجن أو الغرامة.

وجاء القانون مكوناً من 14 مادة عاقبت من يقوم بالتعامل مع إسرائيل، وكافأت كل من يكشف تعاملاً تجارياً معها، حيث جاء في المذكرة التفسيرية للقانون ما نصه: "كانت الإمارات وما تزال حريصة كل الحرص على الوقوف مع الصف العربي، باعتبارها جزءاً من الأمة العربية، ومن هنا بادرت من قبل العمل بأحكام دستور دولة الاتحاد إلى استصدار التشريعات الواجبة نحو مقاطعة إسرائيل، ولما كان من آثار قيام دولة الإمارات العربية المتحدة أن أصبحت الشخصية الدولية متركزة في حكومة دولة الاتحاد، وكانت شؤون مقاطعة إسرائيل من الشؤون الخارجية باعتبارها تمثل هدفاً سياسياً قومياً، مما يدخل في إطار الشؤون التي ينفرد الاتحاد بالتشريع والتنفيذ فيها طبقاً لأحكام المادة (120) من الدستور المؤقت للدولة، يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك كان محل الاتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته. وتعتبر الشركات والمنشآت أياً كانت جنسيتها التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة في إسرائيل، في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم طبقاً للفقرة السابقة، حسب ما يقرره المشرف على شؤون المقاطعة وفقاً لتوصيات مؤتمر ضباط الاتصال".

صدر القانون عام 1972 ونص على منع عقد أي اتفاقٍ مع أي جهة تنتمي إلى إسرائيل أو أي تبادلٍ تجاري معها، وتجريم ذلك

فيما نصّت المادة الثانية على حظر: "دخول أو تبادل أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها، كما يحظر الاتجار فيها بأية صورة. ويسري الحظر على القراطيس المالية وغيرها من القيم المنقولة الإسرائيلية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وتعتبر إسرائيلية البضائع والسلع المصنوعة في إسرائيل، أو التي دخل في صناعتها جزء أياً كانت نسبته من منتجات إسرائيل، على اختلاف أنواعها، سواء وردت من إسرائيل مباشرة أو بطريق غير مباشر. وتعتبر في حكم البضائع الإسرائيلية السلع والمنتجات المعاد شحنها من إسرائيل، أو المصنوعة خارج إسرائيل بقصد تصديرها لحسابها أو لحساب أحد الأشخاص أو الهيئات المنصوص عنها في المادة الأولى".

تم تأويل كل خطابات الشيخ زايد ضد إسرائيل، كما تم إلغاء كل نص قانوني يشير إلى مقاطعتها وعدم التعامل معها

ونصّت المادة السادسة من القانون على عقوبة المخالفين لمنع التعامل مع إسرائيل وهي: "السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز عشر سنوات. ويجوز مع الحكم بالسجن الحكم بغرامة لا تتجاوز سبعة آلاف دينار بحريني"، حيث كان الدرهم الإماراتي غير موجود آنذاك.

وكافأ القانون في مادته العاشرة من يقوم بضبط البضائع أو الإبلاغ عن عمليات التعامل مع إسرائيل، حيث نص على أن: "كل شخص سواء كان من موظفي حكومة الاتحاد أو الإمارات أو من غيرهم؛ يضبط الأشياء موضوع الجرائم المنصوص عليها في القانون، أو يسهل ضبطها؛ تصرف له بالطريقة الإدارية مكافأة بنسبة 20% من قيمة الأشياء المحكوم بمصادرتها. وفي حالة تعدد مستحقي المكافأة توزع بينهم كل بنسبة جهوده".

ويقول خبراء قانونيون إماراتيون معارضون ومقيمون في الخارج، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القرار لا يحمل أبعاداً قانونية بل سياسية، إذ يخشى حكام إمارتي أبوظبي ودبي، وهم قادة التطبيع في الإمارات، من استخدام هذه القوانين ضدهم فيما بعد، إذا حدث أي اختلال في موازين القوى داخل الدولة المكونة من سبع إمارات متصالحة ومتحدة".

ويضيف خبير قانوني إماراتي فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد": "في الداخل الإماراتي، النظام متحسّب لكل شيء في خطوته للتحالف مع إسرائيل، فخطابات الشيخ زايد التي كانت ضد إسرائيل تم تأويلها بنجاح، ومشاعر العداء التي كانت سائدة شعبياً ضد الكيان المحتل تم استخدامها بطريقة إعلامية ذكية لتبرير التحالف اليوم، وقانونياً وسياسياً تم إلغاء كل نص قانوني يشير إلى العداء مع إسرائيل ومقاطعتها. إنه نظام شيطاني".