ما السر وراء الانتعاش الجنوني لسوق وول ستريت؟

26 أكتوبر 2017
المتداولون في وول ستريت(Getty)
+ الخط -
من المتوقع أن تدفع لعبة "التحالف الخط" بين الشركات والبنوك المركزية سوق "وول ستريت" المالي لمزيد من الارتفاع الجنوني خلال العام الجاري والمقبل، خلافاً لتوقعات بعض الاكاديميين والدراسات التي توقعت حدوث انهيار وشيك للأسهم  وربما في شهر أكتوبر الجاري.

وكانت أسواق المال العالمية قد انهارت في 19 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1987، ومنذ ذلك الحين يتهيب المستثمرون في شهر اكتوبر من كل عام خوفاً من حدوث انهيار مماثل للانهيار العظيم أو ما يطلق عليه الخميس الأسود.
لكن لعبة الاستثمار في أسواق المال تغيرت منذ أزمة المال العالمية الأخيرة في العام 2008، حيث باتت البنوك المركزية العالمية وعلى رأسها مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" والبنك المركزي الياباني" بنك اليابان" والبنك المركزي السويسري، من كبار المستثمرين في أسواق المال. كما دخلت أخيراً الشركات الكبرى في عملية المتاجرة باسهمها.
وحسب تقرير متخصص، فإن الكل يستفيد في ذلك من نسبة الفائدة المنخفضة التي تتيح لهم الحصول على أموال وقروض رخيصة من البنوك وبنسبة فائدة قريبة للصفر، تجعل من عمليات تمويلهم لصفقات شراء الأسهم شبه مجانية. وما يزيد من عمليات متاجرة البنوك المركزية في الأسهم أن العوائد التي تحصل عليها من مبيعات سندات الخزانة لم تعد كبيرة مثلما كان الحال على أيام أسعار الفائدة المرتفعة، وبالتالي اتجهت لتحقيق عوائد مرتفعة من سوق الأسهم.

في هذا الصدد، يقول تقرير لمصرف "كريدي سويس" السويسري، إن الشركات انضمت للبنوك المركزية في شراء أسهمها فيما يعرف بعملية "إعادة الشراء لأسهمها".
ويوثق تقرير مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، الصادر يوم الأربعاء، المشتريات المتوقعة من قبل الشركات في أسواق المال في العام المقبل 2018. وهي عمليات متاجرة تجريها الشركات لأسهمها وتتم تحت مسمى "إعادة الشراء".
وحسب التقرير الذي حرره خبير أسواق المال بمصرف "غولدمان ساكس"، ديفيد كوستين، فإن مشتريات الشركات من المتوقع أن تبلغ حوالى 570 مليار دولار في سوق "وول ستريت"خلال العام الجاري وأن ترتفع بحوالى 3% خلال العام المقبل إلى 590 مليار دولار.
وتوقع كوستين أن ترفع هذه المشتريات من الطلب على الأسهم الأميركية خلال العام المقبل 2018، وهو ما يعني أن مؤشر داوجونز الذي تجاوز حاجز 23 الف نقطة في الأسبوع الماضي يتجه لتحقيق مزيد من الارتفاع، كما أن مكاسب المستثمرين بسوق المال الأميركي التي بلغت 5.3 تريليونات دولار منذ انتخاب دونالد ترامب، سترتفع ربما إلى 7 أو 8 تريليونات دولار في العام المقبل.
ويذكر أن حجم سوق "وول ستريت" بات يقارب حالياً 25 تريليون دولار.
ويتوقع تقرير "غولدمان ساكس"، أن يتمكن النمو الاقتصادي الأميركي من الاستقرار لدى مستوياته الحالية البالغة 2%، وكذلك استقرار سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية حول مستوياته الحالية، وسيعمل هذا الاستقرار الاقتصادي على زيادة جاذبية الأسهم الأميركية.
وبناء على هذه الفرضية يتوقع التقرير، أن يضع المستثمرون الأجانب حوالى 100 مليار دولار في سوق "وول ستريت" خلال العام 2018. وهذا الرقم أقل مما ضخه المستثمرون الأجانب في سوق المال الأميركية خلال العام الجاري والمقدر حسب تقرير "غولدمان ساكس" بحوالى 150 مليار دولار.
وفي المقابل من المتوقع أن يضخ المستثمرون الأميركيون حوالى 300 مليار دولار في أسواق المال العالمية بنهاية العام الجاري و250 مليار دولار في العام المقبل.
يذكر أن عمليات إعادة الشراء من قبل الشركات لأسهمها كانت بطيئة في النصف الأول من العام الجاري، بسبب الشكوك حول السياسات المالية في أميركا.
لكن من المتوقع أن يكون لمشروع إصلاح الضرائب الذي قدمه دونالد ترامب للكونغرس، تأثير رئيسي على عمليات "إعادة شراء الشركات لأسهمها". ويفسر محللون ماليون ذلك بأن المشروع في حال اجازته سيوفر على الشركات والأثرياء في الولايات المتحدة المزيد من الأموال التي كانت تدفعها للضرائب، كما أن المشروع سيساهم في عودة أموال أميركية تقدر بأكثر من تريليون دولار من مصارف الأوفشور إلى أميركا.

وهذا من شأنه، وحسب هؤلاء المحللين، أن ينعش الطلب على الأسهم الأميركية. لكنْ هنالك عامل سلبي ربما يقلل من مشتريات الشركات لأسهمها، وهو ارتفاع القيمة السوقية للأسهم الأميركية فوق قيمتها الحقيقية بسبب الطلب القوي على موجودات تدر دولارات من قبل الأجانب ورخص التمويل المتوفر للمستثمرين في سوق الأسهم بسبب الفائدة المنخفضة.
وعلى صعيد مشتريات البنوك المركزية في أسواق المال وكيف أنها أصبحت تنافس المستثمرين، كشفت التحقيقات التي أجراها الكونغرس في الشهور الماضية، أن موجودات البنك المركزي الأميركي تضخمت إلى 16 تريليون دولار.
وحسب المحلل الأميركي مايكل سنايدر، الذي ينوي الترشح العام المقبل للكونغرس، فإن المصارف المركزية العالمية تملكت حوالى 3.6 تريليونات دولار من الأسهم والسندات خلال العام الجاري.

وحسب التقرير الذي نشره مايكل سنايدر على موقعه، فإن لدى المصارف المركزية الخمسة الكبرى في العالم موجودات تقدر بـ 14.6 تريليون دولار تقريباً في أسواق المال العالمية. فالبنك المركزي السويسري مثلاً، يملك أسهماً في سوق "وول ستريت" تقدر قيمتها بحوالى 80 مليار دولار.
المساهمون