وكان مجلس العموم رفض قبل شهرين بغالبية ساحقة الاتفاق الذي توصلت اليه زعيمة حزب المحافظين أواخر تشرين الثاني/نوفمبر مع بروكسل، ما أعاده إلى طاولة المفاوضات. لكن في حين يستعد النواب للتصويت مرة ثانية على النص، يبدو أكثر فأكثر أنه ليس لدى ماي الكثير لتقدمه لهم، ما يمهد الطريق أمام هزيمة مذلة أخرى.
وقد استمرت النقاشات التقنية طوال عطلة نهاية الأسبوع في العاصمة البلجيكية، لكن لم يتم الإعلان عن شيء. إلا ان ماي مستعدة للذهاب إلى بروكسل خلال نهار الإثنين للتحقق من أي تقدم قد يكون تم إحرازه.
والعقبة الرئيسية في المحادثات هي "شبكة الأمان"، الوسيلة الأخيرة لمنع عودة الحدود فعليا في أيرلندا الشمالية من أجل الحفاظ على اتفاقات السلام عام 1998 والسوق الأوروبية الموحدة. وتتضمن إنشاء "منطقة جمركية واحدة"، تشمل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، وهذا ما يرفضه أنصار الانقطاع التام مع بروكسل. حيث يرفض القادة الأوروبيون إعادة فتح المفاوضات حول نص اتفاق الطلاق.
في ظل هذه الظروف "لا مناص من أن اتفاق الانسحاب هذا دون تغيير سيتم رفضه مرة أخرى"، كما توقع في صحيفة "صنداي تلغراف" النائب المحافظ ستيف بيكر وزميله نايجل دودز، من الحزب الأيرلندي الوحدوي، حليف ماي في البرلمان.
من جهته، قال المتحدث باسم حزب "العمال" البريطاني كير ستارمر هازئا إنها "8 أسابيع من الفشل" في المحادثات مع بروكسل، لم تسفر عن شيء.
وإذا تم رفض النص مرة أخرى الثلاثاء، ستلجأ ماي إلى إجراء تصويت الأربعاء حول إمكانية مغادرة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. في حال رفض النواب هذا الخيار، فسوف يصوتون الخميس على اقتراح بتأجيل "محدود" للخروج من الاتحاد الأوروبي بعد 29 آذار/مارس.
لكن يتعين الحصول على موافقة دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين، فقد حذر القادة الأوروبيون من أن أي تأجيل يجب أن يكون مبررا حتى يوافقوا عليه.
وحاول وزير الخارجية جيريمي هنت حض نواب حزب المحافظين على قبول الاتفاق، متوقعا "عواقب مدمرة" للحزب المحافظ في حال تم رفض النص مجددا.
وقال لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) "لدينا فرصة للخروج (من الاتحاد الأوروبي) في 29 آذار/مارس من المهم جدا اغتنامها" محذرا من يريدون وقف هذه العملية.
وأضاف "إذا فشلنا، سيقول الناس، هذا هو الحزب الذي وعد بتطبيق بريكست وانتخبناه إلى السلطة، وقد فشل" في ذلك.
والجمعة، بعثت ماي الرسالة ذاتها إلى المسؤولين البريطانيين. وقالت "ادعموا هذه الاتفاقية وستخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. ارفضوها ولا أحد سيعلم ماذا سيحدث".
وأضافت "يمكننا البقاء في الاتحاد الأوروبي عدة أشهر أخرى، وقد نخرج منه دون اتفاقية تحمينا، كما أنه قد لا نتمكن من الخروج أبدا".
الكرة في ملعب الحكومة والبرلمان البريطانيين
في هذا الوقت، صرّح كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه اليوم بأن الأوروبيين قدموا مقترحات لإخراج مباحثات بريكست من المأزق وأن المفاوضات باتت الآن بين الحكومة والبرلمان البريطانيين.
وأضاف بارنييه لدى وصوله إلى مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل لمناقشة "بريكست" مع سفراء 27 دولة أعضاء في الاتحاد "قدمنا مقترحات بناءة"، مضيفا "أجرينا محادثات كامل نهاية الأسبوع والمفاوضات باتت الآن بين الحكومة والبرلمان في لندن".
ويعتبر الأوروبيون أنهم قدموا كل التنازلات الممكنة للحكومة البريطانية لتمكينها من إقناع النواب بالمصادقة على الاتفاق المبرم بين بروكسل ولندن خلال تصويتهم المقرر هذا الأسبوع.
ومع اقتراب قدوم يوم 29 مارس/آذار، وهو الموعد المحدد للخروج من الاتحاد الأوروبي، تعيش بريطانيا أعمق أزمة سياسية منذ نصف قرن، وتكافح بريطانيا لإيجاد طريقة للانسحاب من التكتل الأوروبي الذي انضمت إليه عام 1973.