مالطا الصغرى

15 مايو 2016
(خليج حيفا قبل الإحتلال)
+ الخط -
ضبابُ الفجر هذا عمره أربعة آلاف سنة 
وكذلك هذه المرأة التي مرّت تحت نافذتي.
قبل زمنٍ قليل
وقفتُ في ضبابٍ كهذا ومرّت امرأةٌ كهذي وأقرانٌ لي
كان يخبئون سفناً منهوبةً في خليجنا الصغير
ويقهقهون مثل قراصنةٍ حقيقيين
فحيفا باتت تسمّى مالطا الصغرى...
أيها القراصنة الطيّبون الذين كان أقصى طموحهم إرضاء امرأة
وأقصى أمانيهم ليلةٌ تُضاء فيها المشاعل وتُدار فيها الكؤوس
أيها القراصنة الذين كان البحرُ عشيقَ أمهم اليابسة
وكانت الحياةُ زوجة أبيهم الموت
عمّا قليلٍ
ستصطدم الإمبراطوريات مثل سُفنٍ هرمةٍ
عمّا قليلٍ
سيصل غزاةٌ في روايات لاجئين
عمّا قليلٍ
سيهبِط النسيان مثل ضباب الفجر
ويغطّي أصواتكم وحبالكم
وحركات أيديكم
عمّا قليلٍ
سيصل قراصنة الذرّة والقنبلة النووية وخلّاطات الإسمنت...

لكنّي من قاع هذا النسيان الثقيل أتبيّن ضحكاتكم
وأنتم تعودون بالسفن المنهوبة
أقصى أمانيكم إرضاء امرأة...
من منكم تناول كأس شرابي البارد عن الطاولة؟
من منكم شربها؟
ومن هذا الذي يهمس بصوتٍ ضاحك: "بصحتك"؟


* "مالطا الصغرى" لقب أطلق على حيفا حين راحت تنافس جزيرة مالطا في إيواء السفن المنهوبة.

المساهمون