ماكياج للسلطة الذكورية

13 مارس 2018
مشهدية باتت سنوية (حسين بيضون)
+ الخط -
"طلعت يا محلى نورها، شمس الحرية... يلا بنّا ننزل ونغني: تسقط الأبوية" هذا أحد الشعارات الذي رفعته النساء في لبنان خلال المسيرة التي نظمت بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أمس الأول الأحد تحت شعار "قضايانا متعددة... غضبنا واحد".

امتلأت شوارع بيروت بعشرات النساء والرجال المطالبين بتعزيز مكانة النساء وإقرار حقوقهن وإلغاء أشكال التمييز بحقهن. وبشكل عام، احتشدت الأجندات خلال هذا الشهر بكثير من الندوات والمؤتمرات وجلسات الحوار حول آليات تعزيز أوضاع النساء. ما قامت وتقوم به النساء المناضلات في لبنان أفراداً أو ضمن هيئات ومنظمات المجتمع المدني خلال أيام السنة، يجري تسليط الضوء عليه خلال هذه الفترة من كلّ عام تزامناً مع اليوم العالمي.

إلى جانب هذه المشهدية النسائية المدنية التي باتت سنوية، تلفتنا مشهدية أخرى بدأت منذ نحو عام تقريباً. مشهدية سياسية برموز من السلطة الذكورية باتت تبحث لها عن مجال حيوي ضمن الحراك المطالب بإنصاف النساء وإقرار حقوقهن.



تتجلى هذه المشهدية بإصدار تصريحات أو بيانات سياسية أو تنظيم أنشطة أو إصدار قرارات حزبية، تعكس، وإن بشكل ظاهري، إدماج حقوق النساء ضمن الخطاب العام. لكن، مع النظر بشكل أعمق إلى شكل وفحوى هذه الخطابات والبيانات، يتبين أنّ حقوق النساء باتت تستخدم كـ"أداة" من أدوات تحسين أو تجميل السلطة الذكورية، بمعنى ماكياج. تتجلى هذه الآلية في التصريحات التي توحي أنّ حقوق النساء باتت على الأجندة السياسية، لكنّها لا تعكس رغبة أو إرادة حقيقية بالتغيير أو بإقرار المساواة والعدالة. وأكبر دليل على ذلك، حين يضع هؤلاء المسؤولون الحزبيون أو السياسيون أنفسهم في موقع المطالبين أو المدافعين عن حقوق النساء، أو في محاولاتهم تحديد مكامن الخلل أو أوجه التحديات، عازلين أنفسهم عن مواقع المسؤولية لإصلاح هذا الخلل أو إزالة التحديات.

وهكذا، تكمن المشكلة حين تختلط الأدوار ولا يعرف النواب والمسؤولون أنّ لديهم دوراً ومسؤولية في إقرار الحقوق وإنصاف النساء. فلا نعرف مثلاً إلى من يتوجه وزير الدولة لشؤون المرأة مطالباً بتحسين أوضاع النساء. ولا نعرف أيضاً لماذا يقوم رئيس الجمهورية ميشال عون بتحليل واقع النساء في لبنان عوضاً عن الالتزام بتغييره، وذلك في تصريحه الأبوي الذي يعكس تفوّقاً وامتيازاً ذكوريين، والذي ألقاه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة داعياً "المرأة اللبنانية ألاّ تنتظر أن يتنازل لها الرجل عمّا يعتبره دوره وحقه، أو أن يُعطى دورها كمنحة أو هبة من خلال كوتا ما، بل أن تأخذ المبادرة وتعتلي المنابر".

(ناشطة نسوية)
المساهمون