ماكبث الجزائري: شهوة الانقلاب

29 مايو 2014
جمال قرمي في استعادة شكسبيرية
+ الخط -

يبدو أن المسرح الجزائري بدأ يعيد اهتمامه بالمسرح الكلاسيكي، بعد انقطاع دام سنواتٍ، بسبب نزوع الجيل الجديد من المخرجين الجزائريين نحو المسرح التجريبي. وقد تجلّى ذلك في مسرحية ماكبث للمخرج جمال قرمي الذي عرف بمسرحياته الفكاهية.

استدعى قرمي "ماكبث" في مسرح "سكيكدة"، من بدايات القرن السابع عشر، تماماً كتبه وليام شكسبير، ولم يغير فيه شيئا، مانحاً إياه فرصة أخرى ليمارس شهوة الانقلاب على ملكه "دنكن" ويستولي على عرش إسكتلندا.

ولا يحتاج المشاهد إلى تركيز كبير ليدرك أن المنقلِب الحقيقي هو المحرّض، أي زوجة ماكبث (الممثلة ياسمين عبد المؤمن) التي مارست أقصى ما يمكن أن تبلغه امرأة في تحريض رجل، وليس المنفّذ، أي ماكبث (الممثل وليد بوفنار) الذي تردد في البداية قبل أن ينساق وراء الفكرة.

ولم يدر ماكبث أنه لن يعتلي عرش إسكتلندا، بل عرش الكوابيس التي باتت تلاحق نهاراته ولياليه، ولعلّ أقساها مطاردته من طرف شبح صديقه بانكو (الممثل ومساعد المخرج صابر عميور) الذي قام بقتله، لتتعزز بانتحار زوجته، وتنتهي بإقدام مكدف حاكم "فايف" على إرساله إلى العالم الآخر.

ودافع المخرج في حديث مع "العربي الجديد" عن خيار عدم تحوير المسرحية أو الاقتباس منها، لأن الاقتباس لا يكون إلا من رواية أو قصيدة أو لوحة تشكيلية، عكس ما هو موجود في المشهد المسرحي الجزائري، إذ يعمد كاتب ما إلى سلخ الكاتب الكلاسيكي، بحجة أقلمته مع الواقع الجديد، غافلاً عن كون هذه النصوص، ملكت القدرة على اختراق الزمن، لأنها قبضت على معالم النفس البشرية في تحولاتها المختلفة.

وقال قرمي إن الإضافة الوحيدة التي يمكن للمخرج أن يمارسها، في مثل هذه المسرحيات تتعلق بشكل العرض، والمنهج الذي يسير عليه الممثل، في تعاطيه مع الشخصيات، ذلك أن الممثل يقوم بأداء الموقف وليس النص.

وبالطبع لن يفوت المشاهد أن يعقد صلات بين الحالة الماكبثية في المسرحية والحالة الجزائرية في الواقع، حيث تتقاطع ثيمات السلطة ومفاسدها وكوابيسها.

المساهمون