11 أكتوبر 2024
مافيا الأمونيا
خلال منافسات كأس العالم التي تستضيفها روسيا هذا العام، كان أداء المنتخب الروسي مفاجئاً، ليس بوصوله إلى الدور ربع النهائي من المسابقة على حساب منتخبٍ كان مرشحاً للظفر باللقب، أي المنتخب الإسباني، بل بكمية الطاقة التي امتلكها اللاعبون الروس فوق أرضية الملعب، والتي وضعت خمسةً منهم، وفق إحصاءات الاتحاد الدولي لكرة القدم، في صدارة ترتيب اللاعبين الذين قطعوا مسافاتٍ فوق أرضية الملعب، والمفارقة أن أحد هؤلاء اللاعبين يبلغ 38 عاماً، وهو يعتبر لاعباً كبيراً في السن بالنسبة إلى محترفي كرة القدم. هذه الإحصائيات دفعت محللين وصحافيين كثيرين إلى الحديث عن تعاطي اللاعبين الروس المنشطات، وخصوصاً أن سوابق روسيا كثيرة في هذا المجال، إذ كان تعاطي المنشطات يدخل ضمن سياسة الدولة التي يتولاها فلاديمير بوتين، وهو أشرف، مع فريقه الحاكم، على تناول اللاعبين الأولمبيين جرعات من المنشطات قبل المشاركة في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في البرازيل قبل عامين، إلا أن الأمر اكتشفته لاحقاً اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية، وهو ما أثمر حظر مشاركة اللاعبين الروس في الألعاب الأولمبية الشتوية التي أقيمت في كوريا الجنوبية هذا العام.
ظن الجميع أن ذلك سيكون عقاباً قاسياً لروسيا، يمنعها لاحقاً من اللجوء إلى المنشطات، غير أن الأمر لم يكن كذلك، وخصوصاً بعد أداء منتخب كرة القدم في كأس العالم، والصور التي سُرّبت للاعبين الروس وهم يستنشقون مادة، اتضح لاحقاً أنها "أمونيا"، والتي لا يدرجها الاتحاد الدولي لكرة القدم في قائمة المنشطات، ولا يمكن اكتشافها في الفحوص المخبرية، على اعتبار أنها جزء من إفرازات الجسم. لم ينف الروس هذه التهمة، بل جاء اعتراف بذلك على لسان طبيب المنتخب الروسي إدوارد بيزوغلوف الذي أوضح أن "اللاعبين استنشقوا مادة الأمونيا قبل المباراة ضد إسبانيا، ومرة أخرى قبل مباراة ربع النهائي ضد كرواتيا". وأضاف: "نحن نتحدث عن نشا أمونيا بسيط يمكنك استخدامه على القطن ثم يستنشق، آلاف الرياضيين يفعلون الشيء نفسه ليعطوا أنفسهم دفعة، لقد استخدم منذ عقود".
يؤكد الإقرار أن سياسة الدولة الروسية في ما يتعلق بالمنشّطات لم تتغير، بل لجأت إلى التحايل والالتفاف على القوانين الدولية، بغرض ضمان السيطرة. سياسة مافياوية يمكن إسقاطها على غالبية التعاطي الروسي مع الملفات العالمية، فإذا لم يكن الخرق واضحاً للمواثيق والأعراف الدولية، يمكن التحايل على الأمر عبر اللجوء إلى وسائل أخرى. التدخل في الانتخابات الأميركية، وقرصنة البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، وتسريب محتواه للتأثير على الناخبين، تدخل ضمن هذا السياق من التحايل، على غرار الأمونيا، فموسكو لم تتدخل مباشرةً في الانتخابات، ولم تعلن صراحةً رغبتها في تولي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية، لكنها، بوسيلةٍ أو بأخرى، تمكّنت من تحقيق الهدف الذي أرادته، من دون أن تكون بالصورة بشكل مباشر. الأمر نفسه في التعاطي مع أوروبا، ومحاولة التأثير أيضاً على توجهات الناخبين، كما حدث في الانتخابات الألمانية أخيرا، إضافة إلى ممارستها جرائم بشكل مباشر، على غرار تسميم العميل الروسي السابق، سيرغي سكريبال، في بريطانيا بمواد كيميائية لا يزال تأثيرها قائماً.
في سورية أيضاً، تنشط المافيا الروسية سياسياً وعسكرياً، ولكن من دون الحاجة إلى الاختفاء أو التحايل، فعملها مباشر أكثر، بعدما أصبحت الآمر الناهي في الملف، إثر الانسحاب الغربي والعربي، فها هي تبرم الاتفاقات على الورق وتخرقها على الأرض، من دون قدرة أحد على السؤال أو المراجعة.
هي سياسة مافيا متعدّدة الأوجه، من السياسة إلى الرياضة، وهي مرشحةٌ للتصاعد والتمدّد في ظل العجز الدولي عن التعاطي مع الصعود الروسي.
ظن الجميع أن ذلك سيكون عقاباً قاسياً لروسيا، يمنعها لاحقاً من اللجوء إلى المنشطات، غير أن الأمر لم يكن كذلك، وخصوصاً بعد أداء منتخب كرة القدم في كأس العالم، والصور التي سُرّبت للاعبين الروس وهم يستنشقون مادة، اتضح لاحقاً أنها "أمونيا"، والتي لا يدرجها الاتحاد الدولي لكرة القدم في قائمة المنشطات، ولا يمكن اكتشافها في الفحوص المخبرية، على اعتبار أنها جزء من إفرازات الجسم. لم ينف الروس هذه التهمة، بل جاء اعتراف بذلك على لسان طبيب المنتخب الروسي إدوارد بيزوغلوف الذي أوضح أن "اللاعبين استنشقوا مادة الأمونيا قبل المباراة ضد إسبانيا، ومرة أخرى قبل مباراة ربع النهائي ضد كرواتيا". وأضاف: "نحن نتحدث عن نشا أمونيا بسيط يمكنك استخدامه على القطن ثم يستنشق، آلاف الرياضيين يفعلون الشيء نفسه ليعطوا أنفسهم دفعة، لقد استخدم منذ عقود".
يؤكد الإقرار أن سياسة الدولة الروسية في ما يتعلق بالمنشّطات لم تتغير، بل لجأت إلى التحايل والالتفاف على القوانين الدولية، بغرض ضمان السيطرة. سياسة مافياوية يمكن إسقاطها على غالبية التعاطي الروسي مع الملفات العالمية، فإذا لم يكن الخرق واضحاً للمواثيق والأعراف الدولية، يمكن التحايل على الأمر عبر اللجوء إلى وسائل أخرى. التدخل في الانتخابات الأميركية، وقرصنة البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، وتسريب محتواه للتأثير على الناخبين، تدخل ضمن هذا السياق من التحايل، على غرار الأمونيا، فموسكو لم تتدخل مباشرةً في الانتخابات، ولم تعلن صراحةً رغبتها في تولي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية، لكنها، بوسيلةٍ أو بأخرى، تمكّنت من تحقيق الهدف الذي أرادته، من دون أن تكون بالصورة بشكل مباشر. الأمر نفسه في التعاطي مع أوروبا، ومحاولة التأثير أيضاً على توجهات الناخبين، كما حدث في الانتخابات الألمانية أخيرا، إضافة إلى ممارستها جرائم بشكل مباشر، على غرار تسميم العميل الروسي السابق، سيرغي سكريبال، في بريطانيا بمواد كيميائية لا يزال تأثيرها قائماً.
في سورية أيضاً، تنشط المافيا الروسية سياسياً وعسكرياً، ولكن من دون الحاجة إلى الاختفاء أو التحايل، فعملها مباشر أكثر، بعدما أصبحت الآمر الناهي في الملف، إثر الانسحاب الغربي والعربي، فها هي تبرم الاتفاقات على الورق وتخرقها على الأرض، من دون قدرة أحد على السؤال أو المراجعة.
هي سياسة مافيا متعدّدة الأوجه، من السياسة إلى الرياضة، وهي مرشحةٌ للتصاعد والتمدّد في ظل العجز الدولي عن التعاطي مع الصعود الروسي.