هل تعلمون أنّ أكثر الشقراوات شهرة لم تكن "شقراء أصلية"، بل هي "اختراع" لصورة شقراء مغوية فاتنة، كان عليها أن تملأ الفراغ الذي خلّفته في سينما الثلاثينيّات من القرن الماضي شقراء أخرى هي جين هارلو... فإذا بنا أمام مارلين مونرو.
قبل البدء بتصوير المشهد السينمائي، كانت مارلين مونرو تقف وتسأل: هل أتحوّل الآن إلى مارلين مونرو؟
ماذا يعني أن تطرح مارلين مونرو سؤالاً كهذا؟
ليس السؤال سطحياً بالتأكيد ولا يشبه الصورة النمطية لـ"الشقراء الغبية" التي ألصقت بها. فهل يدلّ سؤالها على وعيها الدائم بالفارق، أو حتى الانفصام، بين صورتها المخترعة، أي صورة "مارلين مونرو"، وبين شخصيتها الحقيقية، أي "نورما جين بايكر مورتنسون". تلك المرأة التي لم تعرف الأمان والسعادة، والتي عاشت طفولة من التشرّد بين دور الرعاية المتعدّدة. الطفلة التي هجرها الأب وماتت أمّها منتحرة بعد معاناة طويلة مع أمراضها النفسية.
وما الغريب في أن تفصح ممثلة عن أنّها غير شخصيتها الحقيقية؟ أليس لعب الأدوار هو أساس التمثيل أصلاً؟
في الحياة العادية يؤلّف البشر العاديون شخصياتهم الاجتماعية والصورة التي يريدون لأنفسهم أن يظهروا بها ومن خلالها. فمثلاً حين يختار شاب في العشرينيات من عمره، في وقتنا هذا، أن يطيل شعره ويترك لحيته من دون حلاقة، لكي يعلن انحيازه إلى هبيّي جيل الستينيّات وليدلّ على رغبته في التشبّه بهم، فهو بذلك يقدّم صورة واعية عن الطريقة التي يريد أن يُنظر بها إليه. ومن أجل أن ينجح في إيصال فكرته هذه، عن نفسه، إلى الآخرين، فعليه أن ينتبه مثلاً لئلّا يبدو مثل أحد مقاتلي "داعش"، بلحاهم وشعورهم الطويلة أيضاً.
هنا تكمن أهمية الوعي بالتفاصيل الصغيرة التي تساهم في تحديد صورتنا. هي التفاصيل الصغيرة نفسها التي قد تحوّل امرأة تحاول أن تبدو مثيرة إلى امرأة مبتذلة. هي تفاصيل متأتية من وعي ثقافي وجمالي واجتماعي لا ينتبه إلى تفاصيله السذّج، بل ذوو الوعي المركّب.
لا وجود لأزمات نفسية حادّة حين تتآلف الصورة الاجتماعية مع الشخصية الأصلية في وعينا لهويتنا المركبة... لكنّ الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إلى مارلين مونرو. وأوّل إشارة إلى عدم التآلف هذا كانت حين رأت اسمها الفني مكتوباً بالحجم الكبير في إعلان عن أحد أفلامها على مدخل قاعة السينما. وتمنّت لو أنّ اسمها الحقيقي كان مكتوباً عوضاً عنه، لكي يعرف الذين أساؤوا إليها في حياتها المبكّرة أنّها استطاعت أن تتخطّى الإساءات لتصبح مهمّة ومشهورة.
أزمة مارلين أنّها ظلّت نورما جين، على الرغم من أنّها المساهمة الفعلية (إلى جانب المخرجين والمنتجين وغيرهم في عالم صناعة السينما طبعاً) في ابتكار صورتها الجديدة.
فهل في ابتكار الصورة فطنة وفتنة في الوقت نفسه؟
لم تكن مارلين مونرو شقراء في الأصل. بل كان شعرها بني اللون يتدلّى على كتفيها. وفي أوّل زيارة قامت بها إلى صالون "فرانك آند جوزيف" في هوليوود العام 1946، قام مصفّف الشعر بتفتيح لون شعرها ليصير ذهبياً يميل إلى الاحمرار. أرضتها النتيجة لكنّها استمرت في العودة إلى الصالون مرّة بعد أخرى من أجل زيادة تفتيح شعرها.
خلال مراحل تحولها إلى شقراء، مروراً بالشعر البني والأحمر والبرتقالي والذهبي، ظلّت مارلين مونرو تقول: "أريد الوصول إلى لون بياض المخدّة"..
أكانت تعني تلك المخدة نفسها التي استراح عليها شعرها في نومتها الأخيرة؟
اقرأ أيضاً: بيرس بروسنان: شيخوخة جيل كامل من نجوم "هوليوود"
قبل البدء بتصوير المشهد السينمائي، كانت مارلين مونرو تقف وتسأل: هل أتحوّل الآن إلى مارلين مونرو؟
ماذا يعني أن تطرح مارلين مونرو سؤالاً كهذا؟
ليس السؤال سطحياً بالتأكيد ولا يشبه الصورة النمطية لـ"الشقراء الغبية" التي ألصقت بها. فهل يدلّ سؤالها على وعيها الدائم بالفارق، أو حتى الانفصام، بين صورتها المخترعة، أي صورة "مارلين مونرو"، وبين شخصيتها الحقيقية، أي "نورما جين بايكر مورتنسون". تلك المرأة التي لم تعرف الأمان والسعادة، والتي عاشت طفولة من التشرّد بين دور الرعاية المتعدّدة. الطفلة التي هجرها الأب وماتت أمّها منتحرة بعد معاناة طويلة مع أمراضها النفسية.
وما الغريب في أن تفصح ممثلة عن أنّها غير شخصيتها الحقيقية؟ أليس لعب الأدوار هو أساس التمثيل أصلاً؟
في الحياة العادية يؤلّف البشر العاديون شخصياتهم الاجتماعية والصورة التي يريدون لأنفسهم أن يظهروا بها ومن خلالها. فمثلاً حين يختار شاب في العشرينيات من عمره، في وقتنا هذا، أن يطيل شعره ويترك لحيته من دون حلاقة، لكي يعلن انحيازه إلى هبيّي جيل الستينيّات وليدلّ على رغبته في التشبّه بهم، فهو بذلك يقدّم صورة واعية عن الطريقة التي يريد أن يُنظر بها إليه. ومن أجل أن ينجح في إيصال فكرته هذه، عن نفسه، إلى الآخرين، فعليه أن ينتبه مثلاً لئلّا يبدو مثل أحد مقاتلي "داعش"، بلحاهم وشعورهم الطويلة أيضاً.
هنا تكمن أهمية الوعي بالتفاصيل الصغيرة التي تساهم في تحديد صورتنا. هي التفاصيل الصغيرة نفسها التي قد تحوّل امرأة تحاول أن تبدو مثيرة إلى امرأة مبتذلة. هي تفاصيل متأتية من وعي ثقافي وجمالي واجتماعي لا ينتبه إلى تفاصيله السذّج، بل ذوو الوعي المركّب.
لا وجود لأزمات نفسية حادّة حين تتآلف الصورة الاجتماعية مع الشخصية الأصلية في وعينا لهويتنا المركبة... لكنّ الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إلى مارلين مونرو. وأوّل إشارة إلى عدم التآلف هذا كانت حين رأت اسمها الفني مكتوباً بالحجم الكبير في إعلان عن أحد أفلامها على مدخل قاعة السينما. وتمنّت لو أنّ اسمها الحقيقي كان مكتوباً عوضاً عنه، لكي يعرف الذين أساؤوا إليها في حياتها المبكّرة أنّها استطاعت أن تتخطّى الإساءات لتصبح مهمّة ومشهورة.
أزمة مارلين أنّها ظلّت نورما جين، على الرغم من أنّها المساهمة الفعلية (إلى جانب المخرجين والمنتجين وغيرهم في عالم صناعة السينما طبعاً) في ابتكار صورتها الجديدة.
فهل في ابتكار الصورة فطنة وفتنة في الوقت نفسه؟
لم تكن مارلين مونرو شقراء في الأصل. بل كان شعرها بني اللون يتدلّى على كتفيها. وفي أوّل زيارة قامت بها إلى صالون "فرانك آند جوزيف" في هوليوود العام 1946، قام مصفّف الشعر بتفتيح لون شعرها ليصير ذهبياً يميل إلى الاحمرار. أرضتها النتيجة لكنّها استمرت في العودة إلى الصالون مرّة بعد أخرى من أجل زيادة تفتيح شعرها.
خلال مراحل تحولها إلى شقراء، مروراً بالشعر البني والأحمر والبرتقالي والذهبي، ظلّت مارلين مونرو تقول: "أريد الوصول إلى لون بياض المخدّة"..
أكانت تعني تلك المخدة نفسها التي استراح عليها شعرها في نومتها الأخيرة؟
اقرأ أيضاً: بيرس بروسنان: شيخوخة جيل كامل من نجوم "هوليوود"