عرفت في الهزيع الأول من العمر، عشرات الماركسيين، ممن يمكن تسميتهم ـ دون حرج ـ ماركسيّون بالسّماع.
أحدهم صارحني، بعد مرور عشرين عاماً على تحزيبه، أنه لم يقرأ في النظرية، سوى كتيب واحد ذي غلاف أحمر، ولم يفهمه، فلم يقترب بعدها من أي كتاب ذي علاقة.
قال: أنا ماركسي بالفطرة. وكان يفهم النظرية التاريخية، على أنها شجرة العدل الوحيدة في غابة الظُلْم.
ما زال الرجل على قناعته، بينما غيره ممن "قرأوا"، تحوّل بعضُهم إلى النقيض.
وأنا بالطبع، أتذكّره بكل الخير، وأحنّ إلى أيامه في المخيّم. خاصة هنا بالذات، حيث لا يوجد ماركسي أوروبي بالمفهوم أو التصوّر القارّ في الذاكرة.
فأقصى ما هنا هم يساريّون إصلاحيّون. بمعنى فَعَلَة تحت سقف الرأسمالية نفْسها.
ذلك الماركسي الكلاسيكي، الماركسي الجذري، مات في الغرب منذ عقود. وحتى لو بحثت، فلن تظفر سوى بشبحٍ له متجسّداً في بشر فوق السبعين.
بجُملة: الرأسمالية في تطورها الحثيث، صنعت يساريين على مقاسها ومعاييرها. يساريون من داخل المعبد لا خارجه.
عليه، ولأشياء أخرى كثيرة، أحِنّ ـ خاصة في تجوالي النهاري ـ إلى أولئك الماركسيين الفلسطينيين بالسماع.
تلك الفاكهة وقد أوشكت على الانقراض.