انطلقت في المدن السويسرية، منذ يوم الأربعاء، حملة "ترامب غير مرحّب به في بلدنا" التي وقّعها آلاف السويسريين، في أعقاب إعلان البيت الأبيض عن حضور الرئيس دونالد ترامب منتدى دافوس الاقتصادي لهذا العام.
وينطلق المنتدى الاقتصادي الذي يقام سنوياً في قرية دافوس الجبلية الصغيرة بسويسرا، في يوم 23 يناير/كانون الثاني الجاري، ويستمر لمدة ثلاثة أيام.
والرئيس ترامب سيكون ثاني رئيس أميركي يحضر هذا المنتدى، منذ حضور الرئيس بيل كلينتون في عام 2000.
وحسب وكالة بلومبيرغ، فإن كلاً من وزير الخزانة الأميركي ستيف مينوشين، ووزير التجارة ويلبر روس، والممثل التجاري روبرت لايتزر، ووزيرة الاتصالات إيلين تش، سيرافقون الرئيس في دافوس.
وعدا وزير الخزانة مينوشين، فإن بقية أعضاء الوفد يمثّلون الصقور في معسكر التجارة والمال في الإدارة الأميركية، الذين يدعمون أفكار ترامب الخاصة بإعادة التفاوض حول الاتفاقات التجارية والاقتصادية التي تربط أميركا بدول العالم ومنظمة التجارة العالمية.
ويذكر أن كلاً من الوزير مينوشين ومستشار الرئيس التجاري روبرت كوهين، حاول إقناع ترامب بتبني سياسة تجارية غير متشددة تجاه حلفاء واشنطن، ولكن حتى الآن لم تفلح نصائحهما في إثناء الرئيس عن مساره الانعزالي والاستعدائي للعديد من الكتل التجارية.
ويرى المسؤولان أن الهجوم على اتفاقات التجارة العالمية يهدد بتقويض الارتفاع الكبير في مؤشرات الأسهم الأميركية. ويذكر أن الرئيس ترامب يتباهى دائماً بأنه السبب في هذا الارتفاع الصاروخي في أسعار الأسهم في سوق المال الأميركية.
كذلك يشيران، في محاولات إقناع ترامب، إلى أن رفع التعرفة الجمركية على الواردات ربما يقوّض الفوائد التي يمكن حصادها من قانون إصلاح الضرائب الأميركي، كما أن الطبقة الوسطى في أميركا ستتضرر.
وبالتالي، فمن المتوقع أن يشهد دافوس، الذي سيكون موضوعه الرئيسي "الحماية التجارية والعولمة"، خلال العام الجاري، مناقشات حامية بين المعسكر الأوروبي والآسيوي ورجال المال والتقنية الذين يمثلون الشركات الكبرى ويدعمون العولمة التجارية والاقتصادية، وبين فريق الرئيس ترامب الذي يدعم مبدأ "أميركا أولاً" و"الحماية التجارية".
ويثير حضور ترامب المنتدى، كثيراً من التساؤلات، حول ما إذا كان يُخطط لاستخدام هذا المنبر العالمي لتقديم إجابات صريحة ومباشرة عن جدوى سياساته المالية والاقتصادية التي تستعدي قطاعات واسعة من المجتمع المالي والاقتصادي في العالم، أم أنه يسعى إلى الترويج لأفكاره.
ولكن يبدو، حسب تعليقات أميركية، أنه لن يكون حريصاً على مواجهة هذه الأسئلة والنزول بنفسه إلى الميدان، وبدلاً من ذلك ربما يسعى إلى الترويج للمصالح الاقتصادية الأميركية وتعزيزها في صفوف نخبة من صانعي القرار وأبرز أصحاب النفوذ في العالم.
وسيجد ترامب نفسه أمام مجموعة من كبار الرؤساء التنفيذيين في بلاده الذين يعارضون سياسته في المنتدى، خاصة رؤساء مجالس شركات التقنية التي عملت بكل ما تملك لعدم وصوله إلى البيت الأبيض.
وكانت وكالة الخدمات السويسرية "سويس إنفو" قد ذكرت أن الرئيس السويسري، آلان بيرسيه، رحّب بالقدوم الوشيك لترامب، وأعرب عن الأمل في ترتيب لقاء معه، لمناقشة بعض القضايا الحارقة التي قد تشمل الإصلاحات الضريبية الأميركية أو سياسات التجارة المثيرة للجدل.
من جهته، قال النائب الاشتراكي السويسري، تيم غولديمان: "إن هذه الزيارة لا يُمكن أن تكون سوى شيء جيّد بالنسبة لسويسرا، لكننا لن نُحسن صنعاً إذا ما استخدمنا هذه المناسبة لمجرد انتقاد سياساته".
وحسب بيانات دافوس، فقد استقطب المنتدى الاقتصادي العالمي، في العام الماضي، نحو 3 آلاف زائر، كان من بينهم 500 صحافي.
ومن المتوقع تسجيل أرقام مماثلة هذا العام خلال فترة نشاطه من 23 إلى 26 يناير/كانون الثاني 2018. وتدفع كل شركة تحضر المنتدى سنوياً مبلغاً يتراوح ما بين 000 60 و000 600 فرنك سويسري، على شكل رسوم عضوية في المنتدى.
وبالنسبة إلى السنة المالية الممتدة من بداية يوليو/تموز 2015 إلى 30 يونيو/حزيران 2016، فقد بلغت إيرادات المنتدى الاقتصادي العالمي 228 مليون فرنك. وقد قامت المنظمة غير الربحية بتحويل فائض الميزانية المقدر بمليون و200 ألف فرنك إلى صندوق المؤسسة التابعة لها.
وتوصّلت دراسة قام بها المنتدى الاقتصادي العالمي بالاشتراك مع جامعة سانت غالن إلى أن المؤتمر السنوي لعام 2015 سمح بتوفير 50 مليون فرنك لفائدة الاقتصاد المحلي، و79 مليون فرنك إضافية لبقية سويسرا.
وتخصص الحكومة السويسرية سنوياً نحو خمسة آلاف جندي لتأمين سير التظاهرة رفيعة المستوى التي تحتضنها دافوس، إلا أنه نادراً ما يتم استخدام كامل أفراد الوحدة. أما التكاليف الأمنية التي تبلغ قيمتها تسعة ملايين فرنك فيتم اقتسامها بين الكونفدرالية وكانتون غراوبوندن ومدينة دافوس والمنتدى الاقتصادي العالمي.
ومن المتوقع أن ترتفع التكاليف الأمنية لمنتدى دافوس هذا العام مع قدوم الرئيس ترامب، إذ يوقّع الآلاف من السويسريين على حملة مناهضة ترامب الذي يرون فيه عدواً للمثل والقيم التي تقوم عليها بلادهم في التعايش السلمي بين الأعراق. وتعد مجموعات سويسرية، من بينها "كامباكس" و"لنتحرك معاً" لمظاهرات ضخمة في دافوس.