27 سبتمبر 2018
ماذا نعني بانتصار الثورات؟
الصورة الأولية لمعنى انتصار الثورات، كان في إسقاط الرئيس وتغيير النظام، لكن المناورات التي أوحت بذلك من أطرافٍ في السلطة أظهرت أن شيئاً لم يتغيّر، أكثر من إبعاد الرئيس وبعض حاشيته. لهذا، ظهرت فكرة أن الثورات فشلت، حيث لم يتغيّر شيء في الواقع. وهذا ما فتح باب اليأس والخيبة، ومن ثم فتح باب الندب والتشكيك والخوف من الفوضى. المعادلة كانت بسيطة، حيث تكون إزاحة الرئيس المدخل لتحقيق الحرية و"الدولة المدنية" والديمقراطية. هذه الأخيرة أتت بالإسلاميين فتراجع الاهتمام بها، وظهرت نزعة القبول بديكتاتورٍ، يقوم بمهمة سحق هؤلاء.
الفئات الواسعة من الشعب التي خاضت الثورات، وصنعتها، كانت تريد تحقيق مطالبها التي طرحتها، وهي مطالب اقتصادية اجتماعية أساساً. لم تتحقق هذه المطالب بعد ثلاث سنوات من الثورة، ولقد راهنت مرة وأخرى على حلول، وقوى، من دون أن يتحقق شيء مما أرادت. على العكس، بات وضعها من هذه الزاوية أسوأ (ازدياد الفقر والبطالة). لكنها لا تملك ترف اليأس أو الخوف، بعد أن كسرت كل الخوف الذي سكنها حين تمردت. ولهذا، ما زالت تقاتل من أجل أن تحقق مطالبها.
وإذا كان حلم النخب هو الديمقراطية، ومطالب الشعب هي العمل والأجر والتعليم والصحة والسكن، فإن الانتصار يعني تحقيق كل ذلك. وهنا نلمس مستويين، يتعلق الأول بأن تحقيقها يستلزم إزاحة السلطة والفئات المستفيدة منها، والتي فرضت شكلاً غير ديمقراطي للسلطة، استبدادياً شمولياً، وفرضت نمطاً اقتصادياً يخدم مصالحها، ويهمّش كل المجتمع. وبالتالي، عدم الاكتفاء بتغيير أفراد بل تغيير كلية البنية. والمستوى الثاني يتعلق بكيفية تحقيق هذا التغيير، حيث لا يكفي المراهنة على أفراد في السلطة، أو الدعوة إلى الإسقاط فقط، والضغط من أجل التغيير من دون وجود رؤية بديلة وقوى بديلة، تفرض ذاتها بقوة الشعب سلطة بديلة. فالسلطة بكليتها هي التي فرضت النمط الاقتصادي الذي قاد إلى البطالة والفقر والتهميش، ومن أجل ذلك، تشكلت كسلطة استبدادية (حتى وهي تعطي هوامش من الحرية).
هذا التغيير لا يأتي بالضغط على السلطة من خلال الثورة، لكي تتغير، فالسلطة لا تتغير في الجوهر، بل تعيد إنتاج ذاتها في شكل جديد، ربما يكون أسوأ مما كان. فإذا كانت "النخب" تنتظر من يغيّر، وتلعب دور "المعلق الرياضي" الذي يوصّف ما يجري، ويصدر الأحكام حوله، فإن غياب ترف التوقف لدى الشعب نتيجة وضعه الذي لم يعد يحتمل التسويف، هو ما يفتح على رؤية المستقبل، وتحديد كيفية انتصار الثورات. فالحراك الشعبي يتسم بالجرأة والقوة والاستمرارية، على الرغم من نشوء مراهنات في لحظة أو أخرى (وهذا نتاج غياب البديل)، لكنه يحتاج لأن يتشكل بديلاً للسلطة، لا أن يبقى حالة رفض وضغط، تنتظر التغيير من السلطة ذاتها (ليس من الممكن أن تتغيّر، فهي تدافع عن مصالحها).
الثورات تنتصر، بالتالي، حين يعي الشعب أن عليه هو أن يفرض سلطته. هذا يقتضي تطوير الوعي والرؤية وتنظيم الحراك، بشكل يجعله قوة منظمة فاعلة، تهدف إلى تسلم السلطة. هذا الجهد الذي تطرحه اللحظة الراهنة، وهو يتعلق بتطوير وعي فئاتٍ جديدةٍ، لكي تصبح القوة الفاعلة في الثورات، وتكون قادرة على تحديد السياسات التي تجعل الشعب ينتصر. هنا، يأتي دور الشباب الذي كان بعيداً عن السياسة والفكر قبل الثورات، وأخذ يكتشف ضرورة ذلك بتجربته العملية، وهو ما يعني أن الثورات ما زالت مستمرة، على الرغم من الصعود والهبوط الذي تعيشه بين حين وآخر.
الفئات الواسعة من الشعب التي خاضت الثورات، وصنعتها، كانت تريد تحقيق مطالبها التي طرحتها، وهي مطالب اقتصادية اجتماعية أساساً. لم تتحقق هذه المطالب بعد ثلاث سنوات من الثورة، ولقد راهنت مرة وأخرى على حلول، وقوى، من دون أن يتحقق شيء مما أرادت. على العكس، بات وضعها من هذه الزاوية أسوأ (ازدياد الفقر والبطالة). لكنها لا تملك ترف اليأس أو الخوف، بعد أن كسرت كل الخوف الذي سكنها حين تمردت. ولهذا، ما زالت تقاتل من أجل أن تحقق مطالبها.
وإذا كان حلم النخب هو الديمقراطية، ومطالب الشعب هي العمل والأجر والتعليم والصحة والسكن، فإن الانتصار يعني تحقيق كل ذلك. وهنا نلمس مستويين، يتعلق الأول بأن تحقيقها يستلزم إزاحة السلطة والفئات المستفيدة منها، والتي فرضت شكلاً غير ديمقراطي للسلطة، استبدادياً شمولياً، وفرضت نمطاً اقتصادياً يخدم مصالحها، ويهمّش كل المجتمع. وبالتالي، عدم الاكتفاء بتغيير أفراد بل تغيير كلية البنية. والمستوى الثاني يتعلق بكيفية تحقيق هذا التغيير، حيث لا يكفي المراهنة على أفراد في السلطة، أو الدعوة إلى الإسقاط فقط، والضغط من أجل التغيير من دون وجود رؤية بديلة وقوى بديلة، تفرض ذاتها بقوة الشعب سلطة بديلة. فالسلطة بكليتها هي التي فرضت النمط الاقتصادي الذي قاد إلى البطالة والفقر والتهميش، ومن أجل ذلك، تشكلت كسلطة استبدادية (حتى وهي تعطي هوامش من الحرية).
هذا التغيير لا يأتي بالضغط على السلطة من خلال الثورة، لكي تتغير، فالسلطة لا تتغير في الجوهر، بل تعيد إنتاج ذاتها في شكل جديد، ربما يكون أسوأ مما كان. فإذا كانت "النخب" تنتظر من يغيّر، وتلعب دور "المعلق الرياضي" الذي يوصّف ما يجري، ويصدر الأحكام حوله، فإن غياب ترف التوقف لدى الشعب نتيجة وضعه الذي لم يعد يحتمل التسويف، هو ما يفتح على رؤية المستقبل، وتحديد كيفية انتصار الثورات. فالحراك الشعبي يتسم بالجرأة والقوة والاستمرارية، على الرغم من نشوء مراهنات في لحظة أو أخرى (وهذا نتاج غياب البديل)، لكنه يحتاج لأن يتشكل بديلاً للسلطة، لا أن يبقى حالة رفض وضغط، تنتظر التغيير من السلطة ذاتها (ليس من الممكن أن تتغيّر، فهي تدافع عن مصالحها).
الثورات تنتصر، بالتالي، حين يعي الشعب أن عليه هو أن يفرض سلطته. هذا يقتضي تطوير الوعي والرؤية وتنظيم الحراك، بشكل يجعله قوة منظمة فاعلة، تهدف إلى تسلم السلطة. هذا الجهد الذي تطرحه اللحظة الراهنة، وهو يتعلق بتطوير وعي فئاتٍ جديدةٍ، لكي تصبح القوة الفاعلة في الثورات، وتكون قادرة على تحديد السياسات التي تجعل الشعب ينتصر. هنا، يأتي دور الشباب الذي كان بعيداً عن السياسة والفكر قبل الثورات، وأخذ يكتشف ضرورة ذلك بتجربته العملية، وهو ما يعني أن الثورات ما زالت مستمرة، على الرغم من الصعود والهبوط الذي تعيشه بين حين وآخر.