ماذا لو صنفت إدارة ترامب الحرس الثوري الإيراني إرهابياً؟

11 أكتوبر 2017
يشكل الحرس الثوري أهم أعمدة القوات الإيرانية (Getty)
+ الخط -
بعد عامين من توقيع الاتفاق النووي الإيراني، جاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليعيد الأزمة التي أخذت سنوات من المفاوضات إلى المربع الأول، عبر تهديداته وتلميحاته بتعليق الاتفاق، وهو ما أثار قلق أطراف إيرانية وحتى غربية. وفي "سلّة" نسف الاتفاق النووي، يبدو أن إدارة ترامب تدرس أيضاً خيار تصنيف الحرس الثوري الإيراني على لائحة "الإرهاب" التابعة لها، وفق تسريبات نقلاً عن مسؤولين أميركيين، وهو ما يستتبع حكماً فرض عقوبات عليه. وقد استدعت هذه التلميحات تهديدات إيرانية لواشنطن في المقابل.

الأسبوعان المقبلان حساسان بالنسبة لإيران، سواء بخصوص اتفاقها النووي، أو ما يستتبع إلغاءه من إعادة فرض عقوبات عليها وعلى قوتها العسكرية الضاربة، الحرس الثوري.

ماذا يعني 15 أكتوبر لإيران؟

منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، هو موعد تجديد تصديق العمل بالاتفاق النووي من قبل الرئيس الأميركي، الذي وافق على الأمر ذاته مرتين منذ وصوله للبيت الأبيض، فالكونغرس صوّت، في وقت سابق، على قانون لمراجعة الاتفاق النووي مع إيران مرة كل ثلاثة أشهر، ومن ثم تجديد الالتزام أميركياً ببنوده بناء على النتائج. وفي حال قرر ترامب عدم الاستمرار في الاتفاق، فسيضع الأمر أمام الكونغرس ليتخذ إجراءاته لإعادة فرض العقوبات المرتبطة بالبرامج الإيرانية النووية من طرف واشنطن، والتي تم إلغاؤها في وقت سابق بموجب نص الاتفاق. وحصول هذا السيناريو قد يعني الانهيار، كونه خرق الشرط الإيراني الرئيس فيه، ألا وهو إلغاء وتعليق كافة العقوبات المفروضة على البلاد.

ما العلاقة بين الاتفاق النووي والحرس الثوري؟

حاولت أميركا، ومعها أطراف دعمت فرض عقوبات تستهدف الحرس الثوري والبرنامج الصاروخي الإيراني، الفصل بين هذه المؤسسة العسكرية والملف النووي، من خلال فرض قرارات عقوبات متتالية منذ اليوم الأول من عمر الاتفاق، وتعاملت طهران مع الأمر على أنه انتهاك لما وصفته بجوهر وروح الاتفاق، والذي من المفترض أن يعلق فرض العقوبات الجديدة. لكن واشنطن تعاملت مع الأمر من نواحيه القانونية، مبررة إياه بأنه لا يرتبط أساسا ببرنامج إيران النووي.

أصرت إيران، من جهتها، على التعامل مع الملف الصاروخي على أنه منفصل عن ذاك النووي، وقام الحرس الثوري بعدد من التجارب على صواريخ باليستية، وهو ما وصفته واشنطن، من جهتها، بأنه انتهاك للاتفاق. لكن المسؤولين السياسيين والعسكريين في إيران، رأوا أنه لا علاقة لهذا بالنووي أيضا، كون الصواريخ الإيرانية دفاعية، وغير قابلة لحمل رؤوس نووية، وهي النوع الذي يحظره نص الاتفاق.

ما العقوبات التي تستهدف الحرس الثوري؟

بدأت أميركا بفرض عقوباتها على إيران منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، وتوجد قرارات عقوبات عديدة لا ترتبط بالبرنامج النووي، وهي التي أبقت على بعضها ومددت بعضها الآخر حتى في وجود الاتفاق.

ومنذ يوليو/تموز 2015، وهو تاريخ الإعلان عن الاتفاق، أصدرت واشنطن ما لا يقل عن ثلاثة قرارات عقوبات جديدة، تستهدف كيانات وأفرادا على علاقة بالحرس الثوري الإيراني أو ببرنامج البلاد الصاروخي. وكان آخر الإجراءات قبل ثلاثة أشهر حين صادق مجلس النواب الأميركي على قانون يُعرف باسم "كاتسا"، والذي وقّعه ترامب مباشرة، ومن المفترض أن يدخل حيز التنفيذ العملي في فترة أقصاها تسعين يوما من تاريخ المصادقة، وهو ما يجعل شهر أكتوبر الجاري حساسا بالنسبة لإيران.

يهدف "كاتسا" إلى مواجهة عدة أطراف، فيشمل في أجزاء منه كلا من روسيا وكوريا الشمالية إلى جانب إيران، ويستهدف عدة قطاعات فيها، وهو ما يجعله القانون الأوسع، حيث وصفته طهران بـ"أم العقوبات"، كونه سيشمل البرنامج الصاروخي وأفرادا وكيانات على صلة بملف انتهاك حقوق الإنسان، فضلا عن عقوبات مرتبطة بدعم إيران للإرهاب، بالإضافة إلى الحرس الثوري الذي قد تصنفه أميركا إرهابياً، بناء على هذا القانون.


كيف سيتأثر الحرس الثوري؟

الحرس الثوري هو مؤسسة عسكرية تشكل أحد أهم أعمدة القوات المسلحة في إيران، لها دور رئيس في الداخل الإيراني، عسكريا وحتى اقتصاديا، ولدى الحرس قوات برية وبحرية وجوية وصواريخ قريبة ومتوسطة وحتى بعيدة المدى، إما مصنّعة محليا أو مطورة عن صواريخ مصنعة بتكنولوجيا روسية، وفي هذه المؤسسة العسكرية ما يزيد عن المائة ألف عضو ثابت، وما يقارب 300 ألف جندي احتياط.

أما فيلق القدس، فهو أحد أبرز ألوية الحرس الثوري، ويمثل الجناح الخارجي لهذه المؤسسة العسكرية، وهو المسؤول عن الدور الإيراني الميداني في كل من سورية والعراق. وكل هذا يعني أن للحرس دورا كبيرا في معادلة السياسة الخارجية الإيرانية، فهو يمثل خطاب القوة، بينما تتبنى حكومة روحاني خطاب الانفتاح والاعتدال على الغرب بالذات.

أما الأفراد والكيانات ممن خضعوا لحظر أميركي، خلال الفترة السابقة، فهم إما على ارتباط مباشر بالحرس أو ساعدوه في الحصول على تكنولوجيا الصواريخ، أو أنهم على ارتباط بإحدى مؤسساته الاقتصادية التي كبرت خلال فترة العقوبات النووية، واستطاعت أن تساعد في صمود البلاد أمامها، وتصنيفه على أنه منظمة إرهابية قد يقيد حركة أعضائه ومؤسساته، ويجمد حساباتهم، فضلا عن وجود شخصيات تتولى مناصب هامة في البلاد تحسب على الحرس الثوري، وهو ما قد يصعب التعامل معها دوليا أيضا.

رهان إيران مستمر

أبدت طهران، على لسان مسؤولين من كافة مراكز صنع القرار وكل التيارات السياسية، صلابة في التعامل مع الموقف الأميركي المرتقب، حتى قبل الإعلان عن تصنيف الحرس إرهابيا، وطوى الكل صفحة الخلاف الذي ظهر جليا في أشهر ماضية بين الحكومة المعتدلة ومواليها من جهة والحرس والطيف المتشدد من جهة ثانية، وهو المتعلق بخلافات في وجهات النظر حول الاتفاق النووي أحيانا، وبدور الحرس في مؤسسات البلاد الاقتصادية في أحيان أخرى، فأظهر الكل في الداخل موقفا واضحا رافضا لتطبيق قانون "كاتسا"، ولاستهداف الحرس بهذه الطريقة التصعيدية.

ركز المسؤولون في الحكومة على دور الحرس في الحرب على الإرهاب في المنطقة، ويراهنون على هذه النقطة التي قد تجلب لهم تأييدا إقليميا، أما دوليا فيراهن الكل على وقوف الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والشركاء التجاريين لإيران مع استمرار الاتفاق النووي، فهذا الملف لا يمكن فصله، إيرانياً، عن قانون العقوبات الجديد.

ما هي السيناريوهات المتوقعة؟

الخيارات أمام ترامب ليست كثيرة، فإما أن يوافق على الالتزام الأميركي بالاتفاق لثلاثة أشهر أخرى ستستمر خلالها المناورة مع طهران، وهو ما سيترافق مع فرض عقوبات ضد إيران وضد الحرس بالذات، وهي الخطوة التي يرى الخبراء أنها تهدف إلى جر إيران لخرق الاتفاق من طرفها أو الانسحاب منه، وهو ما سيخفف من مسؤولية واشنطن أمام المجتمع الدولي.
وإما أن يقرر ترامب الانسحاب، ويضع الكونغرس أمام واقع اتخاذ القرار بحق إيران، التي قد تقرر أن تستمر في الاتفاق بدون أميركا، ويصبح مع دول ست - 1، بدلا من (5 + 1)، أو أن تخرج ملزمة منه وتعود للمربع الأول مع استمرار التراشق والتصعيد الإيراني الأميركي، الذي سيبلغ أشده إذا ما تم تصنيف الحرس الثوري إرهابيا.