ماذا تقول نظريات عمل الدماغ عن طفلك؟

28 أكتوبر 2015
اعمل على تنمية دماغ طفلك فكرياً وعلمياً بشكل مدروس(Getty)
+ الخط -

بعيداً عن أنماط التعليم التقليدية، وتجنباً للتلقين والاكتفاء بصب المعلومات في دماغ الطفل دون إشراكه بالوصول للمعلومة، أو خلق الحلول من خلال تفاعله بكافة حواسه ومشاعره في فهم ما يجري، بدأت العديد من المدارس والمراكز الخاصة في الوطن العربي تعنى بتطبيق النظريات والدراسات الحديثة التي تستهدف تشغيل العقل والاستفادة من الحواس بأقصى طريقة ممكنة، مع مراعاة طريقة عمل الدماغ لبلوغ التعلم السريع لدى المتلقي.

وعلى الرغم من المحدودية في اعتماد أنماط تعليم إبداعية وغير تقليدية، واقتصارها على التعليم الخاص في كثير من الأحيان، إلا أن الاهتمام بتطوير آليات التعليم بما يتماشى مع تطور العصر والقفزات الهائلة في عالم التكنولوجيا، دفع الكثير من العائلات لاستغلال القدرات الفطرية لدى أبنائهم من خلال دمجهم ببرامج تعليمية تعنى بتطويرها، وتستهدف تشغيل الدماغ بكافة إمكانياته.


التركيز على المشاعر
"تعلم كامل.. دماغ كامل"، هذا ما أشار إليه دايف ماير في كتابه التعلم السريع، لافتا إلى أن الإنسان اليوم بحاجة لاستخدام كامل العقل وكامل الذات (عقل، وجسد، ومشاعر) في التعلم، فهو برأيه الحل الوحيد للوصول لتعليم أسرع وأكثر فاعلية ومتعة.

وأكد ماير في كتابه على أهمية التركيز على المشاعر في عملية التعليم، فعندما تكون المشاعر إيجابية ويكون المتعلمون في حالة من الانفتاح والراحة، فهم في أفضل حالاتهم "للرقي" إلى استخدام القشرة الخارجية للدماغ، أي دماغ التعلم الأساسي، في حين أن المشاعر السلبية والضغط النفسي، تدفع المتعلمين إلى الانكماش، وعدم التركيز على التعليم، وإنما "النجاة".

الدكتور محمد بشارات، أستاذ التنمية البشرية ومدير مركز المحترف وتطوير الذات بالضفة الغربية، أكد بدوره على أهمية إشغال الدماغ بشقيه الأيمن والأيسر في عملية التعليم، للخروج بنهاية المطاف لمهارات متكاملة عند المتلقي.

وأشار بشارات في حديثه لـ"العربي الجديد" لوجود ثلاث نظريات رئيسية تتعلق بعمل الدماغ، هي نظرية روجر سبيري، ونظرية ماكلنز، ونظرية هارفرد.
أما روجر سبيري، فقسمت نظريته الدماغ لشقين، يمين ويسار، وقال إن كل شق مسئول عن الشق المعاكس له.

وتابع بشارات:"فيما يتعلق بالذكاءات، عندما قال روجر إن الشق اليسار مسئول عن المنطق الأرقام القوائم التحليل التفكير، أما الشق اليمين مسئول عن الخيال الصور الألوان العواطف الأحاسيس الحب والموسيقى، فنحن نطور عمل الدماغ، بحيث ندمج بين شقي الدماغ دون الركون على واحد دون الآخر".




ولفت بشارات إلى أن العملية التعليمية التقليدية تركز دائما على الشق اليسار، كالرياضيات واللغة والتفكير وحل مشكلات ونظريات وقوائم كلها تعتمد على الشق اليسار، دون مراعاة للشق اليمين، لذلك نلاحظ بعض الأشخاص لديهم مهارات غير مكتملة، حسب قوله.

وبناء على نظرية روجر، تتم مراعاة الصورة، والخيال، والحب والمشاعر والأحاسيس والموسيقى، فتنتج الاستجابة.

اقرأ أيضا: علًّمْ ابنك كيف يفكر؟

وأكد أن هذه الطريقة تؤثر بشكل كبير بالإنسان المتلقي، فينجذب لطريقة الشخص الذي يراعي كل ذكاءاته، فيتطور الدماغ تطوراً غير عادي، من حيث استقباله للمعلومة وتخزينها، وحفظها بطريقتين، طريقتها المنطقية والعاطفية، بحيث أنه عندما يتذكر أي موقف أو معلومة تلقاها، وتم ربطها بالمشاعر، فلا يمكن أن ينساها، وكما قيل بالمثل الشعبي "الأسى ما بنتسى" وتفسيره العلمي بأن أي معلومة ارتبطت بالمشاعر لا يمكن أن تنسى، سواء مشاعر إيجابية أو سلبية".

ويأتي دور المدرب أو المعلم بحسب بشارات، في تغذية المعلومة مستخدماً المشاعر على أنها تكون معلومة علمياً، ولكن عززتها بطريقة مشاعرية، كالصورة أو الخيال والقصة، وهنا يكون قد راعى شقي الدماغ، وطور الدماغ وعملية التفكير العليا بالشخص المتلقي، وبذلك يتطور أداء المتلقي لليصل لحالة متعة التعلم.

الاحتياجات التحفيزية
وفي حديثه حول نظرية ماكلنز، المتعلقة بدراسة الدماغ، فأشار مدرب التنمية البشرية إلى أنها راعت الاحتياجات التحفيزية، حيث ركز ديفيد ماكلنز صاحب هذه النظرية، على أن الدماغ يعمل بناء على المحفزات التي تعطيه إياها، فكلما حفزت المتلقي كلما استجاب لك".


ولفت بشارات إلى أن هذه النظرية نجحت في مجال العمل، فالعامل أو الموظف عندما يرى أن هناك تحفيزاً له من رب العمل، ويجد تحفيزاً مرتبط بالاحتياجات والعواطف والصلاحيات، ليس فقط بالكلام الذي يسد حاجة التقدير للشخص، وإنما يحفز بالسلطة ومنح الصلاحيات، فإن ذلكسيعزز من قدراته وأدائه.

وأضاف:"عند استخدام نظرية التحفيز في عملية التعليم، وأحفز المتلقي وأراعي نظرية الدماغ والاحتياجات التحفيزية، فأنا أوصل له المعلومة بطريقة غير عادية، ومن يتلقى التعليم بهذه الطريقة يكون لهم تفاعل قوي جداً ومحبين للاندماج وحب للانجاز وتحمل المسؤولية، لانهم في النهاية يملكون قدرات غير عادية".


وبحسب نظرية ماكلنز، يشير بشارات إلى أن هؤلاء الأشخاص متفاعلون جدا، ويحبون أنفسهم بطريقة إيجابية، ويصبح عندهم رغبة غير عادية بتحقيق الأهداف وإنجاز المهام، ويهتمون بالمكافأة المادية والمشاعرية التي ترتبط بالكلمة الجميلة، يشعر بالأمان بالمؤسسة أو المكان الموجود فيه، وتعزز الانتماء عنده، وعندما يتم قياس هذا الأمر على التعليم، فالطالب سيثق بنفسه وبالفريق الموجود، وسيكون محباً ومنتمياً للمؤسسة الموجود فيها، ومقدم على الإبداع، لأنه يكون محفزاً لهذه العملية".


وبهذه النظريات يؤكد بشارات على أن الدماغ يتغذى ويتطور بشكل غير عادي، مشيراً إلى أن الدراسات أكدت على أن الأشخاص الذي يعملون بهذه الطريقة، فإن نمو الدماغ فكرياً وعلمياً عندهم أكثر، ويملكون سعة المعرفة أكثر، وقدرة على السيطرة على النفس والذات تكون أفضل من غيرهم، لأنهم سيشعرون بقيمة أنفسهم".


اقرأ في الملف:
علم طفلك وفق نوع الذكاء الذي يناسبه.. هكذا أسهل
مواهب وذكاءات الأبناء.. استثمار سليم أم استغلال ربحي


المساهمون