ماء بارد ودم أبرد

22 اغسطس 2014
+ الخط -


بعدما تسبَّح مارك زوكربيرغ بسطل الماء البارد، انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي فيديوهات عديدة بثها أشخاص، عاديون ومشاهير، وهم يفرغون الماء على رؤوسهم، بهدف جمع التبرعات لمشاريع خيرية، من بينهم فنانون وسياسيون عديدون، وأصحاب شركات عالمية، كصاحب موقع فيسبوك، وصاحب فكرة أول سطل ماء بارد، وبيل غيتس صاحب مايكروسوفت.

وتقوم الفكرة على أن يصب الشخص سطلاً من الماء البارد على رأسه وجسده، متحدياً بذلك شخصاً آخر يذكر اسمه، ولأننا ببغاوات في كل شيء، حتى في برامجنا التلفزيونية، وملابسنا، والكثير من عاداتنا وتقاليدنا، وحتى معتقداتنا، انتشرت حمى سطل الماء البارد في العالم العربي، وخصوصاً ضمن فرق العمل التطوعي السورية، والتي تقوم على جمع التبرعات لحملات تعليمية، أو صحية، لكن هذه الفرق نسيت أن هناك في الغوطة الشرقية من أبناء جلدتهم من يعانون من الحمى التيفية، والتي تسببت بها المياه الملوثة التي تُسقى بها المزروعات، أو التي أصبحت تتسرب إلى مصادر مياه الشرب، كما نسوا أبناء المناطق المحررة الذين يحاصرهم النظام السوري بقطع المياه والكهرباء ورغيف الخبز، لا بل نسوا حلب التي عاشت مأساةً في نقص مياه الشرب، ولا تزال. حتى أنهم نسوا اللاجئين في مخيم الزعتري، الذين يجمعون التبرعات من أجلهم.

لن أذكر أطفال أفريقيا، أو حتى أميركا اللاتينية، ولن أذكر أطفال الأيزيديين في جبال سنجار، أو أطفال غزة، الذين دمرت بيوتهم ومدارسهم على رؤوسهم، بفعل آلة الإجرام الصهيوني. أنا فقط أحاول أن أبحث عن مبرر لمثل هذا التقليد، وهو سطل الماء البارد، في حين يُقتل شعبنا في البلاد العربية، وتقتل الإنسانية بدم أبرد.

D33E2109-3582-4DE8-96E8-E2889781DBD8
D33E2109-3582-4DE8-96E8-E2889781DBD8
خالد عبد الحميد (سورية)
خالد عبد الحميد (سورية)