مؤسسات التشغيل قد تنقذ الإيرانيين من البطالة

23 مايو 2015
البطالة تدفع الشباب إلى الهجرة (فرانكو كزيرني/Getty)
+ الخط -
يدخلُ أمير إلى مؤسسة "دانشمند" الإيرانية آملاً بتحقيق حلمه. يحملُ استمارة كان قد ملأها في وقت سابق. قبلَ سنوات، كان يحلم بالحصول على شهادة جامعية، وقد حصل على شهادة ليسانس في الفيزياء من جامعة طهران. لكنّ الشاب البالغ من العمر 27 عاماً، يقول إنه "لم يجد حتى الآن أي فرصة عمل تلائمه وتحقق طموحه". بعد بحث طويل، تعرف على مؤسسة "دانشمند" التي قد تُحقّق له ما يريد، على حد قوله.

يحكي أمير أنه "ملأ الاستمارة، وكتب فيها جميع المعلومات المطلوبة"، علماً أنه لا يملك الخبرة التي عادة ما تطلبها العديد من الشركات والمؤسسات. يسأل: "كيف يكون لدي خبرة وأنا لم أحصل يوماً على عمل". مع ذلك، يبدو متفائلاً.

كلام آيدا يبدو مشابهاً لأمير. صحيح أنها لا تملك شهادة جامعية، إلا أنها درست الكومبيوتر في أحد المعاهد، وقد تقدمت بطلب للعمل كسكرتيرة في إحدى الشركات.

لا تختلفُ حالتا أمير وآيدا عن كثير من الشباب في المجتمع الإيراني، الذين يعانون من البطالة. حتى وإن كان بعضهم ما زال على مقاعد الدراسة، إلا أنهم يخشون كابوس البطالة المستقبلية. وفي محاولة لإيجاد حل لهذه المشكلة، تُحاول بعض مؤسسات التشغيل الإيرانية إيجاد رابط بين المؤسسات والشركات التي تطلب موظفين وبين الباحثين عن فرص عمل.

في السياق، تقول مديرة مؤسسة "دانشمند" للتشغيل (تعمل تحت إشراف وزارة العمل)، ليلي دانشمند، إنها عملت سابقاً في مراكز اجتماعية عدة، وكانت على تماس مع مشاكل أبناء مجتمعها. توضح أن "البطالة وعدم توفر فرص عمل ملائمة تعدّ سبباً رئيسياً لمشاكل كثيرة، فقررت إنشاء هذه المؤسسة" التي تعد من أوائل مؤسسات التشغيل الإيرانية وأكثرها شهرة. تضيف لـ "العربي الجديد" أنه "من شأن الوظيفة أن تشغل الأفراد وتسليهم وتزيد من طاقتهم الإيجابية"، قائلة إنها "بدأت العمل في منطقة صغيرة في العاصمة طهران، لكن مؤسستها اليوم تغطي عدداً من المدن الإيرانية الواقعة في محافظات مختلفة".

تستقبلُ "دانشمند" الباحثين عن عمل. تتعرّف عليهم وعلى خبراتهم، التي يكونوا قد كتبوها في الاستمارة. تشير إلى أن "معظم المتقدمين لمؤسستها شباب". تضيف أنها "لا تعتمد على الإعلانات والتسويق للتعريف بمؤسّستها. فمن يجد عملاً عن طريقها، يخبر أصدقائه الذين يلجؤون إليها في وقت لاحق أيضاً".

تعمل "دانشمند"، بالإضافة إلى غيرها من مؤسسات التشغيل، على إيجاد رابط بين الشركات التي تبحث عن موظفين، وطالبي الحصول على وظائف. وتعمل على الملائمة بين مطالب الشركات والموظفين.

يُقدّر عدد سكان إيران بنحو 76 مليون نسمة، فيما يعاني ثلاثة ملايين شخص تقريباً من البطالة، وفق إحصائيات نشرها المركز الوطني للإحصاء في وقت سابق. ويشير إلى أن البطالة بين النساء القادرات على العمل تصل إلى 18.7 في المائة، في مقابل 8.8 في المائة للذكور. وتبلغُ نسبة البطالة بين الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً، 23 في المائة، علماً أنها نسبة ليست ضئيلة على الإطلاق، حتى باتت هاجساً يقلق كثيرين في البلاد.

وتنبّهت الحكومة الإيرانية لهذه المشكلة. وأشار الرئيس حسن روحاني إلى ضرورة حلحلتها، علماً أن إيجاد حلول جذرية يتطلب تكثيف عمل مؤسسات التشغيل هذه، وزيادة عددها، بالإضافة إلى ضرورة إنعاش الاقتصاد، ما سيؤدي إلى توفير المزيد من فرص العمل، بحسب خبراء. ويقول علماء في الاجتماع أن البطالة سببٌ رئيسي لمشاكل أخرى، منها زيادة نسبة الهجرة. وكانت إيران قد أعلنت في وقت سابق عن هجرة 180 ألف إيراني سنوياً من الأدمغة أو النخبة. أيضاً، تؤدي البطالة إلى مشاكل نفسية قد تجعل عدداً من الشباب يلجؤون إلى المخدرات، ويتجلى الأمر من خلال زيادة نسبة الإدمان في المجتمع، على الرغم من أن الإدمان على المخدرات يرتبط بعوامل أخرى أيضاً.

من جهة ثانية، أعلن مركز الاحصاء الرسمي أن الإدمان بات سبباً رئيسياً للطلاق، علماً أن أكثر من نصف حالات الطلاق في المجتمع ترتبط بإدمان الزوج على تعاطي المخدرات. هذه الأرقام والمعلومات تظهر ارتباط المشاكل الاجتماعية في إيران ببعضها البعض، ما يعني إن إيجاد حل لإحداها ينعكس إيجاباً على المشاكل الأخرى. في هذا الإطار، تركز الحكومة على تفعيل عمل مؤسسات التشغيل التي تستطيع أن تساعد الحكومة في حل إحدى أبرز أزمات المجتمع.

إقرأ أيضاً: الإيرانيون متفائلون لكن بحذر