مؤتمر روما لدعم لبنان: طموحات عسكرية وسياسية

15 مارس 2018
لبنان يسعى لمزيد من الدعم الدولي (اندرياس سولارو/فرانس برس)
+ الخط -
ينعقد، اليوم الخميس، مؤتمر دولي في العاصمة الإيطالية روما لدعم الجيش اللبناني بمُشاركة 41 دولة عربية وأجنبية، في أكبر دعم دولي مُباشر للبنان منذ انتخاب ميشال عون رئيسا وإعادة تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة وفق التسوية التي صاغها الرجلان نهاية عام 2016.

وقد حضّرت الأسلاك الأمنية والعسكرية اللبنانية خططاً تمتد على 4 سنوات لإعادة هيكلة الجيش وقوى الأمن الداخلي وتحديد الدعم اللوجستي والمادي والتقني المطلوب لتطوير المنظومة الأمنية اللبنانية.

وقال رئيس الحكومة سعد الحريري، خلال افتتاح المؤتمر، إن "اجتماع 41 دولة لدعم لبنان هو اعتراف بالدور الذي نلعبه بالاستقرار في منطقتنا، وهو دليل على الحاجة إلى بناء المؤسسات الأمنية للدولة، التي هي المدافعة الوحيدة عن سيادة لبنان".

كما ذكّر الحريري المُشاركين بأن لبنان "سيبحث استراتيجية الدفاع الوطني في أعقاب الانتخابات التشريعية في مايو/أيار المقبل".

ويُريد الحريري من المُجتمع الدولي أن يُصدّق أن "الاستراتيجية الدفاعية"، التي خضعت لسنوات طويلة من البحث طوال عهد الرئيس السابق ميشال سليمان دون نتيجة، ستُبتّ في مرحلة سياسية تتقاطع التأكيدات على وصفها بـ"الصعبة" بسبب التعقيدات الكبيرة التي ستمنع تشكيل الحكومة المُقبلة بسرعة بعد انتهاء الانتخابات.

كما استبق الحريري المؤتمر بتصريحات قال فيها إن "القوى السياسية مُلتزمة بسياسة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة"، وذلك في إشارة غير مباشرة إلى "حزب الله" المُنخرط عسكريا وأمنيا وسياسيا في أزمات سورية والعراق واليمن.

وفرض انتشار عناصر تنظيمي "داعش" الإرهابي و"جبهة النصرة" (سابقا) الإرهابيين على حدود لبنان الشرقية طوال سنوات انخراطاً لبنانياً أكبر في المنظومة الأمنية الغربية التي مثّلها "التحالف الدولي لمحاربة داعش" الذي انضم لبنان إليه، استكمالاً لمسار سابق مع الدعم الغربي للقوى الأمنية والعسكرية اللبنانية التي وصفتها الحكومة بأنها "خط الدفاع الأول عن أوروبا في وجه الإرهاب".

وشكّلت المعارك التي خاضها الجيش اللبناني خلال العام الماضي ضد تنظيم "داعش" في الجرود المتداخلة مع سورية أكبر معارك الجيش اللبناني التي خاضها منذ عامي 2013 في منطقة عبرا ضد مُسلحي الشيخ الموقوف (حالياً) أحمد الأسير، وقبلها معركة نهر البارد ضد عناصر تنظيم "فتح الإسلام" المُتطرف شمالي البلاد عام 2007.

ورغم إدارة "حزب الله" الميدانية والتفاوضية للمعارك على حدود لبنان الشرقية مع سورية، وانتهاء معركة الجيش مع مُسلحي "داعش" بصفقة أدارها الحزب وأدت لتأمين خط انسحاب آمن لعناصر التنظيم باتجاه الداخل السوري، إلا أن السلطات اللبنانية سوّقت لهذه المعركة على أنها دليل نجاح وجدوى الدعم الغربي الذي تلقاه الجيش ومدخل لطلب المزيد من المساعدات، علماً أن الدول الغربية، ولا سيما الولايات المُتحدة وبريطانيا، قدمت مساعدات عسكرية ومالية مُخصصة للقطاع العسكري بشكل مُتواصل منذ أكثر من عقد.

وتفاوتت هذه المساعدات بين الجانب التدريبي الذي شاركت فيه قوات خاصة أميركية، بحسب قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي، جوزيف فوتيل، قبل أشهر، وتسليح الجيش اللبناني بأسلحة جديدة نسبياً لم تكن يوماً ضمن ترسانة الجيش، كالطوافات والطائرات المُسيرة والطائرات الصغيرة المُخصصة للتدريب التي تم تعديلها لحمل صواريخ موجهة، ومُدرعات أميركية من طراز "برادلي"، ومدفعية ميدان عيار 155 ملم، وأعتدة مُتنوعة.


وقد ساهم "حزب الله" في تمدده بإضعاف الموقف الرسمي اللبناني من خلال الخطوات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية تجاه لبنان خلال السنوات الخمس الماضية، بدءاً من تعطيل العمل بهبتين بقيمة 4 مليارات دولار أميركي كانت السعودية وعدت بهما لدعم الجيش والقوى الأمنية وصولاً إلى استقالة الرئيس الحريري غير الطوعية التي أعلنها من العاصمة الرياض نهاية العام الماضي.

هذه الخطوات لاقت معارضة دولية من حلفاء السعودية، كالولايات المُتحدة وفرنسا، التي يرى مسؤولوها أن دعم الجيش اللبناني والمؤسسات الرسمية من شأنه أن يُضعف "حزب الله".

ونقل الحريري بعد زيارته الأخيرة إلى الرياض قبل أسبوعين عودة الدعم السعودي الشخصي له وللبنان، وهو ما ستتم ترجمته في مؤتمر روما، بحسب ما أشاعت أوساط الحريري خلال الأيام الماضية في بيروت. وقد التقى الوزير السعودي المُفوّض ورئيس البعثة الدبلوماسية السعودية في لبنان وليد البخاري، بالحريري، في مقر إقامته في روما قبيل انعقاد المؤتمر. كما ستشارك المملكة في مؤتمري باريس وبروكسل اللذين سينعقدان خلال الأشهر المقبلة لدعم الاقتصاد اللبناني ومساعدة لبنان على إدارة أزمة اللجوء السوري.

وقد أقرت الحكومة موازنة عام 2018 على عجل الأسبوع الماضي، لتعزيز موقف لبنان في مؤتمرات الدعم وتحسين صورته المالية أملاً في الحصول على مساعدات إضافية، وذلك بالتزامن مع موعد إجراء الانتخابات في أيار/مايو المقبل، ولجوء بعض القوى السياسية إلى اعتبار مشاركة لبنان في هذه المؤتمرات جزءاً من البرامج الانتخابية الخاصة بها.