اللواء أركان حرب السابق في الجيش المصري، عبد الحميد عمران، الذي كان عضوًا في لجنة تقييم الاستعداد للحرب، قال إن العرب لم يكونوا مستعدين للحرب، وإن القيادة السياسية لم تكن مستعدة فعلًا للحرب، مقابل جدية الطرف الآخر، وإن ما يهزم الجيوش العربية أساسا، الحكام العرب، وذلك برعونتهم وعدم جديتهم.
وأضاف أن الانقلابات العسكرية التي تحدث في كثير من الدول العربية، لا تستولي على الدولة فقط وتحتلها، وإنما تحتل أيضًا القوات المسلحة، وتفقدها القرار.
والعبر المستفادة من هذه الهزيمة، حسب عمران، هي أنه يجب أن يكون للحرب هدف عقلاني يمكن تحقيقه على الأرض، فالحرب لا يتم إشعالها لذاتها، وإنما لهدف محدد من ورائها، وأن على العرب التفكير مليا في ما هو الثمن الذي يجب أن يدفعوه مقابل السلام؟ وخلص إلى القول إنه لا يمكن الحديث عن أمن قومي عربي دون وجود برنامج نووي عربي، وإنه بمجرد إعلان النية عن ذلك، فإن إسرائيل ستغير سياستها.
ومن أسباب الهزيمة العربية في حرب 67 كما يقدمها الفريق الركن السابق في الجيش العراقي يونس الذرب، أنه لم يكن هناك تنسيق حقيقي بين الأجهزة العسكرية العربية، وأن الخطط العسكرية العربية خطط دفاعية بحتة بخطوط دفاعية ثابتة، ولم تراع هذه الخطط القيام بتقدم غير مباشر أو الالتفاف على الدفاعات العسكرية. ولفت إلى أنه لم يكن هناك تنسيق بين الجبهتين الأردنية والسورية، وقد طلبت كل من الجبهتين ألوية عسكرية من العراق للمشاركة في القتال، لكن العراق فضل القتال على الجبهة الأردنية لأسباب مختلفة، منها ضيق الجبهة السورية وكون الجبهة الأردنية أقرب للمقدسات التي ينبغي الدفاع عنها.
وأبرز ما رواه المقدم المتقاعد في الجيش الأردني، غازي ربابعة، الذي قاتل مع جنوده في مدينة القدس قبل احتلالها، أن العرب كانوا مولعين بالتقيد باتفاقيات الهدنة رغم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة خلالها، حيث احتلت إسرائيل خلال هذه الفترات العديد من القرى والمناطق الفلسطينية، لافتا إلى أنه خلال الحرب لو تقدم الجيش الأردني إلى مواقع متقدمة على الجبهة ولم يبقَ في الغور كما جرى التخطيط عسكريا لذلك، لما كانت الهزيمة التي وقعت بهذه الصورة.
وكانت الجلسة الأولى للمؤتمر قد تناولت تداعيات حرب 67 فلسطينيا، فقدم الباحث معين الطاهر ورقة بعنوان "أثر الحرب في المقاومة الفلسطينية"، وتناول الأثر الذي تركته الهزيمة في تطور المقاومة الفلسطينية في المجالات العسكرية والشعبية والتنظيمية، وعلاقتها بالأنظمة والشعوب العربية، وانعكاس ذلك على القضية الفلسطينية. كما تطرق إلى وضع المقاومة الفلسطينية قبل الخامس من حزيران/ يونيو بإرهاصاتها وتشكيلاتها، وموقف الأنظمة العربية منها، وعلاقتها بالقيادة العربية المتحدة، ووجود إرهاصات لتشكيل منظمات فلسطينية أخرى، وتأثير جمال عبد الناصر في ذلك، فضلًا عن أثر الحرب المباشر في انطلاقة فتح الثانية.
وكان من نتائج الهزيمة أنه لم تعد الجماهير الفلسطينية تؤمن بالحكومات العربية، ما أدى إلى تطور تشكيلات الأحزاب الفلسطينية، وتمكنت من إقامة قواعد لها في البلدان العربية. ومع نهاية الحرب توقفت ملاحقة العمل الفدائي الفلسطيني، بل أصبحت بعض الحكومات تؤمن بدوره. كما تطرق إلى كيفية تحويل المقاومة الهزيمة إلى تعزيز العمل الوطني الفلسطيني، ثم ما لبثت أن دخلت في مشاريع جانبية.
وناقش الباحث محمد السمهوري "تأثير حرب حزيران/ يونيو في الاقتصاد الفلسطيني في الضفة والقطاع"، وذكر أن الحرب تركت أثرًا سلبيًا عميقًا في الاقتصاد الفلسطيني، ما زال يعاني تداعياتها حتى اليوم. فبعد احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، تم وضع الاقتصاد الفلسطيني تحت السيطرة المشددة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي قامت باستغلال الأرض والموارد المائية في الضفة الغربية والقطاع لمصلحة الاحتلال. كما عرقلت نشاط القطاع الخاص الفلسطيني ومنعت تطوره، وفرضت قيودًا مشددة على حركة الأفراد والتجارة داخل الأراضي المحتلة وخارجها، وحولت الاقتصاد الفلسطيني إلى رهينة للسوق الإسرائيلية.
أما الرواية الإسرائيلية بأن تأثير إسرائيل كان إيجابيًا، فهي رواية مغلوطة ومضللة؛ فقد أدت الممارسات الإسرائيلية إلى حدوث انهيار اقتصادي في قطاع غزة، وظهور أزمات إنسانية غير مسبوقة، ما أدى إلى تزايد معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن، وانعزال الاقتصاد الفلسطيني عن محيطه العربي، وإلحاقه بالاقتصاد الإسرائيلي.
فيما عرض سري أكرم زعيتر قراءة في مذكرات والده الكاتب والمؤرخ الفلسطيني الراحل أكرم زعيتر، الذي رصد المبالغات التي كانت تبثها وتصدرها الإذاعات العربية عن التقدم والانتصارات التي تحققها القوات العربية ضد القوات الإسرائيلية، والرواية التي كانت تقدمها الإذاعة ووسائل الإعلام الإسرائيلية. كما تناولت الورقة البرقيات التي جرت بين الملك حسين والقيادة المصرية عن نتائج الحرب وعن طبيعة العلاقات العربية الغربية بعد الحرب.